اغتنم رمضان.. رد المظالم عبادة قد تنقذك يوم القيامة
رمضان شهر التوبة.. هل أعدت الحقوق إلى أصحابها؟

يحل علينا شهر رمضان، شهر الرحمة والمغفرة، حيث يتسابق المسلمون في أداء العبادات من صيام وقيام وقراءة للقرآن، طمعًا في رضا الله ومغفرته. لكن رغم هذه الطاعات، يغفل البعض عن عبادة عظيمة قد تكون مفتاح قبول الأعمال: إرجاع الحقوق إلى أصحابها.
حق الآخرين.. أولوية قبل العبادات
الإسلام شدد على أهمية رد المظالم قبل الوقوف بين يدي الله، حيث قال النبي ﷺ: “من كان عنده مظلمة لأخيه من عرضه أو شيء، فليتحلله منه اليوم، قبل ألا يكون دينار ولا درهم…” (رواه البخاري). هذه الوصية النبوية توضح أن تأخير الحقوق أو ظلم الآخرين ليس مجرد ذنب، بل قد يتحول يوم القيامة إلى خصومة تؤدي إلى فقدان الحسنات.
الكثير يعتقد أن أكل أموال الناس بالباطل يقتصر على السرقة، لكن الحقيقة أن المماطلة في سداد الديون، تعطيل المستحقات، حرمان الورثة من حقوقهم، أو التحايل على القوانين لمصادرة أموال الآخرين كلها صور من الظلم الذي نهى عنه الإسلام.
الميراث.. أمانة لا يجوز التلاعب بها
من أكثر القضايا انتشارًا في المجتمعات حرمان بعض الورثة من نصيبهم الشرعي، رغم أن الله سبحانه وتعالى تولى بنفسه تقسيم الميراث في القرآن، فقال: “يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ…” (النساء: 11). النبي ﷺ أكد ذلك بقوله: “إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه، فلا وصية لوارث” (رواه أبو داود).
ومع ذلك، نجد حالات كثيرة يتلاعب فيها البعض بالميراث، إما عبر التهرب من تقسيمه، أو استغلال الجهل بالقانون، أو الضغط على بعض الورثة للتنازل عن حقوقهم. لكن هذا الظلم له عقاب خطير، فقد قال النبي ﷺ: “مَن قَطَعَ مِيرَاثًا فَرَضَهُ اللَّهُ، قَطَعَ اللَّهُ مِيرَاثَهُ مِنَ الجَنَّةِ يَومَ القِيَامَةِ” (رواه ابن ماجه).
التوبة ورد الحقوق.. باب مفتوح في رمضان
رغم خطورة الظلم، إلا أن الإسلام دائمًا يفتح أبواب الأمل، فقد وعد الله من يتوب ويرد الحقوق بأن يمحو ذنوبه، بل ويبدلها حسنات، كما في قوله تعالى: “إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ” (الفرقان: 70).
لذا، ومع حلول هذا الشهر الفضيل، فليبدأ كل شخص بمراجعة نفسه: هل لديه حق مؤجل للآخرين؟ هل هناك مظلمة بحاجة إلى تصحيح؟ هل هناك ورثة لم يحصلوا على نصيبهم الشرعي؟ رمضان فرصة عظيمة لإنهاء هذه الملفات، حتى تُقبل الطاعات وتُكتب الأعمال في ميزان الحسنات.
دعوة إلى التصالح ورد الحقوق
في ختام التقرير، تدعو وزارة الأوقاف المصرية الجميع إلى استغلال رمضان ليس فقط في الصيام والصلاة، بل أيضًا في إعادة الحقوق إلى أصحابها. فمن أعظم العبادات أن يخرج الإنسان من الشهر الكريم وقد طهر نفسه من حقوق الآخرين، ليبدأ صفحة جديدة مع الله ومع الناس.