ما بين الذوق الشخصي وتأثير الترند: أين تذهب الموضة؟

تقرير- محمود عرفات
في زمنٍ لم تعد فيه الموضة تخضع لقواعد واضحة، بات من المعتاد أن تصادف في الشارع من يرتدي بنطالًا ممزقًا من الركبة حتى الفخذ، أو من اختار أن يجعل من الشبشب المطاطي “إطلالة كاملة”.
فهل نحن أمام جيل يعيد تعريف الأناقة، أم أننا بصدد فوضى بصرية باسم الموضة؟
صيحات ملفتة للنظر.. وأحيانًا محيّرة
مع دخول صيف عام 2025، ظهرت مجموعة من الاتجاهات الجديدة بين الشباب:
انتشار البناطيل الفضفاضة جدًا المستوحاة من التسعينيات، مع طبعات وألوان صارخة.
اعتماد الشورتات القصيرة للغاية كإطلالة يومية في الأماكن العامة.
ازدياد رواج القمصان والتيشيرتات المزينة بشعارات ورسومات أجنبية أو كرتونية، لا يعرف معظم مرتديها معناها.
عودة قصّات الشعر الغريبة مثل “الموليت” و”الفيد العالي”، التي تثير جدلًا بين الأجيال.
آراء من الواقع
كريم، طالب جامعي (21 عامًا):
“أرتدي هذه الملابس لأنها ببساطة ما أراه على إنستغرام وتيك توك. لمواكبة جيلي، يجب أن أبدو كما يبدو الآخرون.”
نسرين، مهتمة بالموضة (18 عامًا):
“أسلوبي في اللباس يعبر عن هويتي وشخصيتي. ربما يبدو غريبًا للبعض، لكنه يعكسني تمامًا.”
أحمد، معلم (42 عامًا):
“في السابق، كانت الأناقة تهدف إلى التجميل والتناسق. اليوم، يبدو أن الهدف هو لفت الأنظار بأي وسيلة، حتى لو بالغرابة.”
بين السوشيال ميديا وثقافة التقليد
لم تعد دور الأزياء وحدها من تحدد اتجاهات الموضة، بل أصبحت تطبيقات مثل تيك توك وإنستغرام هي المصدر الأول للإلهام. فبمجرد أن يظهر ترند جديد، يُسارع الآلاف إلى تقليده، بغضّ النظر عن ملاءمته أو معناه.
في كثير من الأحيان، تنتشر صيحة ما في فيديو عابر، فيسارع الجميع إلى اقتنائها قبل أن يتلاشى التريند كما بدأ: فجأة.
ستايل واحد.. بأسعار متباينة
المفارقة أن الصيحة الواحدة قد تكون متوفرة في الأسواق الشعبية بأسعار زهيدة، بينما تُعرض في المتاجر العالمية بأرقام خيالية.
الأمر لا يتعلّق بالذوق فقط، بل بالعلامة التجارية، والتسويق، والانتماء لطبقة اجتماعية معينة.
الموضة والسخرية
بعض مظاهر الموضة الحديثة تحوّلت إلى مادة يومية للسخرية على مواقع التواصل:
“هل هذا بنطال أم قطعة ممزقة من الستار؟”
“قميص أم منديل كبير؟”
“لو خرجت من منزلي بهذا الشكل، ستمنعني أمي من الدخول مجددًا!”
واللافت أن هذا النوع من التهكم لم يحد من انتشار الصيحات، بل زادها شهرة، وأصبحت السخرية أحد أدوات الترويج غير المباشر.
خاتمة
ما بين من يرى في الموضة وسيلةً للتعبير عن الذات، ومن يعتبرها فوضى بلا ذوق، تبقى الحقيقة أن الأزياء اليوم صارت انعكاسًا لحالة اجتماعية وثقافية أوسع.
ويبقى السؤال مفتوحًا:
هل نحن نشهد تحررًا من قوالب الذوق القديم، أم مجرد هروب جماعي نحو كل ما هو غريب؟