📢 أعلن على موقع اليوم الإخباري الآن – واجهتك المثالية للوصول إلى آلاف الزوار يوميًا 🔥 تواصل عبر واتساب +20 100 244 0441   |   أعلن الآن
تقارير-و-تحقيقات

مرصد الأزهر يكشف أبعاد حملة “فوكس” ضد الحجاب

تقرير: مصطفى على

في وقت تتسارع فيه وتيرة الجدل داخل الساحة الأوروبية حول قضايا الهوية والدين وحرية المعتقد، برزت إسبانيا كواحدة من الدول التي تشهد تصاعدًا ملحوظًا في الخطابات المتطرفة ضد الأقليات المسلمة، خاصة فيما يتعلق بالحجاب والتعليم الديني.

ووسط هذه التوترات، أصدر مرصد الأزهر لمكافحة التطرف تقريرًا تفصيليًا أدان فيه بشدة الحملة التي يقودها حزب “فوكس” اليميني المتطرف، والتي اعتبرها استهدافًا مباشرًا للحريات الدينية والثقافية، ومحاولة ممنهجة لضرب النسيج المجتمعي الإسباني.

خلفية الحملة: حزب “فوكس” في صدارة المشهد

منذ صعوده على الساحة السياسية الإسبانية، عُرف حزب “فوكس” بخطابه الشعبوي المتطرف، لا سيما تجاه المهاجرين والأقليات الدينية لكنه في الأشهر الأخيرة صعّد من هجماته السياسية والإعلامية ضد الجالية المسلمة، مستهدفًا بشكل خاص الحجاب والتعليم الإسلامي في المدارس، وهو ما ترجمه الحزب إلى مقترحات تشريعية عرضها داخل برلماني مدريد وأندلوسيا في يونيو 2025.

ووفقًا للمقترحات، يطالب الحزب بحظر ارتداء الحجاب في جميع الأماكن العامة، بما في ذلك المؤسسات التعليمية والمرافق الصحية، تحت ذريعة “حماية الهوية الوطنية” و”صون القيم الإسبانية”.

لكن هذه الدوافع المعلنة، كما يؤكد مرصد الأزهر، ما هي إلا غطاء أيديولوجي لمشروع إقصائي، يسعى إلى تصفية مظاهر التنوع الديني والثقافي، وتحويل المسلمين إلى “آخر” دخيل داخل وطنهم، رغم كونهم جزءًا أصيلًا من النسيج الإسباني منذ عقود.

تحليل الخطاب: من حماية الهوية إلى استهداف الإسلام

يرى مرصد الأزهر أن الخطاب الذي يتبناه حزب “فوكس” يتجاوز الاعتراض السياسي إلى التحريض العلني، إذ يصور المسلمين ككتلة موحدة تسعى لـ”أسلمة” المجتمع الإسباني.

وتُقدَّم قضايا مثل الحجاب على أنها تهديد للهوية، ويتم تجاهل حقيقة أن الحجاب ممارسة دينية فردية نابعة من قناعة شخصية، لا علاقة لها بأي أجندة سياسية.

ويرى الخبراء في وحدة رصد اللغة الإسبانية أن هذه الطريقة في توظيف الدين لخلق صراع وهمي داخل المجتمع ليست جديدة، بل تُعد من أدوات اليمين المتطرف التي يُعاد إنتاجها في أكثر من بلد أوروبي وهي تعتمد على ترويج روايات مضللة، تتعمد تصوير الإسلام كدين “غريب” على أوروبا، مع تجاهل إرث الأندلس، والمساهمات الإسلامية في تشكيل الثقافة الإسبانية.

التعليم الإسلامي تحت المقصلة

لم تكتف الحملة باستهداف الحجاب، بل امتدت لتشمل المدارس والمناهج الإسلامية، حيث زعم “فوكس” أن هناك مواد تعليمية تتضمن “دعوات جهادية”.

ورغم أن الحزب لم يقدم أي دليل موثق يدعم هذه الادعاءات، إلا أن الهدف من هذه المزاعم، وفقًا لمرصد الأزهر، هو خلق “عدو داخلي” يتم تحميله مسؤولية الأزمات الاجتماعية والاقتصادية، تمامًا كما فعلت حركات فاشية في مراحل تاريخية سابقة.

وهنا يُطرح السؤال الأخطر: هل نحن أمام محاولة لتجريم التعليم الديني الإسلامي؟
يؤكد المرصد أن هذه الخطوة تعد انتهاكًا صارخًا لمبادئ حرية التعليم وحرية الاعتقاد، ويذكر بأن إسبانيا دولة علمانية تكفل دستورها ممارسة الشعائر الدينية والتعليم الديني في إطار من الضوابط القانونية.

ردود الفعل الحكومية: كلمة إنصاف وسط ضجيج الكراهية

وسط هذا التصعيد، برز موقف الحكومة الإسبانية كـ بارقة أمل في المشهد فقد أعربت وزيرة التعليم بيلار أليجريا عن رفضها القاطع لهذه المقترحات، ووصفتها بأنها “ترهات لا تستند إلى حقائق”، مؤكدة أن حزب “فوكس” يسعى من خلالها إلى زرع بذور الكراهية والانقسام بين أبناء المجتمع الإسباني.

وأكدت الوزيرة التزام الحكومة بالقيم الدستورية، وبمبادئ حقوق الإنسان والتعددية، مشيرة إلى أن حماية الحريات الدينية ليست فقط مسؤولية سياسية، بل واجب أخلاقي وإنساني.

قراءة قانونية: ما مدى خطورة المقترحات؟

من الناحية القانونية، يُعد حظر الحجاب في الأماكن العامة انتهاكًا واضحًا للمواثيق الأوروبية والدولية التي تضمن حرية المعتقد وقد سبق أن أُدينت دول أوروبية مثل فرنسا وبلجيكا أمام المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان بسبب سياسات تمييزية ضد الحجاب.

وتحذر مؤسسات حقوقية أوروبية من أن تمرير مثل هذه التشريعات يفتح الباب أمام تطبيع العنصرية المؤسسية، وخلق فئات “منبوذة” داخل المجتمع، تُمارس ضدها أشكال مختلفة من التمييز الاجتماعي والاقتصادي.

مرصد الأزهر: خطاب الكراهية لا يبني أوطانًا

في بيانه، شدد مرصد الأزهر على أن سياسات الإقصاء لا تصنع وطنًا موحدًا، بل تؤدي إلى تآكل الروابط الاجتماعية، وتزرع في النفوس الإحساس بالاغتراب والتمييز.
وأكد أن احترام التنوع الثقافي والديني هو ركيزة أساسية لأي ديمقراطية حقيقية، وأن المساس بحرية المعتقد تحت أي ذريعة، سواء كانت “الأمن القومي” أو “الهوية الوطنية”، لا يمكن تبريره في دولة تحترم الإنسان.

ودعا المرصد مؤسسات الدولة الإسبانية والمجتمع المدني إلى عدم التساهل مع هذه التوجهات الخطيرة، والعمل على تحصين المجتمع من أفكار الإقصاء والتهميش.
كما شدد على أن الحوار والانفتاح، وليس التخويف والتحريض، هما السبيل الأمثل لبناء مجتمع متماسك ينعم بالأمن والاحترام المتبادل

هل تنجح إسبانيا في صد رياح التطرف؟

رغم تصاعد الخطاب المتطرف، لا تزال أمام إسبانيا فرصة لإثبات تمسكها بقيمها الديمقراطية، عبر رفض محاولات “فوكس” لتحويل الاختلاف إلى صراع، والتنوع إلى تهديد.
والسؤال الذي يطرحه مرصد الأزهر، ويجد صداه في قلوب كل المؤمنين بالعدل، هو:
هل يرضى المجتمع الإسباني بأن يُختزل مواطنوه المسلمون إلى رموز متطرفة في عقول بعض السياسيين؟
وهل نسمح بأن يكون الحجاب، رمزًا للخصوصية الدينية، ساحة لصراع أيديولوجي يمزق المجتمعات بدل أن يوحدها؟

بين خيارين تقف إسبانيا اليوم: إما التمسك بالقانون والتعددية، أو الانجراف وراء موجات الشعبوية والتمييز. وعلى المجتمع أن يختار بحزم: هل سيكون الوطن للجميع أم لفئة ترى في المختلف عدوا؟

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights