ثورة 30 يونيو أطلقت أكبر نهضة زراعية في تاريخ مصر الحديث
الثورة تعيد خريطة الزراعة في مصر.. من الصحراء إلى الاكتفاء والتصدير

تقرير- مصطفى كمال
يشهد القطاع الزراعي تحولات جذرية منذ ثورة 30 يونيو، بعد تبني القيادة السياسية استراتيجية غير مسبوقة، تستند إلى رؤية تنموية طويلة الأمد تهدف إلى تحقيق الأمن الغذائي وتقليل الاعتماد على الخارج وزيادة الإنتاج المحلي،والتوسع في الأسواق العالمية.
ولأول مرة تنفذ مشروعات عملاقة في استصلاح الأراضي وتوطين إنتاج التقاوي وتنمية الثروة الحيوانية والسمكية إلى جانب إنجازات ملموسة في ملف الصادرات الزراعية والاحتياطي الاستراتيجي من السلع وفي هذا التقرير ترصد جريدة “اليـوم” تأثير ثورة 30 يونيو على قطاع الزراعة والأمن الغذائي.
ثورة 30 يونيو لها دور كبير في تطوير قطاع الزراعة
حيث أعادت ثورة 30 يونيو ترتيب أولويات الدولة، ودفعت بالحكومة إلى تبني رؤية مصر 2030 التي وضعت الأمن الغذائي في صدارة ملفات الأمن القومي، وسط أزمات عالمية متعددة من تغيرات مناخية إلى اضطرابات سلاسل التوريد، اعتمدت الدولة نهجا متكاملا يربط بين الاستثمار في التوسع الزراعي ودعم الفلاحين، وتطوير البنية التحتية للزراعة والتخزين والنقل.
ومنذ عام 2014، زادت مخصصات الزراعة في الموازنة العامة، وتضاعفت مساحات الأراضي المنزرعة، وتم تحديث أنظمة الري، وتحسين جودة الإنتاج الزراعي، إلى جانب تطوير منظومة الحيازة الزراعية الذكية، وبرامج دعم الفلاحين.
أبرز مشاريع التوسع الزراعي ونتائجها حتى 2025
شهدت مصر واحدة من أكبر موجات استصلاح الأراضي في تاريخها الحديث، ووفقا لتقرير صادر عن وزارة الزراعة، تم استصلاح ما يقرب 3.5 مليون فدان حتى منتصف 2025، ضمن خطة مستهدفة تبلغ 4.5 مليون فدان بحلول 2027.
أبرز مشروعات الاستصلاح الزراعي
ومن أهم مشروعات الاستصلاح الزراي مشروع الدلتا الجديدة بمساحة 2.2 مليون فدان ويهدف لتخفيف الضغط على الدلتا القديمة وزيادة إنتاج المحاصيل الاستراتيجية، مشروع توشكى الخير والذي تم إعادة إحياؤه وتبلغ مساحتة 1.1 مليون فدان ونجح في إنتاج محاصيل زراعية وخاصة القمح والذرة وأخرى للتصدير، مشروع تنمية الريف المصري باستصلاح 1.5 مليون فدان في مناطق متفرقة، منها الصعيد والوادي الجديد، مشروع تنمية شمال ووسط سيناء بمساحة 456 ألف فدان، مع إنشاء تجمعات زراعية متكاملة يستفيد منها أبناء سيناء.
حجم الصادرات الزراعية
حققت الصادرات الزراعية قفزة غير مسبوقة، حيث سجلت نحو 8.6 مليون طن من المنتجات الزراعية بنهاية عام 2024، مقارنة بـ 6.8 مليون طن في 2023، بزيادة تقارب 25%.، و في النصف الأول من 2025، بلغت الصادرات 4.8 مليون طن، وسط توقعات بأن تتجاوز 9 ملايين طن بنهاية العام الحالي وتصدر مصر منتجاتها إلى أكثر من 160 دولة حول العالم.
وواصلت مصر تصدرها لقائمة أكبر الدول المصدرة للبرتقال عالميا للعام الرابع على التوالي، كما استعادت مكانتها في السوق الأوروبية والخليجية بعد رفع قيود الفحص والحظر على بعض المنتجات.
تحقيق الاكتفاء الذاتي لبعض السلع
تبنت وزارة الزراعة عدة محاور لتحقيق الاكتفاء الذاتي النسبي في عدد من المحاصيل والمنتجات الزراعية، منها برنامج إنتاج تقاوي الخضر حيث تم استنباط 26 صنفا وهجين لعشرة محاصيل رئيسة مثل الطماطم، الخيار، الكوسة والفلفل وتقليل الاستيراد من الخارج الذي كان يتجاوز 95% سابقًا.
ووصلت المساحة المنزرعة بالقمح إلى 3.2 مليون فدان، وتم إنشاء أكثر من 7,000 حقل إرشادي، مما ساعد على تحقيق إنتاجية قياسية تجاوزت 10 ملايين طن، وعمل المشروع القومي للصوامع على زيادة القدرة التخزينية إلى أكثر من 5.5 مليون طن، ما عزز من الاحتياطي الاستراتيجي للقمح.
جهود تنمية الثروة السمكية
يشهد قطاع الثروة السمكية نموا كبيرا في السنوات الأخيرة، حيث أصبحت مصر الأولى أفريقيا والثالثة عالميًا في إنتاج البلطي وأطلقت الدولة المشروع القومي لتطوير البحيرات، وأُنشئ جهاز تنمية البحيرات والثروة السمكية، وتم طرح 21 موقعًا للاستزراع السمكي في البحرين الأحمر والمتوسط، وتشجيع الاستزراع بالأقفاص
ملف الإنتاج الحيواني والثروة الداجنة
وفي ملف الإنتاج الحيواني أُنشئت 600 نقطة تلقيح اصطناعي في القرى، مما ساعد على تحسين السلالات الحيوانية وزيادة إنتاجية الألبان واللحوم وتم تطوير الوحدات البيطرية وتفعيل مبادرات التحصين والرعاية البيطرية المجانية.
وتحتل مصر مكانة متميزة في قطاع الدواجن على مستوى المنطقة وتشير تقديرات وزارة الزراعة إلى أن مصر تنتج أكثر من 1.6 مليار طائر سنويًا وتحقق نسبة اكتفاء ذاتي من الدواجن تتجاوز 98% وتصدر منتجات دواجن وبيض إلى عدد من الدول العربية والأفريقية.
كما تم دعم صغار المربين ببرامج تمويل ميسرة عبر مشروع “البتلو”، وإنشاء منافذ بيع مباشر لمنتجات اللحوم والدواجن بأسعار مخفضة، إلى جانب تطوير مراكز تجميع الألبان وفقًا لأعلى المواصفات.
استطاعت مصر، منذ ثورة 30 يونيو وحتى منتصف 2025، أن ترسم ملامح جديدة لقطاع الزراعة ليصبح أكثر قدرة على مواجهة الأزمات، وتحقيق الاكتفاء الذاتي، وتعزيز التصدير وتظل الزراعة أحد أعمدة الأمن القومي وقاطرة تنمية حقيقية للمجتمعات الريفية.