بنانا أرت.. مشروع شبابي في سوهاج يعيد تدوير مخلفات الموز إلى شنط يدوية مستدامة

في قلب صعيد مصر، وتحديداً في مراكز ساقلتة والبلينا ودار السلام بمحافظة سوهاج، حيث تنتشر زراعة الموز على مساحات واسعة، انطلقت مبادرة شبابية مبتكرة تحت اسم “بنانا أرت”، حولت بقايا أشجار الموز من عبء بيئي إلى فرصة اقتصادية صديقة للبيئة.

محمد يسري، الحاصل على ليسانس الحقوق، ومؤسس المشروع، أوضح أن محافظة سوهاج تنتج أكثر من 56 ألف طن من مخلفات زراعة الموز سنوياً، وخاصة في مركز ساقلتة، حيث كان المزارعون يتخلصون من تلك المخلفات بالحرق أو بإلقائها في الترع، ما يسبب أضراراً بيئية جسيمة.

وأضاف: “بدأت أبحث عن حل واقعي، فوجدت ماكينة هندية لاستخلاص ألياف الموز، لكن ثمنها تجاوز 45 ألف جنيه، فقررنا تصنيعها محلياً داخل إحدى ورش سوهاج بتكلفة 9 آلاف فقط، وده كان بداية مشروعنا في أواخر 2019.”

وبعد نجاح تصنيع الماكينة، انطلقت خطوات الاستفادة من المخلفات، بتحويلها إلى منتجات عملية، وعلى رأسها الشنط اليدوية المصنوعة بالكامل من ألياف الموز.

وعن مراحل تصنيع الشنطة، يوضح يسري:
“نبدأ بأخذ الخيوط المستخرجة من ألياف أشجار الموز بعد فصلها، ثم نقوم بغسلها وتنظيفها جيداً، ثم تسريحها باستخدام أمشاط خشبية خاصة، بعد كده بنبدأ مرحلة النسج باستخدام النول اليدوي لصنع الحصيرة التي تشكل الجزء الأساسي من الشنطة، حسب التصميم المطلوب.. في شنط بتحتاج حصيرة كاملة، وفي تصميمات تانية بنستخدم نص حصيرة فقط، فبنقصها بالشكل المناسب.”

واستكمل : ” تأتي المرحلة التالية وهي مرحلة إضافة الجلد، حيث يتم قصه وتفريغ أجزاء منه حسب شكل الشنطة، يلي ذلك مرحلة التخريم – وهي الخطوة التي تسبق الخياطة – ثم تأتي عملية التشطيب النهائية، التي تشمل أيضاً إضافة طبقة من الجلد أسفل الألياف لحمايتها وزيادة متانتها.”

تصريحات العملاء

وقد لاقت الشنط المصنوعة من ألياف الموز إعجاباً واسعاً من الزبائن، حيث تقول اسماء عبد الحميد، إحدى العميلات من سوهاج:
“اشتريت شنطة من معرض ساقلتة، واتبهرت بجمالها وخامتها.. مفيش فرق بينها وبين الشنط المستوردة، بل أحلى كمان لأنها مصنوعة بإيد مصرية وبخامة طبيعية.”

ومن جانبها تضيف شيرين محمود:
“بحب كل حاجة ليها علاقة بالاستدامة، ولما عرفت إن الشنطة معمولة من بقايا شجر موز، حسيت إني بساهم بحاجة كويسة للبيئة، وكمان شكلها شيك جداً.”

أثر اجتماعي واقتصادي

المشروع لم يقتصر على الجانب البيئي فقط، بل وفر فرص عمل للشباب في القرية، ورفع وعي المزارعين بأهمية تدوير المخلفات، ويعلق يسري:
“إحنا مش بس بنعمل شنط، إحنا بنبني وعي جديد وفكر مستدام من قلب الريف.”

من قرية بسيطة في سوهاج، انطلقت قصة ملهمة عنوانها الابتكار والمبادرة، لمشروع “بنانا أرت”، الذي أثبت أن التنمية المستدامة ممكنة عندما تتلاقى الفكرة مع الإرادة، فمن ساقلتة إلى العالم… ألياف الموز تحكي قصة نجاح خضراء بأيدي مصرية.