أعادت وزارة الثقافة، من خلال الهيئة المصرية العامة للكتاب برئاسة الدكتور أحمد بهي الدين، إصدار مسرحية “المسامير” للكاتب الكبير سعد الدين وهبة، وذلك ضمن سلسلة “أدباء القرن العشرين” التي تسلط الضوء على أعمال رموز الأدب المصري في القرن الماضي.
وتُعد “المسامير” من أبرز النصوص المسرحية التي تمزج بين التوثيق التاريخي والبُعد الفني، حيث تستلهم أحداثها من وقائع حقيقية شهدتها ثورة 1919، خاصة في منطقتي كفر الشيخ ونزلة الشوبك، حيث واجه الفلاحون قمعًا عنيفًا من سلطات الاحتلال البريطاني لمشاركتهم الفاعلة في الثورة.
وتتناول المسرحية بأسلوب درامي مؤلم مظاهر القمع التي مارسها الاحتلال، إذ رصدت نهب القوات البريطانية لمدينة كفر الشيخ، واستيلاءها على المؤن وفرضها لضريبة قاسية تجسدت في جلد عدد من السكان بشكل يومي، بينما بلغ العنف ذروته في نزلة الشوبك، حيث اعتُقل الأهالي ودُفنوا حتى أنصاف أجسادهم، قبل أن يُحاكموا صوريًا ويُعدموا رميًا بالرصاص.
ورغم ارتكازها على وقائع تاريخية، تتجاوز المسرحية حدود التوثيق لتطرح رؤية إنسانية شاملة حول الصراع بين الشعوب المضطهدة وقوى الاحتلال والطغيان، في نص درامي يبتعد عن السرد الانفعالي ليقدم قراءة موضوعية تعكس تباين الشخصيات والمواقف بحسب انتماءاتها الاجتماعية والطبقية، ما يمنح العمل عمقًا إنسانيًا وواقعيًا في آنٍ واحد.
ويُعد سعد الدين وهبة أحد أبرز أعلام المسرح المصري والعربي، حيث اتسمت أعماله بالمزج بين الهمّ السياسي والاجتماعي والطرح الدرامي، لتشكّل حلقة وصل بين الفن والفكر. وتأتي إعادة إصدار “المسامير” اليوم بمثابة دعوة لإحياء الذاكرة الوطنية، وإعادة قراءة لحظة من أنصع لحظات النضال الشعبي المصري عبر منظور إبداعي متميز.
