شيخ الأزهر يغادر دبي بعد مشاركته في قمة الإعلام العربي

كتب: مصطفى علي
غادر فضيلة الإمام الأكبر الأستاذ الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف ورئيس مجلس حكماء المسلمين، مطار دبي الدولي متوجهًا إلى القاهرة، بعد اختتام زيارة رسمية إلى دولة الإمارات العربية المتحدة، جاءت تلبية لدعوة كريمة من صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، وذلك للمشاركة في فعاليات “قمة الإعلام العربي”، التي انعقدت في مدينة دبي خلال الفترة من 26 إلى 28 مايو الجاري.
وقد شهدت زيارة فضيلته مشاركة فاعلة ومؤثرة، أبرزها إلقاء الكلمة الرئيسية في القمة، حيث طرح رؤيته حول التحديات الإعلامية المعاصرة ودور الإعلام في الحفاظ على الوعي المجتمعي، وتعزيز الانتماء، وحماية القيم، ومجابهة الحملات الممنهجة ضد الدين الإسلامي.
وداع رسمي يعكس عمق العلاقات الإماراتية-المصرية
حظي الإمام الأكبر بوداع رسمي رفيع في مطار دبي الدولي، حيث كان في مقدمة مودعيه الدكتور ثاني بن أحمد الزيودي، وزير التجارة الخارجية بدولة الإمارات، والمستشار محمد عبد السلام، الأمين العام لمجلس حكماء المسلمين، والسيد حسام حسين إسماعيل، القنصل العام المصري في دبي، إلى جانب فضيلة الشيخ الدكتور أحمد عبد العزيز الحداد، عضو مجلس حكماء المسلمين وكبير مفتين إدارة الإفتاء بدبي.
ويأتي هذا التوديع الرسمي تعبيرًا عن عمق العلاقات التي تجمع بين جمهورية مصر العربية ودولة الإمارات العربية المتحدة، وخصوصًا في ما يتصل بالتعاون الديني والثقافي، والدور البارز الذي يلعبه الأزهر الشريف في مد جسور الحوار وتعزيز قيم الوسطية والاعتدال.
كلمة شيخ الأزهر في القمة: دعوة للإعلام الشريف
خلال كلمته الرئيسية في قمة الإعلام العربي، وجّه فضيلة الإمام الأكبر نداءً صريحًا إلى رجال الصحافة والإعلام في العالم العربي، مؤكدًا أن الإعلام لم يعُد مجرد وسيلة لنقل الأخبار، بل أصبح قوة مؤثرة تسهم في تشكيل وعي الشعوب وتوجيه الرأي العام، بل وصناعة الأزمات أو حلها.
وأكد الطيب أن الإعلام مسؤول اليوم عن حماية المجتمعات من الانزلاق في براثن الفوضى الفكرية والتطرف الثقافي، مشيرًا إلى ضرورة التزام الإعلاميين بميثاق الشرف المهني، والعمل على صون الحقيقة، والدفاع عن قضايا الأمة، وفي مقدمتها قضية فلسطين، ومحاربة الصورة النمطية السلبية عن الإسلام والمسلمين في وسائل الإعلام الغربية، التي تكرّس ظاهرة “الإسلاموفوبيا”.
الإعلام وبناء الوعي: الشباب في صدارة الاهتمام
أولى شيخ الأزهر في كلمته اهتمامًا خاصًا بفئة الشباب، محذرًا من الانجرار وراء ما وصفها بـ”المنصات الرقمية الهدامة” التي تنشط على شبكات التواصل الاجتماعي، وتسعى إلى تقويض القيم المجتمعية، وزعزعة الانتماء الوطني والديني.
ودعا فضيلته إلى ضرورة توجيه الإعلام العربي نحو تنمية وعي الشباب، وتحفيزهم على التفاعل مع قضايا أوطانهم وأمتهم، وترسيخ الشعور بالمسؤولية الجماعية. كما شدد على أن الإعلام القيمي البناء يمكن أن يكون خط الدفاع الأول في وجه الانحرافات الفكرية والتغريب الثقافي.
مجلس حكماء المسلمين ودوره المتنامي في دعم القيم الإنسانية
الزيارة التي قام بها فضيلة الإمام الأكبر لدولة الإمارات في إطار رئاسته لمجلس حكماء المسلمين تعكس الدور المتنامي لهذا المجلس في ترسيخ قيم التعايش والسلام العالمي، وتعزيز التعاون بين المؤسسات الدينية والثقافية في العالم العربي والإسلامي.
ويُعد مجلس حكماء المسلمين منصة حوار عالمية يقودها الأزهر الشريف، ويعمل من خلالها على تعزيز ثقافة السلم ومواجهة الفكر المتطرف، عبر مبادرات مختلفة تشمل الحوار بين الأديان، والتعاون مع وسائل الإعلام، ومراكز الفكر، والجامعات العالمية.
لقاءات جانبية ومباحثات فكرية
وخلال وجوده في دبي، أجرى الإمام الأكبر عدة لقاءات جانبية مع شخصيات دينية وفكرية وإعلامية بارزة، ناقش خلالها سبل تعزيز التعاون بين المؤسسات الدينية والإعلامية، ودور هذه المؤسسات في دعم قضايا الأمة الإسلامية، لا سيما في ظل التحديات المتسارعة التي يفرضها الواقع الرقمي والإعلامي المعولم.
كما أثنى فضيلته على جهود دولة الإمارات العربية المتحدة في تنظيم هذه القمة المهمة، وعلى استضافتها المستمرة للفعاليات الفكرية والإنسانية الكبرى، والتي تؤكد حرصها على أن تكون مركزًا عالميًا للحوار والتلاقي الحضاري.
ختام زيارة… وبصمة مؤثرة
اختُتمت زيارة شيخ الأزهر لدبي، لكنها تركت بصمة فكرية مؤثرة في أوساط المشاركين بقمة الإعلام العربي، الذين رأوا في كلمته مرجعية فكرية وتوجيهية للإعلام المسؤول، في زمن يتصاعد فيه تأثير الكلمة والصورة.