خطة كاتس بتحويل رفح إلى قفص.. تهجير ناعم أم إبادة ديموغرافية؟

كشفت صحيفة تايمز أوف إسرائيل عن خطة إسرائيلية مثيرة للجدل تقضي بإنشاء “مدينة إنسانية جديدة” في جنوب قطاع غزة على أنقاض مدينة رفح، لاستيعاب مئات آلاف الفلسطينيين، مع توجه لتوسيعها لاحقا لتضم أكثر من مليوني نازح.
الخطة الإسرائيلية التي توصف بـ”الإنسانية” تواجه موجة من الرفض الدولي والتحذيرات الحقوقية، وسط قلق متزايد من أن تكون هذه الخطوة تمهيدا لإفراغ غزة من سكانها ضمن سياسة طويلة الأمد لتغيير هويتها السكانية والجغرافية.
وبينما تروج تل أبيب لخطتها باعتبارها “ضرورة أمنية”، يرى الحقوقيون فيها أخطر محاولة لترسيخ واقع ديموغرافي جديد بالقوة، وفرض تهجير جماعي تحت ستار “الإدارة الإنسانية”.
مدينة أم معسكر احتجاز؟
الخطة، التي أعلنها وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس، تشمل في مرحلتها الأولى نقل نحو 600 ألف فلسطيني يعيشون حالياً في منطقة المواصي الساحلية، بعد “تأكد الجيش من خلوهم من عناصر حماس”، وفق تعبيره.
إلا أن كاتس أكد في تصريحات صحفية أن “الفلسطينيين لن يسمح لهم بمغادرة المنطقة”، مشيراً إلى أن الجيش سيتولى تأمينها من الخارج، بينما تتولى الهيئات الدولية إدارتها.
ورغم أن كاتس شدد على أن الجيش لن يتدخل في إدارة المدينة، فإن مصادر مطلعة أكدت أن مدير عام وزارة الدفاع، أمير برعام، بدأ فعلياً وضع خطوط الخطة الميدانية، في ظل صمت رسمي من الحكومة الإسرائيلية حول التفاصيل التنفيذية.
الأورومتوسطي: تطهير عرقي
المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان أصدر بيانا حاد اللهجة، وصف فيه الخطة بأنها “خطوة متعمدة لإفراغ غزة من سكانها وفرض واقع ديموغرافي جديد بالقوة”. مشيراً إلى أن إسرائيل تخطط لاحتجاز السكان قسرا “في معسكر اعتقال مغلق فوق أنقاض رفح”.
وأضاف المرصد أن “إسرائيل” تتذرع بالمفاهيم الإنسانية لإضفاء شرعية على مشروع تهجير قسري، وصفه بأنه يندرج ضمن “جرائم الإبادة الجماعية والفصل العنصري”. واعتبر أن الحديث عن “الهجرة الطوعية” مجرد غطاء دعائي لتبرير الطرد الجماعي لسكان غزة.
بين الضغط الداخلي والانتقادات الخارجية
على الصعيد السياسي، يواصل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو التماهي مع شركائه في الائتلاف اليميني المتطرف، وعلى رأسهم بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير، اللذين يطالبان بترحيل الفلسطينيين بشكل نهائي من القطاع.
وفي هذا السياق، عبر المبعوث الأمريكي الخاص ستيف ويتكوف، عن قلقه من الطابع غير الإنساني للخطة، رغم تفاؤله بإمكانية التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار مع حماس، في ظل تجاوز ثلاث من أربع نقاط خلاف رئيسية.
أما على الجانب الأوروبي، فقد صرح وزير شؤون الشرق الأوسط البريطاني هاميش فالكونر بأن لندن “تشعر بالاستياء من اقتراح نقل سكان غزة إلى رفح”. مضيفا: “يجب عدم تقليص مساحة الأراضي الفلسطينية، بل تمكين المدنيين من العودة إلى بلداتهم الأصلية”.
عربة حمار المسيح
في الداخل الإسرائيلي، تتزايد الأصوات المعارضة لاستراتيجية نتنياهو، حيث صرح وزير الدفاع السابق موشيه يعلون بأن “الهدف من الحرب سياسي لحماية نتنياهو”. منتقدا خطط “عربات جدعون” التي وصفها بسخرية بأنها “عربة حمار المسيح”، في إشارة إلى عبثية استخدامها في حرب طويلة دون هدف واضح.
وقال يعلون: “الجيش يغرق في مستنقع غزة، ويخسر جنوده مقابل عدد محدود من الأسرى العائدين”. مضيفا أن “الجنود فقدوا الثقة في القيادة السياسية والعسكرية، وإسرائيل تدفع أثمانا أمنية وسياسية واقتصادية في أطول حرب ضد عدو يحمل كلاشنيكوف ويلبس شبشب”.
المخاوف من الاستيطان
ورغم تصريحات نتنياهو بأن خطته لا تشمل إقامة مستوطنات في المناطق التي ستخليها إسرائيل في القطاع، فإن تقارير عدة تحدثت عن ضغوط من أوساط يمينية لإعادة بناء مستوطنات دمرت عام 2005 ضمن خطة فك الارتباط.
من جهته، يؤكد المرصد الأورومتوسطي أن تجميع السكان في منطقة واحدة، مع منعهم من الحركة وغياب ضمانات للعودة، يمثل “مقدمة لمرحلة انتقالية ضمن خطة ممنهجة للتطهير العرقي”.
تعليق واحد