
يبدأ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الثلاثاء، زيارة رسمية إلى المملكة العربية السعودية، في مستهل جولة خليجية تشمل أيضًا قطر والإمارات، وسط ترقب إقليمي ودولي واسع لما تحمله أجندته من ملفات بالغة الحساسية، وعلى رأسها التصعيد العسكري في غزة، والمباحثات النووية مع إيران، والتعاون الاستراتيجي في مجالات الدفاع والطاقة.
وتُعد هذه الزيارة الأولى لترامب إلى الخارج منذ عودته إلى البيت الأبيض مطلع العام الجاري، ما يضفي عليها رمزية خاصة تعكس أولويات إدارته الجديدة.
كما أنها تعيد إلى الأذهان زيارته الشهيرة عام 2017، التي دشنت تقاربًا لافتًا بين واشنطن والرياض، وشهدت توقيع اتفاقيات بمئات المليارات من الدولارات.
غزة والملف الإيراني
يأتي التصعيد في قطاع غزة على رأس جدول مباحثات ترامب مع القادة الخليجيين؛ فالعدوان الإسرائيلي المستمر منذ أكثر من 15 شهرًا، والذي تجدد مؤخرًا بعد انهيار هدنة قصيرة، يفرض نفسه كأكثر الملفات إلحاحًا.
وتواجه واشنطن ضغوطًا داخلية وخارجية لوقف إطلاق النار، وسط تحركات لبلورة رؤية أمريكية تُنهي القتال وتؤسس لما يعرف بـ”اليوم التالي لغزة”.
اقرأ أيضًا:: إفراج حماس عن الجندي الأمريكي يفجر أزمة سياسية داخل إسرائيل
في السياق ذاته، يتصدر الملف النووي الإيراني المناقشات، في ظل تقارير عن محادثات سرية بين واشنطن وطهران لاستئناف المفاوضات المتعثرة.
وتدعم السعودية والإمارات هذه الجهود، مع حرصهما على ضمانات أمنية واضحة تحد من النفوذ الإيراني الإقليمي.
وبحسب مصادر مطلعة، فإن ترامب سيناقش خلال الزيارة إمكانية التوصل إلى تفاهم مبدئي يُرضي الحلفاء في الخليج ويهدئ مخاوف إسرائيل.
اقتصاد وصفقات وتسليح
تنعقد خلال الزيارة قمة خليجية–أميركية في الرياض، بمشاركة قادة مجلس التعاون الخليجي، حيث يُنتظر أن يطرح ترامب رؤيته لتعميق الشراكة الاقتصادية والدفاعية.
ومن المقرر أن يشهد “منتدى الاستثمار السعودي–الأمريكي”، الذي ينطلق بالتزامن مع الزيارة، توقيع اتفاقيات في قطاعات الذكاء الاصطناعي، وأشباه الموصلات، والصناعات العسكرية.
وتسعى السعودية إلى تعزيز توطين الصناعات الدفاعية بالتعاون مع شركات أمريكية كبرى، إلى جانب تقدمها في مشروع طموح لبناء مفاعل نووي مدني بمساعدة أميركية.
وأشارت تقارير إلى أن واشنطن لم تعد تشترط التطبيع مع إسرائيل مقابل هذا الدعم، في تحول لافت في السياسة الأميركية.
رسائل متعددة الاتجاهات
زيارة ترامب تُرسل أكثر من رسالة؛ فمن ناحية، هي مؤشر على عودة أمريكا بقوة إلى المنطقة بعد سنوات من الانكفاء خلال إدارة الرئيس الديمقراطي جو بايدن.
ومن ناحية أخرى، تؤكد المكانة المحورية التي باتت تحظى بها السعودية كقوة إقليمية ذات ثقل سياسي واقتصادي، قادرة على لعب أدوار وساطة بين أطراف متصارعة، من أوكرانيا إلى كشمير.
ويقول محللون إن الزيارة تمثل إعادة ضبط لعقارب العلاقة بين واشنطن والرياض، واعترافًا بأهمية الخليج في رسم خرائط النفوذ الدولي.
كما أنها تعكس رغبة إدارة ترامب في بلورة استراتيجية جديدة أكثر توازنًا تجاه الشرق الأوسط، تحاكي التحولات العميقة التي شهدتها المنطقة خلال السنوات الأخيرة.