في حوار خاص لـ«اليوم».. المحامي أيمن محفوظ: السكوتر الكهربائي “قنبلة موقوتة” تقود أطفالنا للموت

حوار: محمود حسن محمود
مع انتشار ظاهرة “سكوتر الكهربائي” في شوارع القاهرة، بات المشهد مألوفاً: أطفال ومراهقون يقطعون الطرقات بسرعة متهورة، بلا رخصة، بلا إشراف، وبلا أي قواعد للسلامة، ما يبدو في ظاهره ترفيهاً بريئاً، وسرعان ما يتحول إلى قنبلة موقوتة تهدد الأرواح وتستخدم أحياناً كأداة لارتكاب الجرائم.
المحامي بالنقض أيمن محفوظ لم يقف صامتاً، بل تقدم ببلاغ رسمي إلى رئيس الوزراء، مطالباً بتقنين هذه الظاهرة والحد من مخاطرها، وفي هذا الحوار الصحفي الخاص بجريدة وموقع “اليوم”، نفتح معه الملف بكل أبعاده القانونية والاجتماعية والإنسانية.
س: أستاذ أيمن، حضرتك تقدمت ببلاغ رسمي لرئيس الوزراء تطالب فيه بمنع السكوتر الكهربائي للأطفال في الشوارع، ما الذي دفعك لاتخاذ هذه الخطوة القانونية؟
ج: “تقدمت بالفعل ببلاغ رسمي رقم 9444344 لرئاسة الوزراء، وطالبت فيه باتخاذ كافة الإجراءات الرقابية والأمنية لتفعيل قرارات تنظيم استيراد “سكوتر الكهربائي” ومنع قيادته للأطفال، وذلك بعدما لاحظنا مؤخراً تزايد الحوادث، بعضها وصل إلى الوفاة، نتيجة قيادة متهورة من صبية صغار، بل وظهور استخدامه في أنشطة إجرامية يصعب تتبعها أمنياً”.

س: في بلاغك وصفت الاسكوتر بأنه “قنبلة إجرامية في شوارع مصر”.. ما الذي تقصده تحديداً بهذا الوصف؟
ج: “سكوتر لم يعد مجرد وسيلة ترفيه، بل صار أداة تستخدم في جرائم: سرقة، تحرش، تجارة مخدرات، بل وتعرض سائقيه أنفسهم للسرقة بالإكراه، وأحياناً القتل، كما أصبح سبباً في تفكك أسر، بعد أن يضطر الطفل لسرقة والديه لتأجير الاسكوتر، أو يستخدمه للهرب من المدرسة، أو يدخل في نزاعات بسبب تكلفته الباهظة”.
س: هل ترى أن استخدام الأطفال “سكوتر” يدخل ضمن بند الإهمال الأسري، أم تقصير الدولة؟
ج:” المسؤولية مشتركة، فالأسرة تُهمل حين تسعى لتدليل أبنائها على حساب سلامتهم، والدولة تُقصر حين تسمح باستيراد هذه الأجهزة دون رقابة أو تقنين، لذلك لا بد من تنظيم شامل يراعي السلامة العامة”.
س: ما أبرز الثغرات القانونية التي تسمح بانتشار “سكوتر” دون رقابة؟
ج: “لدينا وفرة في القوانين، ولكن الأزمة الحقيقية تكمن في التطبيق، حيث هناك إساءة استخدام للثغرات، في ظل غياب الضمير والمحاسبة المجتمعية، والمطلوب ليس قانوناً جديداً، بل تفعيل ما لدينا، إلى جانب إصلاح خلل في التعليم والتوعية الدينية والأخلاقية”.

س: كيف تصف عملية تأجير سكوتر للأطفال؟ وهل يدخل ذلك تحت طائلة القانون؟
ج: “تأجيره دون رقابة جريمة قانونية وأخلاقية، غياب التراخيص، وعدم استخدام وسائل الأمان، وتوفيره للقصر، يُعد انتهاكاً صريحاً لقانون الطفل، ووفقاً للمادة 116، تتضاعف العقوبة إذا كانت الجريمة ضد قاصر”.
س: هل مؤجر السكوتر مسؤول قانونياً عن أي حادث؟
ج: “نعم، بل يجب اعتباره فاعلاً أصلياً في أي جريمة أو حادث يقع، ويتحمل المسؤولية الجنائية والمدنية، ويُطالب بتعويضات مادية وأدبية كاملة عن الأضرار التي يسببها للغير”.
س: من الجهة الحكومية التي ترى أنها تتحمل مسؤولية تنظيم هذه الظاهرة؟
ج:” تقدمت بالبلاغ لرئيس الوزراء، وأُحيل إلى وزارة الاستثمار والتجارة الخارجية، والتي بدورها تفاعلت إيجابياً، واجتمعت بنا بالفعل، حيث تم اقتراح إصدار بطاقة تعريف لكل مستورد، وربط البيع بترخيص واضح، مع التنسيق مع الداخلية والمحليات لتنظيم وتحجيم الظاهرة”.
س: هل ترى ضرورة لمعاملة السكوتر قانونياً مثل الدراجات النارية؟
ج: “بالتأكيد، فهي مركبات كهربائية تتحرك في الطرق العامة، تماماً مثل السيارات والدراجات، ويجب ترخيصها ومراقبة بيعها وتحديد السن القانوني لاستخدامها”.
س: هل تلقيت أي ردود فعل رسمية بعد البلاغ؟
ج: “نعم، تم التواصل من قبل مكتب وزير الاستثمار، وعقد اجتماع بتاريخ 29/6/2025، وخرجنا بتوصيات واضحة لتنظيم استخدام السكوتر، وكان هناك وعد واضح بالتنسيق بين الوزارات المعنية لضمان سلامة المجتمع”.
س: ما الحل القانوني الذي تراه مناسباً؟
ج: ” لست مع الحظر الشامل، بل مع التقنين والتشديد الرقابي، وتحديد سن قانوني، وتفعيل أدوات الرقابة الميدانية، لأن المواجهة الشفافة أفضل من الدفن تحت التراب”.
س: ما هي رسالتك لأولياء الأمور الذين يشترون هذا الجهاز لأطفالهم؟
ج:”قبل أن تشتري لحظة سعادة مزيفة لطفلك، تذكر أنك قد تشتري له أداة موته بيدك، فكم من أم دفنت ابنها، وكم من طفل فقد حياته أو حرم آخر من الحياة بسبب سكوتر، لا تجعل طفلك قاتلاً أو قتيلاً، ابنِ شخصيته أولاً، وابحث عن الأمان النفسي والبدني، لا اللهو الزائف”.
السكوتر الكهربائي لم يعد مجرد لعبة، بل ملف قانوني وأمني واجتماعي شائك، وبين طفل يقوده برعونة، وأسرة تشتريه بدافع الحب، وتاجر يستغله بحثاً عن الربح، يبقى القانون هو الفيصل، ويبقى صوت العقلاء – كالمحامي أيمن محفوظ – هو النذير المبكر قبل أن تتحول الشوارع إلى فوضى من الحوادث والجرائم.