يسري جبر: للمرأة أجر الصدقة من مال زوجها إذا أُذِن لها

تقرير: مصطفى على
في ظل تساؤلات متكررة تتعلق بحقوق المرأة في بيت الزوجية وحدود تصرفها في مال الزوج، جاء الجواب الوافي من الدكتور يسري جبر، أحد علماء الأزهر الشريف، خلال حلقة جديدة من برنامج “أعرف نبيك” على قناة الناس حيث تناول مسألة تصدق المرأة من مال زوجها دون علمه، مستندًا إلى الأدلة الشرعية والضوابط الفقهية والعُرفية، ليقدّم طرحًا وسطيًا يراعي القيم الإسلامية ويوازن بين الأمانة الزوجية وروح التعاون الأسري.
الأصل في التصرف هو الإذن..
المرأة مأجورة على صدقتها متى توافرت النية الطيبة والإذن المشروع
بدأ الدكتور يسري جبر فتواه بالتأكيد على أن المرأة إذا تصدقت من مال زوجها، وكان قد أذن لها بذلك سابقًا، سواء تصريحًا بالقول أو دلالةً بالفعل والعادة، فإن صدقتها مأجورة أجرًا كاملاً. وأوضح أن هذا الإذن لا يشترط أن يكون لفظيًا في كل مرة، بل قد يكون عرفيًا مستقرًا من خلال المعاشرة اليومية وفهم شخصية الزوج وتكرار التصرفات التي تدل على القبول.
واستند في فتواه إلى الحديث الشريف الذي قال فيه النبي ﷺ:
“إذا أنفقت المرأة من طعام بيتها غير مفسدة، كان لها أجرها، ولزوجها أجره بما كسب، وللخازن مثل ذلك، لا ينقص بعضهم من أجر بعض شيئًا.”
وأشار إلى أن هذا الحديث يُظهر عدل الشريعة وفضلها في توزيع الأجر بين من أنفق المال، ومن سمح به، ومن أوصله للمحتاج، في إطار يُعزز روح التكافل والتعاون داخل الأسرة المسلمة.
ذكر الطعام لا يحد الحكم
الحديث يشمل كل ما أُذن في التصدق به.. من الطعام إلى الثياب
أوضح الدكتور جبر أن ذكر الطعام في الحديث الشريف لا يُفهم على أنه قصر للحكم عليه فقط، بل جاء لأنه من أكثر ما يُستهلك ويتكرر استخدامه في الحياة اليومية. وأكّد أن الحكم ينسحب على غيره من الأمور المتكررة، مثل الثياب القديمة، أو الأحذية، أو الأدوات المنزلية، التي جرى العُرف على استبدالها والتصدق بها، بشرط أن يكون الزوج قد اعتاد ذلك وأذِن به ضمنًا.
وأضاف أن المرأة تُؤجر على هذا التصرف، ما دامت لا تُفسد، ولا تُسرف، ولا تتعدى حدود ما هو مأذون به شرعًا أو عرفًا، لأن الشريعة الإسلامية تربط بين النية والإذن والمصلحة في تقرير أحقية التصرف.
أجر مضاعف للزوج الكريم
من سَنَّ الكرم في بيته نال أجر التوجيه وأجر المال
واحدة من أبرز النقاط التي أضاءها الدكتور جبر في حديثه، أن الزوج يُثاب مرتين في حال تصدق أهل بيته من ماله بإذنه فهو يُؤجر أولًا لأنه صاحب المال، وثانيًا لأنه عوّد زوجته وأبنائه على الكرم والعطاء، فينال بذلك أجر من سَنّ في أهله سنة حسنة، مصداقًا لقول النبي ﷺ:
“من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها.”
وبهذا يبيّن الشرع أن الإحسان عادة لا تنفصل عن القدوة، وأن الرجل الذي يُرسّخ في بيته مفاهيم الجود والسخاء، لا يُحرم أجرًا، بل يناله مضاعفًا، لأن ما غرسه أثمر أفعالًا نافعة ومستمرة.
من يُناول الصدقة له أجر أيضًا
حتى العامل في الخير مأجور بنيته وسلوكه
من الجوانب الراقية التي استعرضها الدكتور جبر، أن الخادم أو الخازن أو أي شخص يُكلف بمناولة الصدقة للمحتاج، يؤجر أيضًا، حتى وإن لم يكن هو صاحب المال، بشرط أن يُخرج المال بطيب نفس، وسرعة، وأدب في التعامل، لأن الإسلام لا يفصل بين الإحسان المالي والسلوكي.
وأكد أن هذا الفهم يُظهر رُقيًا أخلاقيًا في التعامل مع السائل والمحتاج، ويعكس تربية النبي ﷺ لأمته على مكارم الأخلاق حتى في أبسط الأعمال اليومية.
إشراك الأبناء والأصدقاء في العطاء
تربية عملية على الصدقة تبدأ بالمشاركة وتنتهي بغرس القيم
لفت الدكتور جبر النظر إلى جانب تربوي مهم، وهو أن تكليف الأبناء أو الأصدقاء بإعطاء الصدقة للمحتاج، يُعد وسيلة عظيمة لترسيخ قيمة العطاء في نفوسهم. فحين يرى الطفل أن يده تمتد بالخير، وأنه جزء من عملية الإحسان، فإن ذلك يترك أثرًا عميقًا في بناء شخصيته الأخلاقية والدينية.
وأضاف أن هذا التطبيق العملي يتوافق مع قول النبي ﷺ:
“الدال على الخير كفاعله.”
وبذلك يُؤجر كل من ساهم أو شارك أو أرشد في عملية العطاء، لأن النية والعمل والتعاون كلّها تُحتسب في ميزان الحسنات.
رسالة تربوية ختامية
الأسرة شريك جماعي في الأجر.. والنية الصالحة مفتاح لكل خير
اختتم الدكتور يسري جبر حديثه بالتأكيد على أن الأسرة التي تُربى على الإحسان، والتسامح، والكرم، تُصبح بيتًا منيرًا بالخير، وشريكًا جماعيًا في أجر الصدقة فليس فقط من يملك المال هو من يُؤجر، بل كذلك من يشارك، ومن يُربي، ومن يُناوِل، ومن يُوجّه.
وبيّن أن المرأة في بيت الزوجية ليست خادمة لمال الزوج، بل شريكة في نيته وأجره، ما دامت تتحرك ضمن الإذن الشرعي أو العرفي، وبنية سليمة، وسلوك مستقيم.
لمتابعة الحلقة الكاملة على قناة الناس:
اضغط هناhttps://www.youtube.com/watch?v=AHqYpjxix-o