في خطوة تؤكد على الدور الحيوي لمصر في دعم التعاون الديني والعلمي مع الدول الإفريقية، استقبلت دار الإفتاء المصرية، يوم الثلاثاء، وفدًا من أئمة ست دول إفريقية وهي: غينيا، الجابون، الجزائر، زامبيا، تنزانيا، وبنين، وذلك في ختام برنامجهم التدريبي المكثف الذي عقدته أكاديمية الأزهر العالمية لتدريب الأئمة والوعاظ، تحت إشراف الأزهر الشريف.
وكان في استقبال الوفد فضيلة الشيخ حازم داوود، أمين الفتوى بدار الإفتاء، ممثلًا عن فضيلة الأستاذ الدكتور نظير عياد محمد، مفتي الجمهورية ورئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، حيث نقل إليهم تحيات فضيلة المفتي، مؤكدًا أن مصر، ودار الإفتاء تحديدًا، تفتح أبوابها دومًا للتعاون المعرفي والتواصلي مع الأشقاء في القارة السمراء.
رسالة من مفتي الجمهورية: مرحبًا بكم في دار العلم والوسطية
وخلال كلمته الترحيبية، نقل الشيخ حازم داوود تحيات فضيلة المفتي وتمنياته الطيبة للوفد، مشيدًا بما أظهره الأئمة الأفارقة من حرص على الاستفادة والتعلم خلال فترة تواجدهم في مصر. وأكد أن البرنامج التدريبي الذي خضعوا له في أكاديمية الأزهر لا يقتصر فقط على الجانب العلمي، بل يُعد تجربة روحية وفكرية متكاملة، تهدف إلى تعزيز فهمهم للمنهج الوسطي الذي يدعو إليه الإسلام، والذي تتبناه مؤسسات الدولة الدينية وعلى رأسها الأزهر الشريف ودار الإفتاء المصرية.
وأوضح أمين الفتوى أن الهدف الأسمى من هذا البرنامج هو تعميق إدراك المشاركين لأهمية الفتوى الرشيدة المبنية على الاعتدال والتأصيل العلمي ومراعاة الواقع المعاصر، بما يُسهم في استقرار المجتمعات الإسلامية في إفريقيا.
دار الإفتاء: مرجعية عالمية وركيزة للفكر الوسطي
وأكد الشيخ داوود أن دار الإفتاء المصرية تمثل إحدى أبرز المؤسسات الدينية الرائدة في العالم الإسلامي، مشيرًا إلى أن الدار تعتمد على منهج علمي رصين، وتعمل تحت مظلة الأزهر الشريف، المؤسسة الدينية الأكبر والأكثر تأثيرًا في العالم الإسلامي.
كما استعرض الهيكل المؤسسي للدار، والخدمات التي تقدمها للمسلمين داخل وخارج مصر، سواء في مجال الإفتاء التقليدي أو الخدمات الفكرية والدعوية، مشددًا على أن الدار تُعد نموذجًا عالميًّا في العمل الإفتائي المؤسسي الذي يجمع بين الالتزام بثوابت الشريعة والانفتاح على أدوات العصر.
الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء: منصة دولية لتعزيز التعاون
وخلال اللقاء، قدّم أمين الفتوى شرحًا وافيًا حول الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم، التي أسستها دار الإفتاء عام 2015، برئاسة مفتي الجمهورية، لتكون منبرًا عالميًّا يجمع بين المؤسسات الإفتائية حول العالم.
وأوضح أن هذه الهيئة الدولية تهدف إلى التنسيق بين دور الإفتاء، ورفع كفاءتها العلمية والفنية، إلى جانب تأهيل الكوادر القادرة على إصدار الفتوى المنضبطة، بما يعكس مقاصد الشريعة الإسلامية ويسهم في مواجهة التطرف والتشدد.
آليات العمل داخل الدار: تأهيل علمي ومبادرات مجتمعية متنوعة
عرض الشيخ حازم داوود أبرز الإدارات داخل دار الإفتاء وآليات عملها، والتي تعكس تطور الأداء المؤسسي والاهتمام بالتخصصات النوعية، ومنها:
إدارة التدريب: تُعنى بتنظيم دورات علمية منتظمة في مجال الفتوى، لتأهيل الكوادر الدينية داخل مصر وخارجها.
إدارة التعليم عن بُعد: تقدم برامج علمية عبر الإنترنت لتيسير دراسة الفتوى بأساليب مرنة، وفق أحدث تقنيات التعليم.
إدارة الإرشاد الزواجي: تقدم خدمات استشارية نفسية ودينية للأزواج والمقبلين على الزواج، للمساهمة في خفض معدلات الطلاق.
وحدة حوار: تختص بمواجهة الشبهات الفكرية التي يثيرها التيار الإلحادي، عبر الحوار العقلي والعلمي، وتعمل على احتواء الشباب بأساليب تفاعلية متطورة.
أئمة إفريقيا يشيدون بالتجربة المصرية ويثمنون حسن الضيافة
أعرب أعضاء الوفد الإفريقي عن عميق شكرهم وتقديرهم لما لمسوه من حفاوة الاستقبال وكرم الضيافة، مشيدين بالدور المحوري الذي تلعبه دار الإفتاء المصرية في ترسيخ ثقافة الاعتدال والوسطية، وتعزيز قيم الحوار والتسامح، ومواجهة الفكر المتطرف بأدوات علمية متقدمة.
كما أثنوا على التجربة المصرية في مجال الإفتاء المؤسسي، التي اعتبروها نموذجًا يُحتذى به في بلادهم، وأكدوا أن البرنامج التدريبي الذي شاركوا فيه أسهم في توسيع مداركهم الشرعية والفكرية، وزادهم يقينًا بأن الإسلام دين عقل وحكمة وسلام.
ختام الزيارة: تأكيد على التواصل واستمرار التعاون
جددت دار الإفتاء المصرية تأكيدها على أن أبوابها ستظل مفتوحة أمام الأئمة والعلماء من إفريقيا وغيرها، من أجل تبادل الخبرات واستمرار مسيرة التعاون العلمي والدعوي، بما يسهم في نشر الوعي الديني الرشيد، وتعزيز الأمن الفكري والمجتمعي في أرجاء القارة الإفريقية.
