د. محمد جمعة يكتب: الآثار السلبية لزيادة رسوم التقاضي على الفرد والمجتمع

تعد العدالة حقا أساسيا لكل فرد في المجتمع وهي الضامن الرئيسي لحماية الحقوق والمصالح ومع ذلك فإن زيادة رسوم التقاضي قد تشكل عائقا كبيرا أمام تحقيق العدالة خاصة لأفراد المجتمع محدودي الدخل مما يؤدي إلى آثار سلبية متعددة على الفرد والمجتمع ككل وسيكون له عدة جوانب سلبية منها:-
-تقييد الوصول إلى العدالة
عندما ترتفع رسوم التقاضي يصبح اللجوء إلى القضاء حكرا على القادرين ماديا بينما يحرم ذوي الدخل المحدود من حقهم في المطالبة بحقوقهم وهذا يتناقض مع مبدأ المساواة أمام القانون حيث يصبح النظام القضائي أداة لخدمة الأغنياء على حساب الفقراء مما يزيد من التفاوت الاجتماعي.
-تفشي الظلم وانتشار الفساد
عندما يعجز الأفراد عن تحمل تكاليف التقاضي قد يلجأون إلى طرق غير قانونية لحل نزاعاتهم مثل اللجوء إلى المحسوبية أو الوساطة غير الرسمية مما يزيد من انتشار الفساد كما قد يضطر البعض إلى التنازل عن حقوقهم خوفا من التكاليف الباهظة مما يؤدي إلى تفشي الظلم وعدم الاستقرار الاجتماعي.
-إضعاف ثقة المواطنين في النظام القضائي
ارتفاع رسوم التقاضي يرسخ صورة سلبية عن القضاء كخدمة للنخب والأثرياء فقط مما يؤدي إلى تراجع ثقة المواطنين في المؤسسات القانونية وعندما يفقد الناس إيمانهم بإنصاف القضاء قد يلجأون إلى العنف أو الانتقام الفردي مما يهدد الأمن والسلم الاجتماعي ويهدد استقرار المجتمع.
-التأثير السلبي على الاقتصاد
زيادة تكاليف التقاضي تعيق بيئة الأعمال حيث يصبح حل النزاعات التجارية مكلفا مما يثبط الاستثمار ويضعف النمو الاقتصادي كما أن تراكم القضايا بسبب عزوف الناس عن اللجوء إلى القضاء يؤدي إلى بطء في الإجراءات وتراجع كفاءة النظام القضائي وتصبح المنظومة القضائية بلا فائدة كما ان زيادة الرسوم القضائية تؤدي إلى تفاقم المشكلات الاجتماعية.
عندما لا يجد الأفراد سبيلا للإنصاف تتفاقم المشكلات الأسرية والعمالية والعقارية مما يزيد من التوترات الاجتماعية فمثلا قد تتفاقم النزاعات بين المالكين والمستأجرين أو بين العمال وأصحاب العمل بسبب عدم القدرة على تحمل تكاليف التقاضي من هذا المنطلق نجد أن زيادة رسوم التقاضي لا تؤثر فقط على الأفراد محدودي الدخل بل تمتد آثارها السلبية إلى المجتمع بأكمله حيث تقوض مبادئ العدالة والمساواة وتزيد من الفساد والاضطرابات الاجتماعية لذلك يجب على الحكومات أن توازن بين ضرورة تمويل النظام القضائي وضمان حق المواطنين في الوصول إلى العدالة عبر تقديم إعفاءات أو مساعدات قانونية للمحتاجين لضمان أن يبقى القضاء حقاً للجميع، وليس امتيازا لفئة معينة.
ويجب التأكيد علي أن الشكل الإداري للدولة لا يكتمل إلا بتوافر السلطة القضائية بجانب السلطتين التنفيذية والتشريعية وعلي هذا الاساس تقوم الدول ولا يمكن أن تكون تلك السلطات تقوم بعملها لادارة البلاد من منطق الربح والخسارة بل يجب كما ذكرت تمويل السلطة القضائية والتنفيذية من خزينة الدولة دون اضافة عبء علي المواطن وتمويل تلك السلطات من خزينة الدولة يمنع الرشوة ويزيد من النزاهة والحيادية.