المدينة الإنسانية.. مرصد الأزهر يكشف عن مخطط الاحتلال لتحويل رفح إلى سجن جماعي

تقرير:مصطفى على
كشف مرصد الأزهر لمكافحة التطرف عن مخطط إسرائيلي بالغ الخطورة، يتم الترويج له تحت مسميات إنسانية مضللة، يستهدف إقامة ما يُسمى بـ”المدينة الإنسانية” على أنقاض مدينة رفح جنوب قطاع غزة. لكن بحسب المرصد، فإن هذا المشروع لا علاقة له بالعمل الإنساني، بل يمثل مرحلة أولى من مخطط تهجيري ممنهج، يستهدف اقتلاع سكان غزة من أراضيهم الأصلية وإعادة تشكيل الخريطة السكانية بما يخدم المشروع الاستيطاني الصهيوني.
البنود المسربة تكشف الوجه الحقيقي للخطة
600 ألف فلسطيني في قبضة حصار داخل “مدينة مسوّرة”.. الفحوص الأمنية شرط للبقاء.. والمساعدات تحت تحكُّم الاحتلال
في تقرير مفصل، استعرض مرصد الأزهر ما كشفت عنه عدد من الصحف العبرية حول البنود المسربة لهذا المشروع، والتي تؤكد أن ما يُروّج له كـ”حل إنساني” ليس إلا سجنًا جماعيًا يُحتجز فيه ما لا يقل عن 600 ألف فلسطيني من سكان قطاع غزة. ويشترط الاحتلال، بحسب التسريبات، إخضاع هؤلاء السكان لفحوص أمنية صارمة قبل إدخالهم إلى المنطقة العازلة المقترحة، مع فرض قيود مشددة على مغادرتهم، والتحكم الكامل في دخول وخروج المساعدات الغذائية والطبية.
ويرى المرصد أن هذه الخطوات تمثل بداية لحصار إنساني مركّب، الهدف منه دفع السكان نحو الهجرة “الطوعية” تحت ضغط التجويع والإذلال، وهو ما يُعد بحسب القانون الدولي تهجيرًا قسريًا موصوفًا.
انتهاك صارخ للقانون الدولي
الاحتلال يستغل التهدئة لإنشاء منطقة عازلة.. و”المدينة الإنسانية” تمهيد لتغيير ديموغرافي واسع
يشير تقرير مرصد الأزهر إلى أن سلطات الاحتلال تعوّل على استغلال أي تهدئة مؤقتة محتملة خلال الستين يومًا القادمة لبدء تنفيذ المشروع، من خلال إقامة منطقة عازلة في رفح، بموافقة دولية ضمنية، وتمهيدًا لبدء موجات تهجير منظمة.
وأضاف التقرير أن الاحتلال الإسرائيلي يسعى إلى تنسيق هذا المخطط مع أطراف دولية، بما يشير إلى تواطؤ صامت أو دعم غير مباشر، في انتهاك صارخ لكل الأعراف والمواثيق الدولية، وعلى رأسها اتفاقيات جنيف التي تجرّم نقل السكان قسرًا أو فرض إجراءات تحد من حريتهم في التنقل أو الإقامة.
“شعارات زائفة”.. ومحاولة مكشوفة للتضليل
مرصد الأزهر: ادعاءات العمل الإنساني ليست سوى ستار لإخفاء جرائم التهجير والتطهير
ندّد مرصد الأزهر بمحاولات الاحتلال تزيين هذا المشروع العدواني بشعارات إنسانية زائفة، معتبرا ذلك تضليلًا مفضوحًا للرأي العام العالمي، يهدف إلى التهرب من الإدانة الدولية عبر التسويق لمخططات التهجير والتطهير العرقي تحت غطاء “الإغاثة”.
ولفت المرصد إلى أن استخدام مصطلحات مثل “المدينة الإنسانية” ليس إلا أداة دعائية مفضوحة لإعادة إنتاج نموذج الحصار بشكل جديد، يدمج بين السيطرة الأمنية الكاملة والتجويع الجماعي.
الاحتلال يروّج للهجرة “الطوعية”.. والميدان يشهد عكس ذلك
وزير الحرب الصهيوني: نريد تفعيل الهجرة.. ومرصد الأزهر يرد: لا طوعية تحت القصف والتجويع
استنكر مرصد الأزهر التصريحات الأخيرة التي أدلى بها وزير الحرب الصهيوني، والتي أبدى فيها رغبة الاحتلال المتزايدة في تفعيل الهجرة الطوعية من غزة ووصف المرصد هذا الطرح بأنه عنوان مخادع لسياسة تهجير قسري ممنهجة، مؤكدًا أن الهجرة الطوعية لا يمكن أن تتم تحت سياط القصف والدمار والتجويع، بل هي نتاج مباشر لسياسات عدوانية ممنهجة تستهدف إرغام المدنيين الفلسطينيين على مغادرة أراضيهم التاريخية.
كارثة إنسانية تلوح في الأفق
غزة على شفا مجاعة.. والأجساد المنهكة دليل دامغ على الجريمة
في السياق ذاته، نُقلت شهادات وتحذيرات صادمة من داخل غزة، حيث تؤكد تقارير وزارة الصحة في القطاع أن المئات من المواطنين، خصوصًا الأطفال والنساء وكبار السن، يعانون من نحول شديد وأعراض الجوع الحاد، ما يجعلهم عرضة للموت في أي لحظة ومن جانبها، وصفت حركة حماس هذه الممارسات بأنها “جريمة متعمدة ضد الإنسانية”، مؤكدة أن الاحتلال يستخدم سلاح الجوع كوسيلة لإخضاع السكان وإجبارهم على النزوح أو الموت.
دعوة للضمير العالمي
مرصد الأزهر يطالب بتحرك دولي عاجل لوقف الكارثة ومنع تنفيذ المخطط
وفي ختام تقريره، جدد مرصد الأزهر لمكافحة التطرف نداءه للمجتمع الدولي وهيئاته الإنسانية والحقوقية، مطالبًا بالتحرك العاجل لوقف هذا المخطط الذي وصفه بـ”النكبة الجديدة التي تتشكل في صمت”.
وحثّ المرصد على فضح هذه السياسات العنصرية والمخططات الاستيطانية، والعمل على رفع الغطاء السياسي عن مثل هذه المبادرات المزيفة، التي تسعى إلى تصدير أزمة الاحتلال للعالم باعتبارها أزمة إنسانية، بينما هي في حقيقتها سياسة تطهير عرقي مبيتة.
وأكد المرصد أن التهاون الدولي مع هذه المشاريع سيؤدي إلى تغييرات ديموغرافية خطيرة تهدد استقرار المنطقة، وتفتح الباب أمام مزيد من الفوضى والصراعات، مطالبًا بضرورة الضغط الجاد على الاحتلال لاحترام القانون الدولي وحقوق الإنسان، وتقديم المسؤولين عن هذه الانتهاكات إلى المحاكمة الجنائية الدولية.
ما بين “مدينة إنسانية” تُروّج لها تل أبيب، وأرض مُحتلّة تنزف تحت الحصار، يسطع صوت مرصد الأزهر ليحذر من نكبة قادمة ترتدي ثياب الرحمة لكنها تحمل خناجر التهجير في غلاف مزيف. فهل يصحو الضمير العالمي قبل فوات الأوان؟