عرب-وعالم

سباق البابوية يشتعل بعد رحيل فرنسيس والكنيسة على أعتاب اختيار تاريخي

بينما يخيم الحزن على الفاتيكان والعالم الكاثوليكي برحيل البابا فرنسيس عن عمر يناهز 88 عاماً، بدأت تتشكل ملامح المرحلة المقبلة داخل أروقة الكنيسة، حيث تتحول الأنظار الآن إلى ما يعرف بـ”الكرسي الرسولي” بانتظار اختيار القائد الروحي الجديد لأكثر من مليار كاثوليكي حول العالم.

الاستعدادات لاختيار البابا الجديد تجري وفق تقاليد راسخة تمتد لقرون، إذ سيجتمع الكرادلة في كنيسة السيستين بالفاتيكان، ممن تقل أعمارهم عن 80 عامًا، في جلسات مغلقة يطغى عليها الطابع الروحي والسياسي في آن واحد. يتطلب انتخاب البابا الجديد حصول أحد المرشحين على ثلثي أصوات المجمع، وفي حال عدم تحقق ذلك، تُجرى جولات متكررة من التصويت حتى يتم التوصل إلى اتفاق.

يتابع العالم هذه العملية الرمزية بشغف، حيث تشير سحابة الدخان المنبعثة من مدخنة الكنيسة إلى سير العملية: الدخان الأسود يعني استمرار المشاورات، أما الأبيض فيعلن لحظة التوافق على اسم البابا الجديد.

وفي خضم هذه الأجواء، بدأت وسائل الإعلام العالمية ترصد أبرز الأسماء التي يمكن أن تتولى هذا الدور الحساس، وبرزت خمس شخصيات كنسية تُعتبر من أبرز المرشحين المحتملين، يحمل كل منهم رؤى مختلفة تمثل التيارات المتنوعة داخل الكنيسة.

من بين أبرز الأسماء المطروحة، الكاردينال لويس أنطونيو تاجلي، رجل دين فلبيني ذو حضور قوي، يعتبر من أبرز حلفاء النهج الإصلاحي الذي تبناه البابا فرنسيس، وهو يشغل حالياً منصباً مؤثراً في مجمع تبشير الشعوب. يتمتع تاجلي بكاريزما محببة لدى الشباب، وخبرة ميدانية في التعامل مع قضايا الفقر والهجرة.

كذلك يبرز اسم الكاردينال بييترو بارولين، وزير خارجية الفاتيكان منذ أكثر من عقد. يُعرف بارولين بقدرته على إدارة الملفات الدبلوماسية المعقدة، خاصة في ما يتعلق بعلاقات الفاتيكان مع الصين وروسيا، ويميل إلى تبني نهج وسطي يجمع بين المحافظة والتجديد.

من القارة الإفريقية، يبرز الكاردينال بيتر توركسون كوجه بارز، حيث عرف بمواقفه الجريئة في قضايا العدالة الاجتماعية والمناخ، وقد يكون انتخابه لحظة تاريخية، إذ سيكون أول بابا من إفريقيا منذ أكثر من 1500 عام، في حال اختياره.

وفي السياق المحافظ، يُذكر اسم الكاردينال المجري بيتر إردو، الذي يُنظر إليه على أنه أحد أقوى المدافعين عن العقيدة التقليدية. يحمل إردو خلفية قوية في القانون الكنسي، وهو يتمتع بثقة التيار المحافظ داخل الكنيسة.

أما الكاردينال الإيطالي أنجيلو سكولا، فقد كان أحد المرشحين البارزين في الانتخابات الماضية، وما يزال يتمتع بتأثير كبير في دوائر صنع القرار، رغم تقدمه في السن، وهو أمر قد يُضعف فرصه هذه المرة.

الكنيسة الكاثوليكية تقف أمام تحديات غير مسبوقة، ليس فقط على مستوى العقيدة، بل أيضاً في ما يتعلق بتراجع دورها في المجتمعات الغربية، وتنامي نفوذها في دول الجنوب العالمي. كما تواجه ملفات حساسة تتعلق بالحوكمة والشفافية والانفتاح على قضايا العصر، وهو ما يجعل من مهمة البابا المقبل أكثر تعقيداً من أي وقت مضى.

وبين التمسك بالتقاليد والدعوة للإصلاح، سيكون البابا الجديد مطالباً بأن يكون جسراً بين الأجيال، وقائداً دينياً يواجه العالم المعاصر برؤية تجمع بين الروحانية والواقعية، في زمن تتزايد فيه الأسئلة حول دور الكنيسة في القرن الحادي والعشرين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights