ألمانيا: غزة تنزف والمساعدات لا تكفي.. وحل الدولتين هو مفتاح السلام

في ظل استمرار الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، خرج وزير الخارجية الألماني، يوهان فاديفول، بتصريحات حاسمة تناول فيها الأوضاع الإنسانية الكارثية في القطاع، والموقف الألماني من الاستيطان الإسرائيلي، ومستقبل الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني.
وقال فاديفول، خلال مؤتمر صحفي عقده في برلين، إن “المساعدات الإنسانية التي تصل إلى غزة لا تكفي بأي حال”، مشددًا على أن ما يُقدم حاليًا لا يرقى إلى مستوى الكارثة الإنسانية التي يعيشها أكثر من مليوني فلسطيني محاصرين في القطاع منذ سنوات، وتفاقمت مع اندلاع العمليات العسكرية الأخيرة.
وأكد الوزير أن ألمانيا تطالب بضرورة تسريع إيصال المساعدات إلى غزة، ودعا إلى “توزيع هذه المساعدات من خلال وكالات الأمم المتحدة المعترف بها”، لضمان الشفافية ومنع تسييس العملية الإغاثية أو تحويل المساعدات عن مستحقيها.
رفض ألماني واضح للاستيطان ومطالب بإنقاذ حل الدولتين
وفي لهجة صريحة، عبّر فاديفول عن معارضة ألمانيا الشديدة لسياسة الاستيطان الإسرائيلي في الضفة الغربية، واصفًا إيّاها بأنها “غير قانونية وتقوّض فرص السلام المستقبلي”. وقال: “نحن نرفض سياسة الاستيطان التي تنفذها الحكومة الإسرائيلية، لأنها تتعارض مع القانون الدولي وتهدد إمكانية قيام دولة فلسطينية قابلة للحياة”.
وأوضح الوزير أن برلين، بصفتها “صديقًا وشريكًا طويل الأمد لإسرائيل”، ترى أن من مصلحة إسرائيل العيش بسلام مع دول الجوار، مؤكدًا أن “الأمن الإسرائيلي لا يمكن تحقيقه بشكل دائم إلا من خلال حل سياسي شامل ينهي الصراع”.
وأضاف: “الحل الواقعي الوحيد الذي يمكن أن يضمن سلامًا دائمًا هو حل الدولتين، أي إقامة دولة فلسطينية مستقلة إلى جانب إسرائيل تعيشان جنبًا إلى جنب بأمن وسلام”.
ورغم دعمه المبدئي لحل الدولتين، شدّد فاديفول على أن الاعتراف الأحادي بدولة فلسطينية “قد يبعث برسائل خاطئة، ويقوّض فرص العودة إلى المفاوضات المباشرة”، في إشارة إلى الخطوات التي اتخذتها بعض الدول الأوروبية مؤخرًا للاعتراف بفلسطين من طرف واحد.
وأشار إلى أن “ألمانيا لن تنضم حاليًا إلى هذا الاتجاه”، مؤكدًا أهمية تحقيق تقدم سياسي حقيقي ومُتفاوَض عليه بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي.
“اليوم التالي لغزة” وحسابات ما بعد الحرب
وفي تعليق له على مستقبل قطاع غزة بعد انتهاء العمليات العسكرية، قال وزير الخارجية الألماني إن من الضروري البدء ببحث “خطة اليوم التالي” لإدارة شؤون القطاع. وأوضح أن “حماس على ما يبدو لن تشكل تهديدًا لإسرائيل في المستقبل، ويجب أن نبدأ بالتفكير في هيكلية مدنية وسياسية جديدة للقطاع تعزز الاستقرار وتمنع تكرار دوامة العنف”.
ودعا إلى إشراك أطراف إقليمية ودولية في وضع هذه الخطة، مشيرًا إلى أن “الأوضاع الإنسانية والسياسية في غزة لا يمكن فصلها عن أي حل مستدام في المنطقة”.
انتقاد مبطّن لبعض السياسات الأوروبية تجاه إسرائيل
واختتم فاديفول تصريحاته برسالة واضحة لبعض العواصم الأوروبية، التي بدأت مؤخرًا باتخاذ خطوات تصعيدية ضد إسرائيل على خلفية الوضع في غزة. وقال: “الضغط على إسرائيل أو تهديدها بفرض عقوبات، كما تفعل بعض الدول الأوروبية، سيؤدي إلى مزيد من التعقيد في المشهد”.
وأضاف أن “ألمانيا تفضّل اعتماد الدبلوماسية البناءة والتوازن في التعامل مع الصراع، مع الحفاظ على القيم الإنسانية والدولية، ودعم حقوق الشعب الفلسطيني دون المساس بحق إسرائيل في الأمن والدفاع عن النفس”.