مرصد الأزهر يُحيي ثورة 30 يونيو ويحذّر من مخطط تهويد الأقصى

تقرير:مصطفى على
في الذكرى الثانية عشرة لثورة 30 يونيو المجيدة، وجّه مرصد الأزهر لمكافحة التطرف رسالة وطنية خالصة أكّد فيها أن هذه الثورة لم تكن مجرد حراك شعبي عابر، بل مثّلت انعكاسًا واعيًا لإرادة المصريين الرافضين لمحاولات اختطاف الوطن لحساب أجندات ضيقة لا تمتُّ للمصلحة الوطنية بصلة.
وأكد المرصد أن هذا الحدث التاريخي الفاصل، الذي شهد خروج الملايين من أبناء الشعب المصري إلى الشوارع والميادين، عكس وعيًا جماهيريًا ناضجًا بحجم المخاطر المحدقة بالدولة في تلك المرحلة فقد استشعر المصريون أن هوية الدولة الوطنية مهددة، وأنه لا بد من التحرك العاجل لحماية مقدرات الوطن ومؤسساته من السقوط في براثن الفوضى أو التبعية.
وفي تحليله لأبعاد هذه الثورة، وصف المرصد 30 يونيو بأنها “نقطة تحول فاصلة في تاريخ مصر الحديث”، إذ مهّدت الطريق نحو استعادة مؤسسات الدولة دورها الحقيقي، ووفّرت بيئة سياسية جديدة مكنت البلاد من استعادة استقرارها والبدء في عملية بناء وطنية شاملة.
رسالة الوحدة والتلاحم: المرصد يدعو للاصطفاف خلف القيادة الوطنية
وفي ظل ما تحقّق من إنجازات على مدار العقد الأخير، شدّد مرصد الأزهر على أهمية تعزيز روح التلاحم الوطني، والاصطفاف خلف القيادة السياسية الرشيدة، والقوات المسلحة الباسلة، وسائر مؤسسات الدولة وقال إن وحدة الصف كانت ولا تزال صمام أمان للوطن في مواجهة التحديات الداخلية والخارجية، وهي الدرع الحصين لمكتسبات الثورة والدولة المصرية.
وحرص المرصد في بيانه بهذه المناسبة الوطنية على تذكير المصريين بأن التحديات لم تنتهِ، وأن البلاد ما زالت تواجه محاولات دؤوبة لضرب بنيانها من الداخل عبر نشر الفكر المتطرف واستهداف عقول الشباب، في محاولة لبث الفوضى وزعزعة الاستقرار.
معركة الوعي مستمرة: تحصين عقول الشباب من التطرف أولوية وطنية
أشار مرصد الأزهر إلى أن الحرب على الفكر المتطرف لا تزال في أوجها، وأن التهديد لم يعد فقط متمثلًا في العمليات الإرهابية، بل بات يمتد إلى المساحات الرمادية التي ينفذ منها الفكر المنحرف إلى العقول الغضّة، مستغلًا ضعف الثقافة الدينية، أو الأزمات الاقتصادية والاجتماعية.
وأوضح المرصد أن النضال ضد التطرف لا يمكن أن يكون مسؤولية جهة واحدة، بل يتطلب تضافر جهود كل أبناء الوطن؛ من مؤسسات دينية وثقافية وتعليمية، ومنظمات مجتمع مدني، إلى جانب الأسرة والمدرسة ووسائل الإعلام.
كما جدّد المرصد التزامه بمواجهة الفكر المنحرف في كافة صوره، والاستمرار في نشر ثقافة الاعتدال والانتماء، وغرس قيم الولاء للوطن في نفوس النشء، داعيًا الله أن يحفظ مصر وأهلها من كل سوء.
الخطر الداهم: تحذير من مخطط صهيوني لتهويد المسجد الأقصى
وفي سياق متصل، أصدر مرصد الأزهر لمكافحة التطرف تحذيرًا بالغ الخطورة بشأن تصاعد التحركات الصهيونية التي تستهدف المسجد الأقصى المبارك، والتي باتت تأخذ طابعًا أكثر جرأة وتنظيمًا خلال الشهور الأخيرة.
وأشار المرصد إلى ما كشفه تقرير نشرته القناة السابعة العبرية، تضمّن دعوة من الحاخام المتطرف “حبرون شيلو” لتسريع تنفيذ ما يُعرف بـ”خطة بناء الهيكل الثالث” على أنقاض المسجد الأقصى، زاعمًا أن “اليهود متقاعسون عن أداء واجبهم الديني” تجاه هذا الهدف.
ووفقًا للتقرير، دعا الحاخام إلى فرض السيادة الكاملة على الحرم القدسي، واستغلال الفرص السياسية لتكثيف الاقتحامات بحماية الشرطة الإسرائيلية، مع مشاركة طلاب المدارس الدينية ومسؤولين رسميين في هذه الانتهاكات، تحت مظلة فتاوى دينية تشرعن ذلك.
أبعاد الخطة الصهيونية: من التهميش إلى التقسيم فالتهويد الكامل
لم يقف التقرير عند حدود الدعوة لبناء الهيكل، بل كشف عن رؤية ممنهجة طويلة الأمد تشمل مراحل عدة للسيطرة على المسجد الأقصى تبدأ هذه المراحل، بحسب التقرير العبري، بإحكام السيطرة الأمنية الإسرائيلية عليه، ثم تهميش دور الأوقاف الإسلامية، يليها تشجيع أداء الطقوس التلمودية داخل ساحات الحرم.
ويشير التقرير إلى أن الهدف النهائي من هذه الخطة هو تقسيم المسجد الأقصى زمانيًا ومكانيًا، كمرحلة انتقالية نحو بناء الهيكل في جزء منه، على غرار ما تم فعليًا في المسجد الإبراهيمي بالخليل.
وحذر المرصد من أن هناك محاولات متسارعة على مستوى الإعلام والدبلوماسية الصهيونية لتهيئة الرأي العام الدولي لتقبُّل فكرة “تقاسم” السيادة على الأقصى، وهو ما يشكل خرقًا فاضحًا للقانون الدولي، واعتداءً سافرًا على المقدسات الإسلامية.
دعوة للصحوة الإسلامية والعربية: حماية الأقصى واجب شرعي وقومي
في ختام بيانه، وجّه مرصد الأزهر نداءً عاجلًا إلى الشعوب والحكومات والمؤسسات الدينية في العالمين العربي والإسلامي، مؤكّدًا أن حماية المسجد الأقصى لم تعد خيارًا، بل باتت واجبًا شرعيًا وقوميًا وتاريخيًا لا يحتمل التأجيل.
وأكد أن الصمت على هذه التحركات الصهيونية سيشجّع مزيدًا من التجاوزات، وأن الواجب يحتم على الجميع الوقوف صفًا واحدًا، سياسيًا ودبلوماسيًا وثقافيًا، من أجل التصدي لمحاولات تهويد أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين.
كما دعا المرصد إلى استمرار التوعية بخطورة ما يجري في القدس المحتلة، والعمل على فضح الانتهاكات الإسرائيلية على المستوى الدولي، مع دعم صمود المقدسيين الذين يواجهون آلة التهويد وحدهم في كثير من الأحيان.
بينما يحتفل المصريون بذكرى ثورة 30 يونيو التي أعادت للدولة هيبتها، وأحبطت مؤامرات تقسيم الوطن، يُسلّط مرصد الأزهر الضوء على معركة لا تقل خطورة، تدور رحاها في القدس المحتلة معركة لا تستخدم فيها الجيوش، بل يُستهدف فيها الوعي، والهوية، والمقدسات وبين الداخل والخارج، يظل صوت المرصد شاهدًا ومُنذرًا، يؤكد أن معركة الوعي والحفاظ على الثوابت هي التحدي الأكبر في حاضر الأمة ومستقبلها.