الرئيسيةعرب-وعالم

محطات إفناء الاحتلال للقطاع الطبي في غزة

تقرير مروة محي الدين

صرخة يومية تنطلق من إحدى مؤسسات القطاع الصحي في غزة أو إحدى المنظمات الدولية المعنية به، مع تفنن حكومة الاحتلال وجيشها في خنق المؤسسات الطبية وإفناء أعضائها، حتى أضحت صرخات الاستغاثة مثل صافرة اعتيادية لقطار لحظة دخوله الروتيني لأحد المحطات.

ومن ذلك الواقع، تدخل “اليوم” محطات الألم والاحتضار في القطاع الصحي، ونفضلها التالي:

منع الوقود

يركز الاحتلال في حصاره غزة لاسيما في الآونة الأخيرة على منع وصول الوقود للمؤسسات الطبية، وحال سمح بدخوله تكون الكميات قليلة جدا، لا تكفي لتشغيل المستشفيات لأكثر من يوم واحد، إن لم يكن لبضع ساعات، لتعلو صرخات المؤسسات الطبية والمنظمات المعنية بها محذرة من خطر التوقف الوشيك.

وقد أطلقت منظمة الصحة العالمية آخر تحذيراتها اليوم، من خطر عدم إدخال الوقود فورا لغزة، مؤكد أن ذلك قد يهدد مباشرة بخطر توقف خدمات الرعاية الصحية بشكل تام.

وفي استغاثة محملة بالألم، أعلن الدكتور “محمد أبو سلمية”- مدير مستشفى الشفاء الطبي: أن مستشفى الخدمة العامة توقفت عن العمل بسبب نفاد الوقود، بينما تبقى أمام مستشفى الشفاء الطبي ومستشفى الحلو ساعات قليلة قبل التوقف، ما يهدد حياة مئات الجرحى والمرضى، لاسيما مع توقف المستشفيات المتبقية.

كما حذرت المتحدثة باسم اتحاد جمعيات الهلال والصليب الأحمر أمس من أن نفاد الوقود يعني غياب فرص الحياة في غزة، وتحدثت عن نقص سيارات الإسعاف، واستشهاد العديد من موظفي الاتحاد جراء القصف الإسرائيلي.

قتل الكوادر الطبية

المحطة الثانية في قطار الإفناء العمدي للقطاع الطبي، التي يكمل بها الاحتلال جرائمه ضد الإنسانية، هي الاستهداف المباشر للكوادر الطبية، حتى بلغ أعداد شهدائهم من الأطباء والممرضين والمسعفين ‏1588 شهيدًا، بما يبرهن على إصرار جيش الاحتلال على منع خدمات الإنقاذ والإسعاف الفقيرة عن القطاع.

وكان آخر الضحايا الذين تم استهدافهم بشكل مباشر وعمدي، أمس الأول، الدكتور “أحمد قنديل”- استشاري الجراحة العامة والمناظير بالمستشفى المعمداني، الذي تم استهدافه بينما يواصل تأدية واجبه الإنساني، فحسب ما قالت زوجته “إيمان أبو سمرة” لبودكاست غزة اليوم على بي بي سي: “يوم استشهاده ذهب إلى عمله بالمستشفى المعمداني صباحا، وفي حدود الساعة 12 ظهرًا، أبلغوه بوجود حالة تحتاج للفحص والتدخل، في مستشفى الخدمة العامة القريبة من مفترق السامر، فاضطر لطلب إذن من المستشفى للذهاب لإنقاذ تلك الحالة، وبالفعل سمح له بذلك، ليستهدفه الاحتلال في الطريق، ويستشهد قبل وصوله المستشفى”.

وقد نعته وزارة الصحة وجميع المؤسسات الرسمية، كما نعاه زملاؤه والمتعاملين معه، ممتدحين كفاءته المهنية، وتفانيه في العمل، حتى الرمق الأخير، فلم يتخلى عن واجبه حتى في أحلك الظروف.

اعتقال الكوادر الطبية

المحطة الثالثة لقطار الإفناء الذي يقوده الاحتلال، هي اعتقال الكوادر الطبية، والتفنن في توجيه اتهامات تنافي العقل والمنطق، فقد أكدت وزارة الصحة في غزة في آخر إحصاءاتها: أن الاحتلال اعتقل 360 فرد من الطواقم الطبية منذ 7 أكتوبر 2023، ومارس ضدهم أنواع بشعة من التعذيب والضرب والامتهان.

والمثال الحي على تلك الانتهاكات، حالة الدكتور “حسام أبو صفية”- استشاري الأطفال في مستشفى كمال عدوان- المعتقل منذ أكثر من 200 يوم، في زنزانة تحت الأرض لا تدخلها الشمس، ويعاني من تدهور حالته الصحية، وفقد 40 كيلو من وزنه، وتعرض لتعذيب شديد، والضرب المبرح لمدة زادت على 30 دقيقة، في منطقة القفص الصدري والوجه والرأس والرقبة- حسب ما نقلته “غيد غانم”- محاميته الخاصة لوسائل إعلام فلسطينية.

وقد رفض سلطات السجن تقديم العلاج والرعاية الطبية له، إذ رفضت عرضه على طبيب مختص، على الرغم من أنه يعاني من عدة أمراض من بينها عدم انتظام ضربات القلب، ويعاني من التجويع الذي تفرضه عليه سلطات السجن، ومازال يرتدي ملابس الشتاء، وسط مطالبات وزارة الصحة والمنظمات الأممية بالضغط على الاحتلال للإفراج عنه وعدد من الكوادر الطبية الذين مازالوا تحت الاعتقال.

قتل عائلات الكوادر الطبية

 

يركز الاحتلال في محطته الرابعة على قتل العاملين بالقطاع الطبي وتركهم أحياء، عبر الفتك بذويهم وعائلاتهم، من خلال استهداف منازلهم، ليفجع الكادر الطبي أثناء عمله في إنقاذ الأرواح باستقباله عائلته جميعها أو بعضها، ضمن المصابين أو الشهداء، ليفقده القدرة على استمرار العمل والحياة.

وآخر من جسد تلك المحطة الممرضة “إيمان كوارع”، حيث استقبلت زوجها الممرض “أحمد صلاح” وأطفالها الثلاثة شهداء، بينما هي على رأس عملها، نتيجة استهداف طيران الاحتلال الخيمة التي كانت تؤويهم، في منطقة المواصي بخانيونس.

ومن قبلها كانت الدكتورة “آلاء النجار”- طبيبة الأطفال بمستشفى التحرير الذي يتبع مجمع ناصر الطبي، وقد فجعت باستقبال تسعة من أبنائها شهداء في مايو 2025، بعد قصف طيران الاحتلال منزلها، في منطقة قيزان النجار بخانيونس، بينما هي كانت على رأس عملها في المستشفى.

ومن محطة لأخرى يمضي قطار الاحتلال في إتمام مشروع الإبادة الجماعية في غزة، بتعمد استهداف كل ما يمكن أن يعيد الحياة إليها، ليكون القطاع الصحي أول أهدافه، فيجعل من دماره حائلاً أمام العودة للحياة أو إنقاذ حياة من تبقى فيها.

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights