رئيس دينية الشيوخ: الكلمة أمانة وبرنامج دار الإفتاء خطوة لبناء وعي ديني رصين

كتب:مصطفى على
في إطار افتتاح فعاليات البرنامج التدريبي الذي تنظمه دار الإفتاء المصرية لتأهيل الصحفيين والإعلاميين على تغطية القضايا الدينية والإفتائية بمهنية ووعي، ألقى الأستاذ الدكتور يوسف عامر، رئيس لجنة الشؤون الدينية والأوقاف بمجلس الشيوخ، كلمة مهمة تناول فيها أبعاد هذا البرنامج وأهميته في المشهد الإعلامي والدعوي المصري.
برنامج تدريبي يعكس رسالة الدار ومسؤوليتها نحو الوطن
أكد الدكتور عامر أن البرنامج التدريبي الذي أطلقته دار الإفتاء ليس مجرد نشاط عابر، بل يمثل خطوة استراتيجية مهمة، تأتي في سياق ما وصفه بـ”ربط الصحافة بالبلاغ الهادف وبناء الوعي”، مشيرًا إلى أن البرنامج هو ثمرة من ثمار الوعي المؤسسي الذي تتمتع به دار الإفتاء في تعاملها مع وسائل الإعلام، وهو يعكس رؤيتها العميقة في بناء مجتمع متماسك واعٍ قادر على مقاومة الفكر المتطرف ومظاهر التشويه.
وأوضح أن دار الإفتاء المصرية دأبت على إطلاق مبادرات نوعية ورصينة تخدم الدين والوطن، وتجسّد الدور الحقيقي للمؤسسات الدينية في بناء الوعي الجمعي، وتعزيز ثقافة المسؤولية لدى الإعلاميين الذين يتناولون القضايا الشرعية والإفتائية.
الوعي.. معرفة قبل أن يكون موقفًا
شدد الدكتور يوسف عامر على أن الوعي ليس مجرد حالة وجدانية أو موقف ثقافي، بل هو ثمرة للمعرفة الدقيقة والثقافة الراسخة، مؤكدًا أن أساسه يبدأ من التواصل المباشر مع المتخصصين، بعيدًا عن الارتجال أو النقل غير الموثق.
وأضاف: “الوعي يسبق العمل، ولا أثر لأي خطاب صحفي أو إعلامي في الشأن الديني ما لم يستند إلى بيان علمي راسخ”، معتبرًا أن هذا البرنامج التدريبي يأتي في توقيت مهم يعزز من الدور المهني للصحافة، ويمكنها من أداء رسالتها في حماية الهوية المصرية، والدفاع عن قيم الوسطية والاعتدال.
البلاغ النبوي وبناء الوعي.. مسؤولية مشتركة بين الإعلام والدعوة
استلهم الدكتور عامر من مقاصد النبوة مثالًا حيًّا على التكامل بين البيان والبناء، موضحًا أن الأنبياء حملوا مهمتين عظيمتين: البلاغ عن الله، وبناء وعي الناس بالحقائق الكبرى واليوم، تقع هذه المهمة على عاتق الإعلاميين والدعاة والمعلمين، كلٌ في مجاله وميدانه.
وأضاف أن الإعلام إذا تحرّى الصدق، واقترب من أهل التخصص، وتجنّب التهويل، فإنّه يصبح أحد أهم روافد التنوير ومواجهة التطرف، مشيدًا بما وصفه بـ”الدور التاريخي العميق للإعلام المصري” في تشكيل وعي الناس دينيًا وثقافيًا، ليس فقط داخل مصر، بل في المنطقة كلها.
تحرّي الدقة والصدق في نقل الكلمة.. من أعظم صور الأمانة
أكد رئيس اللجنة الدينية بمجلس الشيوخ أن الكلمة أمانة كبرى، ونقلها يتطلب علمًا وفقهًا وتحققًا من المصدر، مشيرًا إلى أن أي تهاون أو تسرّع في عرض القضايا الدينية قد يُفسد الرسالة مهما كانت سامية.
وقال: “سوء الأداء الإعلامي أو تلوث الكلمة قد يهدم المعنى، ويحرف الرسالة، ويشوش على المقاصد”، مستشهدًا بقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا، سهَّل الله له به طريقًا إلى الجنة»، وبتوجيه الإمام البخاري: “العلم قبل القول والعمل”.
كما أشار إلى أن القرآن الكريم يرسخ هذا المبدأ في قوله تعالى: ﴿فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَـٰهَ إِلَّا ٱللَّهُ﴾ [محمد: 19]، مما يبيّن أن البيان العلمي هو أساس الخطاب المؤثر، خاصة عندما يتعلق الأمر بالقيم الدينية والمجتمعية.
الصحافة الدينية المتخصصة ضرورة لا ترف
في ختام كلمته، وجّه الدكتور يوسف عامر رسالة مباشرة إلى الصحفيين والإعلاميين المشاركين في البرنامج، دعاهم فيها إلى التزود بالمعرفة، وتحري الدقة، ومراعاة قدسية المضمون عند تناول الشأن الديني، مؤكدًا أن الصحافة الدينية المتخصصة لم تعد ترفًا بل ضرورة وطنية وثقافية.
وقال: “إن أمانة الكلمة هي ما يجذب القارئ ويصنع وعيه، وهي مسؤولية يجب أن نؤديها بيقظة تامة، لأن بناء الوعي اليوم بات معركة حقيقية ضد التزييف والتشويه والتطرف، والكلمة إن لم تكن متزنة ودقيقة، فقد تضر أكثر مما تنفع”.
حضور ديني وإعلامي رفيع في افتتاح البرنامج
شهد حفل افتتاح البرنامج التدريبي حضورًا نوعيًا من القيادات الدينية والإعلامية، حيث شارك فيه فضيلة الدكتور محمد الضويني، وكيل الأزهر الشريف، وفضيلة الدكتور عباس شومان، الأمين العام لهيئة كبار العلماء، وفضيلة الدكتور أسامة الأزهري، مستشار رئيس الجمهورية للشؤون الدينية، وفضيلة الدكتور نظير عياد، مفتي الجمهورية، والكاتب الصحفي خالد البلشي، نقيب الصحفيين، إلى جانب نخبة من الإعلاميين والمهتمين بالشأن الديني.
يُذكر أن هذا البرنامج يُعد من المبادرات النوعية التي أطلقتها دار الإفتاء المصرية، ويهدف إلى تمكين الصحفيين من أدوات التغطية المهنية الدقيقة للقضايا الدينية، وتحصين الإعلام من الانجراف وراء الإثارة أو المغالطات، وبناء خطاب إعلامي رصين يسهم في نهضة الوعي الديني في مصر والعالم العربي.