
تشهد الساحة السياسية في إسرائيل واحدة من أكثر اللحظات اضطراباً منذ اندلاع الحرب على قطاع غزة. حيث يواجه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، اليوم الأربعاء، تصويتاً أولياً في الكنيست لحله.
في خطوة تقودها المعارضة وقد تنال دعماً غير متوقع من بعض شركائه في الائتلاف الحكومي، ولا سيما الأحزاب الأرثوذكسية المتشددة “الحريديم”.
أزمة التجنيد تشعل الخلافات
تأتي هذه التطورات في خضم خلاف حاد بشأن قانون تجنيد الحريديم في صفوف الجيش الإسرائيلي. بعد أن أبطلت المحكمة العليا في العام 2024 الإعفاءات التي كانت ممنوحة لهم منذ عقود. والتي كان يتم تمديدها مراراً بضغوط دينية وسياسية.
ويشكّل الحريديم نحو 13% من سكان إسرائيل، ومعظمهم لا يؤدون الخدمة العسكرية بدعوى التفرغ للدراسة الدينية.
هذه الامتيازات أثارت غضباً شعبياً. خاصة في ظل مشاركة الآلاف من جنود الاحتياط في الحرب على غزة منذ 7 أكتوبر 2023، وتراجع الإقبال على الخدمة العسكرية وسط المجتمع الإسرائيلي.
الائتلاف الحاكم مهدد
رغم أن الخطوة الحالية من المعارضة لحل الكنيست قد لا تمر بكامل مراحلها التشريعية، إلا أنها تمثل تحدياً غير مسبوق لحكومة نتنياهو.
وفي حال دعم حزبَي “شاس” و”ديغل هاتوراه” الحريديين للاقتراح، فقد يفقد الائتلاف الحاكم أغلبيته (68 مقعداً من أصل 120)، ما يفتح الباب أمام انتخابات مبكرة.
وصرح متحدث باسم “شاس” بأن الحزب سيصوّت لصالح الحل إذا لم يحدث تقدم فوري في ملف التجنيد. كما يهدد حزب “ديغل هاتوراه” بالانسحاب من الحكومة. تماشياً مع ضغوط قاعدته الدينية التي ترى في الخدمة العسكرية مخالفة للشريعة اليهودية. خاصة مع وجود اختلاط بين الجنسين في الجيش.
مناورة أم تفكك حقيقي؟
يرى مراقبون أن دعم الأحزاب الدينية لمقترح حل الكنيست في مراحله الأولى قد يكون تكتيكاً تفاوضياً للضغط على نتنياهو، الذي لا يزال يجري مشاورات مكثفة خلف الكواليس.
وقد أصدر كبار الحاخامات، الثلاثاء، فتوى دينية جديدة تحرم الخدمة العسكرية، في تصعيد غير معتاد يعكس حجم الغضب داخل المجتمع الحريدي. خاصة بعد أن بدأ الجيش في إصدار أوامر تجنيد لآلاف الشباب منهم، مع تسجيل حالات اعتقال لمن رفضوا الخدمة.
مسار طويل قبل الحل النهائي
في حال الموافقة على القراءة الأولية اليوم، فإن مشروع حل الكنيست لا يصبح نافذاً فوراً، بل يتطلب المرور بثلاث قراءات إضافية. ما قد يستغرق أسابيع أو شهوراً، بحسب أستاذة العلوم السياسية في الجامعة العبرية، جاييل تالشير، التي اعتبرت التصويت أشبه بـ”رفع السلاح دون إطلاقه”.
لكنها ومعها آخرون يحذرون من أن صبر الحريديم بدأ ينفد، وقد تتخذ قياداتهم الدينية قراراً بإنهاء دعمها لنتنياهو إذا لم يتم إقرار قانون جديد يضمن استمرار الإعفاءات.
سيناريوهات مفتوحة
السيناريوهات المطروحة تتراوح بين نجاح نتنياهو في احتواء الأزمة عبر تسوية سياسية تحفظ ماء وجه الحريديم، أو انزلاق الائتلاف نحو التفكك. وهو ما سيكون ضربة قاسية لرئيس الوزراء الذي يحكم إسرائيل منذ سنوات، ويواجه تحديات داخلية وخارجية غير مسبوقة.