الأزهر يطلق أسبوعًا دعويًّا بالجامع الأزهر تحت شعار: الهجرة النبوية تدبير إلهي

كتب:مصطفى على
تنطلق صباح غدٍ الأحد أولى فعاليات الأسبوع الثامن للدعوة الإسلامية التي ينظمها مجمع البحوث الإسلامية بالجامع الأزهر، تحت عنوان: “الهجرة النبوية.. تدبير إلهي وبُعد إنساني”، برعاية فضيلة الإمام الأكبر الأستاذ الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف، وإشراف فضيلة الأستاذ الدكتور محمد الضويني، وكيل الأزهر، وفضيلة الأستاذ الدكتور محمد الجندي، الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية.
وتأتي هذه الفعاليات ضمن جهود اللجنة العليا للدعوة بالأزهر لتعزيز الدور الريادي للمؤسسة الأزهرية في حمل لواء الدعوة، وبثّ الوعي الديني المستنير، وتأكيد الحضور الأصيل للأزهر في تشكيل البناء الفكري والأخلاقي للمجتمع، من خلال خطاب وسطي يجمع بين الأصالة والمعاصرة.
الهجرة النبوية.. حدث مفصلي في تاريخ الإنسانية
في تصريحات صحفية، أكد الأستاذ الدكتور محمد الجندي، الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية، أن هذا الأسبوع الدعوي يتزامن مع ذكرى الهجرة النبوية المشرفة، الحدث الذي وصفه بأنه “أحد أعظم المنعطفات الحضارية التي عرفتها البشرية”، مشيرًا إلى أن الهجرة لم تكن مجرد انتقال مكاني من مكة إلى المدينة، بل كانت نقطة تحول كبرى في مسار الدعوة الإسلامية، وحملت في طياتها تجليات عميقة على المستويات الروحية، والاجتماعية، والسياسية.
وأوضح الدكتور الجندي أن اللقاءات العلمية والدعوية المزمع عقدها خلال الأسبوع تمثل امتدادًا لرسالة الأزهر في تجديد الخطاب الديني وتقديمه بمنهج علمي متزن، يُخاطب العقول والقلوب معًا، ويهدف إلى بناء وعي جماعي يتعامل مع التحديات المعاصرة بعمق وإدراك ومسؤولية.
قيم الهجرة وبناء الدولة
وأبرز الجندي أن المحاور المطروحة خلال هذا الأسبوع ستسلط الضوء على الأثر البالغ للهجرة النبوية في بناء مجتمع المدينة، وما أرساه رسول الله ﷺ من قيم المؤاخاة والمساواة والعدل والتعايش السلمي، وهي القيم التي جسدتها “وثيقة المدينة” كأول دستور مدني يُكرّس احترام التعددية ويضمن الحقوق المتبادلة بين مكونات المجتمع.
كما أشار إلى أن التخطيط المحكم والإعداد المسبق الذي سبق الهجرة المباركة يعد نموذجًا نبويًّا راقٍ في التدبير والقيادة، وهو ما تحتاجه الأمة اليوم لمواجهة التحديات وتجاوز الأزمات، مؤكدًا أن الهجرة حملت بعدًا إنسانيًّا عميقًا في كيفية التعامل مع الآخر، والارتقاء بمستوى الإنسان من مجرد كائن بيولوجي إلى حامل رسالة ومبدأ.
الأزهر.. في قلب الجماهير
من جهته، قال الدكتور حسن يحيى، الأمين العام المساعد للجنة العليا لشؤون الدعوة، إن الأسبوع الدعوي الثامن يأتي استكمالًا للمسار الدعوي الذي يسير عليه مجمع البحوث الإسلامية في التواصل مع فئات المجتمع المختلفة، وهو جزء من مشروع الأزهر الرائد في ترسيخ القيم العليا للإسلام عبر خطاب وسطي معتدل.
وأضاف أن الأزهر الشريف من خلال هذه اللقاءات يسعى للوصول إلى الجمهور بلغة تجمع بين التيسير والتبصير، وتربط بين النصوص الدينية وواقع الناس، عبر قراءة معاصرة تسعى لبعث الحياة في المعاني والقيم الإسلامية، وتقديمها كحلول عملية لمشكلات العصر، لا سيما في ظل التحديات الفكرية والسلوكية التي يشهدها العالم الإسلامي.
برنامج علمي حافل ومتنوّع
ومن المقرر أن تمتد فعاليات الأسبوع الدعوي بالجامع الأزهر لخمسة أيام متتالية، تشهد تنظيم ندوات علمية وفكرية يُحاضر فيها نخبة من كبار علماء الأزهر الشريف، وتتناول موضوعات متنوعة ترتبط كلها بالهجرة النبوية من زوايا متعددة.
ومن أبرز هذه المحاور:
أثر التآخي في بناء المجتمع الإسلامي الجديد.
وثيقة المدينة ودورها في ضبط العلاقات الاجتماعية والدينية.
قراءة قرآنية للهجرة بوصفها لحظة إيمانية خالدة.
دور المرأة في الهجرة.. نماذج مشرقة وبطولات خفية.
الهجرة ومعالجة الفوارق الطبقية.. رؤية أخلاقية.
كيف نستلهم قيم الهجرة في مواجهة تحديات العصر؟
وتهدف هذه الندوات إلى استلهام الدروس المستفادة من الهجرة النبوية وتوظيفها في بناء مجتمع عصري يحافظ على القيم، ويوازن بين الثوابت والمتغيرات.
افتتاح رسمي بندوة كبرى
وتُفتتح فعاليات الأسبوع بندوة كبرى صباح الأحد بعنوان: “الهجرة النبوية.. حدث غيّر مجرى التاريخ”، ويُحاضر فيها كل من:
فضيلة الأستاذ الدكتور أحمد عمر هاشم، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف.
فضيلة الأستاذ الدكتور محمد الجندي، الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية.
الدكتور حسن يحيى، الأمين العام المساعد للجنة العليا لشؤون الدعوة.
وتتناول الندوة عدة موضوعات محورية، منها:
الموقع المحوري للهجرة في التاريخ الإسلامي.
دور الهجرة في انتشار الإسلام خارج الجزيرة العربية.
الدروس المستفادة من الهجرة في القيادة والتخطيط الاستراتيجي.
أثر الهجرة في بناء الدولة وصياغة المستقبل.
رسالة الأزهر المستمرة
تعكس هذه الفعاليات الدعوية حرص الأزهر الشريف على مواصلة دوره التنويري في توعية الجماهير وتثبيت القيم الإسلامية الأصيلة، خاصة في ظل ما يواجهه العالم من تحديات فكرية وسلوكية وأخلاقية، تجعل من العودة إلى النموذج النبوي ضرورة لا غنى عنها.
وتأتي ذكرى الهجرة النبوية فرصة لإحياء الوعي الجمعي حول معاني الفداء، والصبر، والتخطيط، والتضحية، والتعايش، وهي القيم التي تتجاوز الزمان والمكان، وتظل منارات هادية في مسيرة الإنسانية نحو العدل والسلام والكرامة.
الأزهر على العهد
بهذا الأسبوع الدعوي، يؤكد الأزهر الشريف، من خلال مجمع البحوث الإسلامية، أنه باقٍ على العهد، حاملًا رسالة الإسلام الوسطية، ومدافعًا عن قِيَم الحق والخير والجمال، ساعيًا في كل ميدان لتجديد الخطاب الديني وبناء جيل مستنير، مستلهمًا من سيرة النبي ﷺ ما يُعين على فهم الواقع والنهوض بالأمة نحو مستقبل أفضل.