📢 أعلن على موقع اليوم الإخباري الآن – واجهتك المثالية للوصول إلى آلاف الزوار يوميًا 🔥 تواصل عبر واتساب +20 100 244 0441   |   أعلن الآن
الرئيسيةعرب-وعالم

بعد سؤاله لرئيسها عن إتقان الإنجليزية.. هل يعرف ترامب كيف ولدت ليبيريا؟

في لقطة أثارت موجة استياء واسعة في الأوساط الدبلوماسية والإعلامية، وجه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب سؤالًا مفاجئًا ومحرجًا لنظيره الليبيري جوزيف بويكاي خلال القمة المصغرة التي جمعته بخمسة رؤساء أفارقة في البيت الأبيض، قائلاً له أمام الكاميرات: “إنجليزيتك جيدة جدًا، من أين تعلمت التحدث بهذه الروعة؟”

السؤال، الذي بدا عفويًا من ترامب، اعتبره كثيرون انعكاسًا لتصور نمطي متجذر حول القارة الأفريقية، ونظرته الاستعلائية التاريخية للزعماء الأفارقة.

لكن المفارقة أن ليبيريا، التي يتحدث رئيسها الإنجليزية بطلاقة، لم تكن يومًا دولة استعمارية تقليدية مثل غيرها من بلدان القارة، بل تأسست على يد أميركيين من أصل أفريقي تم ترحيلهم قسرًا من الولايات المتحدة في القرن التاسع عشر.

ليبيريا
ليبيريا

دولة الشتات الأمريكي

ويشرح الباحث في الشأن الإفريقي ربيع محمد محمود السياق التاريخي لتأسيس ليبيريا، قائلا إن “ليبيريا ليست مجرد دولة ناطقة بالإنجليزية، بل هي نتاج مباشر لحركة التهجير القسري التي طالت السود الأميركيين المحررين بعد الثورة الأمريكية”.

ويضيف في تصريحات خاصة لـ”اليوم”، أن أولى أفكار إعادة توطين السود في إفريقيا برزت بعد استقلال الولايات المتحدة عن بريطانيا، كحل لمشكلة السود الأحرار الذين باتوا ينظر إليهم كعبء اجتماعي وسياسي. وقد اقترحت جهات أمريكية إرسالهم إلى جزر الكاريبي أو فلوريدا أو لويزيانا، لكن رؤية بديلة سادت لاحقًا، تقضي بتأسيس مستوطنة خاصة لهم في غرب القارة الأفريقية، خارج النطاق البريطاني.

من سيراليون إلى ليبيريا

بدأت بريطانيا الخطوة الأولى عام 1787 بتوطين نحو 400 من السود الأحرار في شبه جزيرة سيراليون، لكن المشروع فشل سريعًا بسبب الأوبئة والاضطرابات المحلية. ثم جاءت محاولة أخرى عام 1792 حين أسس حوالي 1100 من العبيد السابقين – الذين قاتلوا في صفوف البريطانيين إبان الثورة الأمريكية – مدينة فريتاون، والتي أصبحت لاحقًا عاصمة سيراليون، بحسب الباحث.

وتابع: “لكن الدور الأمريكي لم يتأخر كثيرًا، فمع تزايد أعداد السود المحررين في الولايات المتحدة مطلع القرن التاسع عشر، تشكلت جمعية الاستعمار الأمريكية، التي دفعت باتجاه تأسيس مستعمرة في جنوب سيراليون، أُطلق عليها اسم ليبيريا”.

وابتداءً من عام 1822 وحتى اندلاع الحرب الأهلية الأميركية عام 1861، استقر في ليبيريا نحو 15 ألف أمريكي من أصول أفريقية، حامليًا معهم لغتهم وثقافتهم ودستورهم الذي استنسخ فعليًا من النموذج الأميركي.

الاستقلال والهوية

أعلنت ليبيريا استقلالها رسميًا عام 1847، لتصبح أول جمهورية مستقلة في تاريخ إفريقيا الحديث. وقد اعترفت بها الولايات المتحدة بعد ذلك بأعوام، وتحديدًا عام 1862، وسط ضغوط بريطانية وأوروبية متزايدة لوضع حد لتجارة العبيد في الأطلسي.

ويؤكد ربيع محمود أن ليبيريا بنيت فعليًا كنموذج “أمريكي-أفريقي” خاص، فقد حمل الوافدون إليها من الشتات الأمريكي الهوية الثقافية والسياسية للولايات المتحدة. بما في ذلك الإنجليزية كلغة رسمية، والدستور الجمهوري، والنظام التعليمي الأميركي. ولهذا فإن “إتقان الرئيس الليبيري للإنجليزية ليس محل دهشة، بل نتيجة طبيعية لمسار تاريخي استثنائي”.

إرث استعماري مشوه

ويعتبر الباحث أن تصريحات ترامب – وإن بدت شخصية – تفضح جهلًا واسعًا بالتاريخ الإفريقي والشتات الأسود الأمريكي. كما تعيد التذكير بأن مشاريع “إعادة التوطين” لم تكن دائمًا ذات بعد إنساني، بل في كثير من الأحيان كانت انعكاسًا لرغبة النخب الغربية في “تفريغ” مجتمعاتها من الأقليات السوداء، وهو ما يتقاطع مع الجدل الدائر حاليًا حول خطة بريطانيا لإعادة ترحيل طالبي اللجوء إلى رواندا.

ويضيف محمود أن تجربة ليبيريا يجب أن تقرأ اليوم كجزء من تاريخ أطول من الاستغلال، والنفي القسري، وتشكيل دول على أسس غير عادلة.

ويختم بالقول: “السؤال عن لغة رئيس ليبيريا يكشف عن عمق ما لم يُفهم بعد من التاريخ الأمريكي والأفريقي المشترك”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights