
تقرير: راجح بكر
في وقت تتصاعد فيه التوترات مجددًا بين الجارتين النوويتين، باكستان والهند، يلفّ الصمت موقف القوى الغربية التي طالما سارعت إلى اتخاذ مواقف حاسمة في نزاعات أخرى مثل: أوكرانيا أو دعم إسرائيل، هذا الصمت يفتح الباب للتساؤلات حول دوافع الغرب، وحجم تأثير النفوذ الصيني المتزايد في جنوب آسيا على مواقفهم.
وكانت الصين قد جددت التزامها الثابت بدعم إسلام آباد في الحفاظ على سيادتها وسلامة أراضيها، وجاء ذلك عقب مباحثات رفيعة المستوى بين مسؤولين باكستانيين وصينيين، وسط إشارات متزايدة على دعم دبلوماسي وعسكري واقتصادي من بكين لحليفتها الإقليمية، في إطار الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين البلدين.
الحرب الخامسة
ويرى الدكتور “محمد اليمني”- أستاذ العلوم السياسية في تصريحات خاصة لـ”اليوم”: “أن التصعيد بين الهند وباكستان ليس وليد اللحظة، وان هذه الحرب هي الخامسة، ونعلم أن من يدعم باكستان علي كافة المستويات هي الصين، مضيفًا أن الأسلحة التي تستخدمها الهند الدفاعية منها والهجومية هي أمريكية وإسرائيلية”.
وتابع: “إن الغرب يلتزم بسياسة ضبط النفس، دون تدخل واضح لحسم النزاع أو حتى لاحتوائه، وهو ما يثير تساؤلات حول ازدواجية المعايير في تعامل القوى الغربية مع الأزمات الدولية”، مقارنا بين “تفاعل أوروبا والولايات المتحدة السريع مع الغزو الروسي لأوكرانيا، وكذا دعمها المطلق لإسرائيل في صراعها مع حماس، في حين تركت النزاع الهندي الباكستاني للتوازنات الإقليمية، ربما لاعتبارات استراتيجية تتعلق بالوجود الصيني القوي في المنطقة”.
وأضاف: “إن العالم منشغل بالأزمات المتعددة بالشرق الأوسط، والحرب الروسية الأوكرانية، ومن الناحية الأخرى يوجد دول عديدة تحركت لوقف النزاع علي راسها الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة العربية السعودية”.
ازدواجية المعايير
أكد “اليمني”: “أن الحرب الروسية الأوكرانية أثبتت لنا عده استراتيجيات أولها ازدواجية المعايير، وأن المصالح هي التي تتحدث في هذه الحروب الدائرة”.
كما يري محللون: أن الحذر الغربي نابع من مخاوف حقيقية من إثارة مواجهة مباشرة أو غير مباشرة مع الصين، التي تملك نفوذًا كبيرًا في باكستان عبر مشروع “الحزام والطريق”، بالإضافة إلى علاقات تجارية وأمنية متشابكة في المنطقة.
وذلك في وقت تسعى فيه واشنطن لتقوية علاقاتها مع الهند، باعتبارها قوة ديمقراطية صاعدة في مواجهة النفوذ الصيني، ما يضعها في موقف حساس يصعب فيه الانحياز العلني لأي من الطرفين دون تعقيد المعادلة الجيوسياسية.
وفي هذا السياق، تبقى المنطقة رهينة للعبة المصالح الكبرى، حيث تُحسب التحركات بدقة، وتُترك النزاعات لتختمر على نار هادئة، طالما أنها لا تهدد المصالح المباشرة لتلك القوى.
إقرأ أيضا: “جنة الأرض” من المهراجا إلى مودي.. كيف صودرت كشمير من أهلها؟