يُعد يوم 19 رمضان واحدًا من الأيام التي شهدت أحداثًا محورية في التاريخ الإسلامي تركت بصمات واضحة على مسار الأمة الإسلامية فمن تعيين سلاطين وقادة إلى رحيل شخصيات بارزة أثرت في مسيرة الفكر والقيادة، يحمل هذا اليوم ذكريات لمواقف وتغيرات مهمة في هذا التحقيق، نسلط الضوء على أبرز الوقائع التي شهدها هذا اليوم عبر التاريخ.
برقوق.. السلطان الذي وضع بصمته في حكم مصر
في التاسع عشر من رمضان عام 784 هـ صعد السلطان الملك الظاهر سيف الدين برقوق إلى عرش مصر ليبدأ مرحلة جديدة في تاريخ الحكم المملوكي.
وُلد برقوق في القفقاس عام 740 هـ، وأُحضر إلى القاهرة وهو في العشرين من عمره حيث تلقى تدريباته العسكرية وانضم إلى الجيش المصري.
بفضل براعته في فنون الحرب والفروسية ارتقى برقوق بسرعة في المناصب العسكرية فشغل منصب أمير طبلخانه ثم أمير آخور، إلى أن أصبح أتابك العسكر عام 779 هـ وهو المنصب الذي أهّله لاحقًا للوصول إلى عرش السلطنة.
تميّز عهده بتحولات سياسية مهمة حيث تمكن من ترسيخ حكم المماليك البرجية وواجه العديد من التحديات الداخلية والخارجية ليظل أحد أبرز السلاطين الذين أثروا في تاريخ مصر المملوكية.
أيوب بن شرحبيا.. والي مصر الذي سار بسيرة عمر بن عبد العزيز
في 19 رمضان عام 101 هـ، توفي أيوب بن شرحبيا أحد أبرز ولاة مصر في عهد الخليفة عمر بن عبد العزيز.
عُرف أيوب بتطبيقه لمبادئ العدل والإصلاح حيث اهتم بتحسين أحوال المصريين وإغلاق الحانات، في محاولة للحد من الفساد الأخلاقي.
كما عمل على تعزيز الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، مما جعله يحظى بتقدير واسع بين أهل مصر الذين وجدوا فيه نموذجًا للوالي العادل الذي لم يسعَ إلى السلطة بقدر ما سعى إلى تحقيق العدالة الاجتماعية في ولايته.
وفاة الملك المظفر تقي الدين.. أحد أعمدة دولة صلاح الدين الأيوبي
في العاشر من أكتوبر عام 1191 م، الموافق لـ19 رمضان رحل الملك المظفر تقي الدين عمر ابن شاهنشاه بن أيوب وأحد أبرز قادة الدولة الأيوبية.
كان تقي الدين أحد المقربين من عمه صلاح الدين الأيوبي، حيث تولى إدارة العديد من الأقاليم، من بينها حماة ومدن أخرى كما شارك في معارك مهمة بجانب عمه، وكان له دور بارز في مقاومة الحملات الصليبية.
عند وفاته تم نقل جثمانه إلى حماة، حيث دُفن هناك وظل اسمه مرتبطًا بالدولة الأيوبية باعتباره أحد أمرائها المخلصين الذين أسهموا في ترسيخ حكم الأسرة الأيوبية في المنطقة.
رحيل الشيخ محمد الفقيه اليونيني.. عالم حنبلي بارز
في 19 رمضان عام 658 هـ، فقدت الأمة الإسلامية أحد علمائها البارزين وهو الشيخ محمد الفقيه اليونيني الحنبلي البعلبكي.
كان يُعرف بغزارة علمه وتميز بحفظه الواسع للنصوص الشرعية، مما جعله أحد المراجع الفقهية الهامة في المذهب الحنبلي.
لم يكن الشيخ اليونيني مجرد فقيه، بل كان عابدًا ناسكًا، معروفًا بالتقوى والزهد ترك خلفه إرثًا علميًا ما زال يُستفاد منه حتى اليوم، خاصة في مجالات الفقه والتفسير.
وفاة الإمام الأكبر محمود شلتوت.. شيخ الأزهر المجدد
في مثل هذا اليوم من عام 1963 م، فقدت الأمة الإسلامية الشيخ محمود شلتوت الإمام الأكبر وشيخ الأزهر، الذي قاد الأزهر نحو مرحلة جديدة من الإصلاح والتجديد.
وُلد الشيخ شلتوت عام 1893، وبدأ رحلته العلمية في الأزهر حتى حصل على إجازة العالمية عام 1918 بدأ حياته المهنية مدرسًا ثم تدرج في المناصب داخل الأزهر حيث عمل في التدريس بالقسم العالي ثم تولى وكالة كلية الشريعة، ليصبح لاحقًا عضوًا في هيئة كبار العلماء.
في عام 1958، تم تعيينه شيخًا للأزهر ليكون أول من يحمل لقب الإمام الأكبر حيث شهد الأزهر في عهده إصلاحات جذرية في المناهج وإدخال العلوم الحديثة، والتقريب بين المذاهب الإسلامية.
أحد أبرز إنجازاته كان إصدار فتوى تجيز التعبد بالمذهب الجعفري مما اعتُبر خطوة تاريخية في التقريب بين السنة والشيعة، بالإضافة إلى جهوده في تجديد الفقه الإسلامي لمواكبة قضايا العصر.
رحل الإمام شلتوت في 19 رمضان، لكنه ترك وراءه إرثًا فكريًا ودينيًا عظيمًا، لا يزال مؤثرًا في العالم الإسلامي حتى اليوم.
يوم يحمل ذكريات غيرت مسار التاريخ
يوم 19 رمضان لم يكن مجرد يوم عادي في التقويم الإسلامي، بل كان شاهدًا على تغييرات سياسية وإصلاحات دينية ووفاة شخصيات أثرت في مسار الأمة من السلاطين والقادة إلى العلماء والمجددين شكّل هذا اليوم محطات فارقة في التاريخ الإسلامي وظلت آثاره ممتدة حتى يومنا هذا.
