يبحث الإنسان في زحام الحياة اليومية، وبين مشاغل العمل والالتزامات المتعددة، عن لحظات يجد فيها الراحة والطمأنينة، ومن بين العبادات التي تمنح النفس صفاءً روحيًا وتجدد النشاط الجسدي والذهني، تأتي صلاة الضحى، التي عُرفت في السنة النبوية بـ “صلاة الأوابين”، فهي صلاة المحبين لربهم، الذين يعودون إليه في كل حين، ويحرصون على نيل رضاه وفضله.

ما هي صلاة الضحى؟

صلاة الضحى هي صلاة نافلة تُصلَّى في وقت الضحى، أي بعد شروق الشمس بقرابة 15 دقيقة، وحتى قبل أذان الظهر بحوالي 10 دقائق. تُعرف أيضًا بـ”صلاة الأوابين”، إشارة إلى كثرة توبة وعودة المصلي فيها إلى الله، فهي صلاة تملأ القلب بالسكينة وتجلب البركة في اليوم.

مكانتها في الإسلام

حظيت صلاة الضحى بمكانة عظيمة في الإسلام، إذ جاءت في أحاديث نبوية عديدة تؤكد فضلها وأجرها العظيم. فقد قال النبي ﷺ:

“يصبح على كل سُلامى من أحدكم صدقة، فكل تسبيحة صدقة، وكل تحميدة صدقة، وكل تهليلة صدقة، وكل تكبيرة صدقة، وأمرٌ بالمعروف صدقة، ونهيٌ عن المنكر صدقة، ويجزئ من ذلك ركعتان يركعهما من الضحى”. (رواه مسلم)

وهذا الحديث يشير إلى أن صلاة الضحى تعادل أجر الصدقات اليومية التي يؤديها المسلم عن كل مفصل من مفاصل جسده، فيكون بذلك شاكراً لله على نعمة الصحة والعافية.

فضل صلاة الضحى

1. تحقيق البركة في الرزق: فقد رُوي عن النبي ﷺ أنه قال: “اللهم بارك لأمتي في بكورها”. والصلاة في هذا الوقت من النهار تُدخل البركة في اليوم وتجلب التيسير في الأمور.
2. كفاية اليوم كله: روى الترمذي عن النبي ﷺ أنه قال: “قال الله عز وجل: يا ابن آدم، لا تعجز عن أربع ركعات من أول النهار أكفك آخره”.
3. صلاة الأوابين: سُمِّيت بذلك لأن الأوابين هم الذين يُكثرون الرجوع إلى الله بالتوبة والطاعة، وصلاة الضحى تعبير عن هذا التعلق بالله.
4. تعويض عن قيام الليل: لمن لم يستطع قيام الليل، يمكنه أن يعوّض ذلك بصلاة الضحى، كما جاء في بعض الأحاديث النبوية.
5. سبب لمغفرة الذنوب: فقد ورد في الحديث أن من حافظ على صلاة الضحى غفرت ذنوبه، وهذا دليل على أهميتها في تطهير القلب والنفس.

كيفية صلاة الضحى

• عدد ركعاتها: تبدأ من ركعتين، ويمكن أن تزيد إلى أربع أو ست أو ثمان أو حتى اثنتي عشرة ركعة، حسب الاستطاعة.
• كيفية أدائها: تُصلَّى ركعتين ركعتين، كما كان يفعل النبي ﷺ، ويمكن للمصلي أن يقرأ في الركعات ما يشاء من القرآن بعد الفاتحة.
• وقتها: من بعد شروق الشمس بـ 15 دقيقة إلى قبل أذان الظهر بـ 10 دقائق.

قصص عن المواظبين عليها

من الصحابة الذين كانوا يحرصون على صلاة الضحى: أبو هريرة رضي الله عنه، الذي قال: “أوصاني خليلي بثلاث: صيام ثلاثة أيام من كل شهر، وركعتي الضحى، وأن أوتر قبل أن أنام”. كما ورد أن الخلفاء الراشدين كانوا يؤدونها ويحثّون الناس عليها.

الخاتمة

صلاة الضحى ليست مجرد ركعات يؤديها المسلم في وقت معين، بل هي نافذة للراحة النفسية، وطريق لنيل الرضا الإلهي، ووسيلة لجلب البركة والتوفيق في اليوم. فمن أراد أن يبدأ يومه بطاقة إيجابية ونشاط، فما عليه إلا أن يجعل من صلاة الضحى عادة يومية لا تفوته.

فهل ستكون من الأوابين الذين يحافظون عليها؟