الحرب على إيران بدأت إعلامية.. «د.أحمد عرفات» يكشف لـ “اليوم” خفايا الإعلام الإسرائيلي وقت الحروب

كتب: محمود حسن محمود
في تصريحات صحفية خاصة لجريدة وموقع “اليوم”، كشف الدكتور أحمد عرفات، مدرس الصحافة بكلية الإعلام بجامعة الأزهر، عن ملامح دقيقة وخطيرة في بنية الإعلام الإسرائيلي خلال فترات الحروب، مؤكداً أن هذا الإعلام يعتمد بشكل ممنهج على التضليل ونشر الأكاذيب، في محاولة لتوجيه الرأي العام المحلي والدولي لصالح رواية الاحتلال.
الإعلام الإسرائيلي: شعارات أخلاقية تُخفي حقائق دموية
يقول الدكتور عرفات إن الإعلام الإسرائيلي لا يكف عن ترديد شعارات مثل “الجيش الأكثر أخلاقاً في العالم”، لكن الواقع الميداني، خاصة في العدوان الأخير على غزة، يكشف زيف هذه الادعاءات، فبحسب أقل التقديرات، تسبب العدوان في مقتل ما لا يقل عن 70 ألف فلسطيني، من بينهم 20 ألف طفل.. هذه الأرقام وحدها – كما يقول عرفات – تنقض بشكل تام أي زعم أخلاقي تسوقه آلة الإعلام الصهيونية.
الجبهة الداخلية: هشاشة تحت قناع التماسك
ومن الأكاذيب المتكررة، يوضح عرفات، ادعاء الإعلام الإسرائيلي بتماسك الجبهة الداخلية وقت الأزمات قائلاً: “الحقيقة أن هذه الجبهة مبنية على خليط من المهاجرين من عشرات الدول، لا يجمعهم سوى الديانة اليهودية، في حين تحتفظ الغالبية منهم بجوازات سفر لبلدانهم الأصلية، تحسباً للرحيل عند أول فرصة.”
ويرى عرفات أن هذا الأمر يكشف هشاشة في الانتماء القومي، وضعفاً في الوحدة الوطنية، رغم محاولات الإعلام إظهار عكس ذلك.
توثيق الضربات والحرب النفسية
يشير الدكتور أحمد عرفات إلى أن جيش الاحتلال يوثق كل ضربة عسكرية عبر كاميرات مثبتة على طائراته ودباباته، ليس فقط لأغراض عسكرية، بل كأداة لحرب نفسية، وفي المقابل، ينكر الاحتلال أي نجاح ميداني للمقاومة الفلسطينية أو اللبنانية، ما لم يكن موثقاً، ولذلك، أدركت حركات المقاومة أهمية التوثيق، كما حدث في “طوفان الأقصى”، لتفويت الفرصة على الاحتلال لنفي الحقائق.
بل إن الاحتلال، بحسب عرفات، يفرض قيوداً على الإعلاميين حتى من داخل إسرائيل، ويمنع التغطية الحية، ويشوش على البث المباشر، خصوصاً وقت الأزمات الكبرى كالحرب الأخيرة مع إيران “أصبح المواطن الصحفي هو المصدر الحقيقي الوحيد للمعلومات من الداخل”.
كفة الإعلام غير متكافئة
يؤكد عرفات أن الكفة الإعلامية تميل بوضوح لصالح الاحتلال، ليس فقط بسبب التمويل أو النفوذ، بل بسبب هيمنة الرواية الإسرائيلية على منصات التواصل الاجتماعي، ويضيف: “هذه المنصات تمارس قمعاً ممنهجاً للروايات المضادة، فتغلق الحسابات وتحذف المحتوى غير المتوافق مع رواية الاحتلال، وكأن إسرائيل تريد أن تكون هي الصوت الوحيد في الفضاء الرقمي”.
آلة إعلامية متعددة اللغات
من النقاط المهمة التي أثارها عرفات، أن إسرائيل تخاطب العالم بلغته، فلكل دولة ناطق رسمي باسم الجيش الإسرائيلي، ولكل جمهور صفحة على مواقع التواصل بلغته، والهدف هو سهولة تمرير الرواية الرسمية وتحليل اتجاهات الرأي العام العالمي.
متى يكون الكذب مشروعًا؟
يلفت الدكتور أحمد عرفات إلى أن معظم دول العالم تستخدم “إعلام الدولة” أثناء الحروب لتبني روايتها الرسمية، وهو أمر مشروع ضمن سياق إدارة الأزمات، لكن المشكلة الكبرى – كما يوضح – هي أن إسرائيل تمارس هذا النمط الإعلامي طوال الوقت، حتى في فترات السلم، وكأنها في حرب دائمة.
الحرب على إيران: حين يكون الإعلام هو السلاح الأول

ويرى عرفات أن العدوان الأخير على إيران بدأ فعلياً من بوابة الإعلام، إذ استخدم الاحتلال وحلفاؤه – وعلى رأسهم الولايات المتحدة – التضليل الإعلامي عبر تسريبات ومؤتمرات صحفية تشير إلى مفاوضات وهمية، بينما كانت الضربة الاستباقية قيد التنفيذ، حيث “لم يكن هناك ما ينبئ باندلاع حرب، بل كانت سلطنة عمان تحتضن جولة مفاوضات في اليوم ذاته”، يقول عرفات، ما يكشف بوضوح دور الإعلام في الخداع والتضليل الإستراتيجي.
إعلام الحروب.. بين الحق والهيمنة
تصريحات الدكتور أحمد عرفات تعيد طرح الأسئلة الكبرى حول أخلاقيات الإعلام في زمن الحروب، وحول قدرة الشعوب على الوصول إلى رواية متوازنة في ظل الهيمنة الإعلامية الصهيونية، كما تؤكد على ضرورة أن تمتلك الشعوب المضطهدة أدوات التوثيق والرواية والدفاع الإعلامي عن ذاتها، في عالم بات فيه “الكاميرا” و”المنصة” أقوى من البندقية.