كتب: مصطفى على
في إطار الدور المتصاعد الذي تضطلع به جامعة الأزهر على الساحة الصحية والتعليمية، نظّم مركز التميز الدولي والتطوير المؤسسي بالجامعة جلسة نوعية متميزة ضمن فعاليات المعرض والمؤتمر الطبي الأفريقي Africa Health ExCon 2025، وذلك لتسليط الضوء على المساهمات المؤسسية والعلمية والطبية التي تقودها الجامعة داخل مصر وخارجها، وبالأخص تجاه الدول الأفريقية الشقيقة.
الدكتور محمود صديق: الأزهر يربط بين البعد الإنساني والخدمة الصحية
ترأس الجلسة وأدارها الدكتور محمود صديق، نائب رئيس جامعة الأزهر للدراسات العليا والبحوث والمشرف العام على قطاع المستشفيات الجامعية، حيث عرض تفاصيل شاملة عن شبكة الرعاية الطبية التي تقدمها الجامعة من خلال مستشفياتها الجامعية المنتشرة في القاهرة، أسيوط، ودمياط.
وأكد صديق أن ما تحققه جامعة الأزهر من تطور طبي يعود إلى دعم فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، وفضيلة الدكتور سلامة جمعة داود، رئيس الجامعة، مشيرًا إلى أن الجامعة تحرص على المشاركة الفاعلة في المحافل الطبية الكبرى محليًّا ودوليًّا، وتسعى إلى تعزيز علاقاتها الأكاديمية والطبية مع مؤسسات التعليم العالي في مصر عبر بروتوكولات تعاون تم توقيعها مع جامعات: عين شمس، بنها، حلوان.
كما أشار إلى أن الجامعة تفتح ذراعيها لتوسيع أطر التعاون مع الدول الأفريقية، بما يدعم الدور المصري عامة، والأزهري خاصة، في تعزيز الأمن الصحي وتبادل الخبرات على مستوى القارة.
ياسر حلمي: إصلاح شامل لتراخيص الأطباء ومعايير التدريب
من جانبه، تناول الدكتور ياسر حلمي، مدير مركز التميز الدولي والتطوير المؤسسي بجامعة الأزهر، المحور التشريعي والتنظيمي للمنظومة الصحية، حيث تحدث عن المجلس الصحي المصري ودور اللجنة العليا للتطوير المهني لمهنة الطب البشري، التي يتولى أمانتها.
وأوضح حلمي أن اللجنة تعمل على توحيد معايير التطوير المهني الطبي، وتحديد شروط اعتماد المؤسسات والأنشطة التدريبية والمدربين، إلى جانب وضع آلية لتجديد تراخيص مزاولة المهنة وفقًا لأحدث القوانين، مؤكدًا أن هذه الإجراءات تهدف إلى رفع كفاءة المنظومة الصحية في مصر.
كما لفت إلى العلاقة الوثيقة بين تطوير التعليم الطبي وتحقيق أهداف التنمية المستدامة، مشيرًا إلى أن هناك بعدًا جديدًا يتمثل في السياحة العلاجية التي تستهدف جذب الأشقاء من الدول الأفريقية لتلقي العلاج داخل مصر.
تعاون دولي واستراتيجيات واعدة للسياحة العلاجية
بدوره، قدم الدكتور محمد منصور، مدير التعاون الدولي بمركز التميز، عرضًا حول أطر التعاون الأكاديمي والصحي دوليًا، مع التركيز على البرامج المشتركة والمبادرات التعاونية مع مؤسسات أفريقية وأوروبية.
وفي السياق ذاته، ناقش الدكتور عبد الله أبو طالب، مستشار منطقة أوروبا، فرص تطوير السياحة العلاجية في أفريقيا، مؤكدًا أن القارة السمراء تمتلك مقومات كبيرة لاحتضان هذا النوع من السياحة، شريطة وجود رؤية تكاملية تجمع بين التعليم الطبي وتقديم خدمات علاجية متميزة بأسعار تنافسية.
مستشفيات الأزهر: نماذج للتطوير الطبي في الوطن العربي
الجلسة لم تخلُ من استعراض الإنجازات الميدانية في تطوير البنية الصحية، حيث شارك عدد من قيادات المستشفيات الجامعية بجامعة الأزهر، منهم:
الدكتور أحمد نوح، المشرف على أطباء الامتياز بكلية الطب للبنين
الدكتورة سهام الصادق، نائب مدير مستشفى الزهراء الجامعي
الدكتورة لمياء إسماعيل، رئيس قسم الباطنة بمستشفى الزهراء الجامعي
وقد استعرض المتحدثون التطورات الفنية والتقنية والخدمية التي شهدتها مستشفيات: الحسين الجامعي، سيد جلال، الزهراء الجامعي، مشيرين إلى أنها أصبحت نموذجًا يحتذى به في تقديم خدمات الرعاية الصحية والتعليم الطبي، ليس فقط في مصر، بل في العالم العربي وأفريقيا.
حضور دولي وطلابي يعزز بُعد المشاركة
شهدت الجلسة حضورًا نوعيًا لعدد من الأطباء من دول أفريقية شقيقة، بالإضافة إلى طلاب السنوات النهائية بكليات الطب في جامعة الأزهر، الذين شاركوا في النقاشات وأبدوا اهتمامًا كبيرًا بمستقبل المنظومة الصحية، وخاصة على صعيد التعاون الإقليمي.
الحضور المتنوع للجلسة عكس اهتمامًا حقيقيًا بما تطرحه جامعة الأزهر من أفكار ومشروعات تطويرية، ورغبة صادقة في ترسيخ التعاون بين المؤسسات الصحية والتعليمية في القارة السمراء.
جناح الأزهر يختتم مشاركته بفخر واعتزاز
وقد استمرت فعاليات المعرض والمؤتمر الطبي الأفريقي على مدار ثلاثة أيام، وسط حضور كثيف ومشاركة واسعة من مؤسسات طبية عالمية، وكانت ذروة الفعاليات هي الجلسة العلمية النوعية التي نظّمها مركز التميز الدولي بجامعة الأزهر.
واختتمت المشاركة يوم الجمعة وسط إشادات متعددة من الحضور، خاصة بجناح الأزهر الذي تميز بالتنظيم والإبداع، وهو ما عبّر عنه الفريق المنظم بفخر، مؤكدين أن النجاح ما كان ليتحقق لولا العمل الجماعي والتفاني الذي أظهره كل فرد في المنظومة.
الأزهر في قلب أفريقيا
بهذه المشاركة، تؤكد جامعة الأزهر أنها ليست مجرد مؤسسة تعليمية دينية، بل كيان علمي طبي معاصر يسهم بفعالية في بناء مستقبل صحي أفضل في مصر وأفريقيا، من خلال منظومة متكاملة تشمل التعليم، التدريب، الخدمة الطبية، والتعاون الدولي، لتكون نموذجًا يُحتذى به في دمج القيم الروحية بالخدمة الإنسانية.
