
يأتي شهر رمضان من كل عام يحمل معه نفحات روحانية وخيرات عظيمة تملأ النفوس بالسكينة والإيمان، فليس شهر للصيام عن الطعام والشراب والشهوات، بل هو حالة روحانية سامية، تتنزل فيها البركات الربانية، وتغمر القلوب بفيض من الصفاء والتقوي، ما يجعل المسلمين يترقبونه من عام إلى عام بشوق وحنين.
وفي هذا الصدد أجرى موقع “اليوم” مع الدكتور محمد حسني رئيس منطقة سوهاج الأزهرية بسوهاج، وحديث عن عبادة الصيام ودرجاته وفضل ليلة القدر والكثير من أحب الأعمال التي تميز الشهر الكريم:-
في البداية يتحدث الدكتور محمد حسني رئيس منطقة سوهاج الأزهرية بسوهاج عن عبادة الصيام فهي عبادة روحية يمسك فيها الصائم عن الطعام والشراب، وينبغي أن تكون خالية من الرياء لا شرك فيها ويتحقق فيها الإخلاص.
درجات الصوم
ويستكمل الشيخ حسني أن الصيام على ثلاث درجات هو صوم العوام، وصوم الخواص، وصوم خواص الخواص، مشيراً أن صوم العوام: هو الإمساك عن شهوتى البطن والفرج مع إرسال الجوارح في الزلات، وإهمال القلب في الغفلات، وصاحب هذا الصوم ليس له من صومه إلا الجوع؛ لقوله صل الله عليه وآله وسلم: “من لم يدع قول الزور والعمل به، فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه رواه البخاري، وأما صوم الخواص: فهو إمساك الجوارح كلها عن الفضول، وهو كل ما يشغل العبد عن الوصول، وحاصلة: حفظ الجوارح الظاهرة والباطنة عن الاشتغال بما لا يعنى ، وأما صوم خواص الخواص: فهو حفظ القلب عن الالتفات لغير الرب.

الصيام وتقوية الإرادة :
وهي عزيمة الامتناع عن الطعام والشراب والشهوة وتقوية عزيمة العمل، فالإرادة هي القوة الداخلية التي تمكن الإنسان من تحقيق أهدافه، فالعزم هو الإرادة القوية التي تتوكل على الله تعالى، وتستمد منه العون والقوة، والتغلب على الصعاب، ومقاومة المغريات. وهي من أعظم النعم التي منحها الله للإنسان، إذ بها يرتقي إلى مراتب الكمال، ويحقق النجاح في الدنيا والآخرة. وبين القرآن الكريم إلى أهمية الإرادة في قوله تعالى بسم الله الرحمن الرحيم : “فإذا عزمت على الله إن الله يحب المتوكلين” صدق الله العظيم سورة آل عمران.
الصيام وتهذيب النفوس:
أن الصيام وقلة الطعام تجعل الروح تتسامي وترتفع مع الله تعالي ، وأن حفظ النفس حفظا صحيا، أن للصوم أثرا بالغا في حفظ مقومات النفس الثلاثة، عن طريق حفظ صحتها، ودفع مضرتها، وما يجلب مرضها، ويؤكد ذلك عموم قوله تعالى: (وأن تصوموا خير لكم إن كنتم تعلمون)، وأن يصوم الإنسان فإنه يمارس ضبط النفس بشكل عملي ، فهو يمتنع عن الطعام والشراب، ويمتنع عن الغيبة والنميمة، ويمتنع عن كل ما يفسد صومه، هذا الامتناع ليس مجرد فعل جسدي، بل هو تمرينٌ روحيٌ ونفسيٌ يعلِّم الإنسان كيف يسيطر على رغباته، وكيف يوجهها نحو الخير.
أفضل وسائل الذكر في رمضان
وأضاف رئيس منطقة سوهاج الأزهرية إن الذكر منه الواجب المفروض، ومنه المستحب، وهو له فضل وأجر عظيم يزيد ويضاعف في شهر رمضان، جاء في الحديث القدسي (وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه، وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه).
وأشار أنه من أفضل الأذكار المستحبة في شهر رمضان قراءة القرآن الكريم حيث قال الله سبحانه وتعالى “فاستمسك بالذي أوحي إليك إنك على صراط مستقيم وإنه لذكر لك ولقومك وسوف تسألون”، وترديد لا إله إلا الله لما أخبر به رسول الله (أفضل الذكر: لا إله إلا الله، وأفضل الدعاء: الحمد لله)، و الإكثار من الصلاة على سيدنا محمد التي فيها الخير والفوز والفرج وإزالة الهموم، قال صلى الله عليه وسلم (من صلى علي صلاة واحدة صلى الله عليه عشر صلوات، وحطت عنه عشر خطيئات، ورفعت له عشر درجات).
ليلة القدر
أما عن ليلة القدر فمن قامها إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه، فهي عظيمة الشأن يستجاب فيها الدعاء، وحثنا النبي صل الله عليه وسلم أن ندعوا فيها بهذا الدعاء” اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عنا”، وقد وصفها المولى سبحانه في القرآن الكريم بوصفين عظيمين، هما الخيرية والبركة، وقال تعالى فى كتابه العزيز (إنا أنزلته في ليلة القدر ، ليلة القدر خيرٌ من ألفِ شهر) ويعظم فيها الأجر لمن يقيمها.
وحثَّ النبي الكريم أمته على تحرِّي هذه الليلة وترقبها في العشر الأواخر من شهر رمضان بغية الثواب والمغفرة، فقال صلى الله عليه وسلم “تحروا ليلةَ القدْر في العشر الأواخر من رمضان”، والسر في إخفائها حتى ينشط الناس في العبادة ويجِدُّوا في فعل الطاعات في جميع هذه الأيام لينالوا عظيم الثواب ويفوزوا برضوان الله تعالى وجناته.
مفاسد الصيام :
وذكر الشيخ حسني بانه توجد أمور يستمر تحريمها ليس في نهار رمضان وليله بل وفى كل الاوقات، وإن فعلها المسلم فى أثناء صيامه فسدت عليه الصيام، مثل الغيبة والنميمة والكذب والرشوة والظلم والسرقة، فتلك الأمور تفسد الصيام وتنقصمن أجره، مشددين على ضرورة أن تصوم جوارح المسلم عن المعاصى والآثام حتى يأخذ الأجر كاملا.
طلب العلم في رمضان :
واختتم الشيخ حسني حديثه بأن أسمي أوقات طلب العلم ويفضل فيها كثرة قراءة القرآن الكريم، وقد قال النبي صلى لله عليه وسلم” من سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له به طريقا إلى الجنة”، وقد كان جبريل عليه السلام يلقى نبينا الكريم في كل ليلة من رمضان فيدارسه القرآن، ويتناوبان قراءته أو يتشاركان في القراءة معًا.
وأكد أن العلم يرتقي بالعقول والنفوس لتنال الدرجات العلى، فهما، وقال تعالى بسم الله الرحمن الرحيم الرحيم “يرفعِ اللهُ الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات” فقرن سبحانه الإيمان الذي يمثل الصيامُ أهم أركانه وأعمدته بالعلم، فبهما يرتفع المسلم ويرتقي ويسعد في الدنيا والآخرة.
