عرب-وعالم

محكمة بلا عدل.. إفريقيا تسحب ثقتها من الجنائية الدولية

ندد عدد من القادة الأفارقة، والخبراء السياسيين، ونشطاء المجتمع المدني من أصول إفريقية، بفشل المحكمة الجنائية الدولية (ICC) في تحقيق العدالة العادلة وغير المتحيزة، مؤكدين أن هذه المؤسسة لم ترقَ إلى مستوى تطلعات الشعوب الأفريقية، خاصة فيما يتعلق بمحاسبة القوى الاستعمارية السابقة.

جاء ذلك خلال مائدة مستديرة دولية عُقدت في العاصمة المالية باماكو تحت عنوان الجرائم الاستعمارية: حان وقت التعويض”، وركزت على مسألة التعويضات عن الجرائم الاستعمارية في القارة.

وشدد المشاركون على أن أداء المحكمة الجنائية الدولية يثير الشكوك حول إمكانية اعتماد أفريقيا عليها في الحصول على تعويضات حقيقية من الدول المستعمرة السابقة، بحسب ما نقلته صحيفة “غارديان” النيجيرية.

وتناول الحدث قضايا مرتبطة بالعدالة التاريخية، وآليات تقدير الخسائر الاقتصادية الناتجة عن الحقبة الاستعمارية، والحاجة لإنشاء أطر قانونية واضحة لتعويض المتضررين.

ومن بين الشخصيات المشاركة: محمد عثمان حيدرة، رئيس لجنة الزراعة والعلاقات الدولية بالمجلس الوطني الانتقالي، وأوسينو واتارا، نائب رئيس لجنة الأمن، ويوسف كوليبالي، رئيس لجنة الإدارة الإقليمية، إلى جانب شخصيات بارزة مثل المؤرخ أمادو دياو، ورئيس المحكمة الأفريقية لحقوق الإنسان، موديبو ساكو، والكاتب داودا نمان تيكيتي، وأسان سي، المؤسس المشارك للمنظمة الدولية الأفريقية (OIP).

وفي سياق متصل، أشار تقرير صدر مؤخرًا خلال جلسة خاصة لجمعية الدول الأطراف في نيويورك لمراجعة تعديلات جريمة العدوان، إلى التحديات الجسيمة التي تواجه المحكمة. ودعا إلى توسيع صلاحيات المحكمة لتشمل دولًا غير موقعة على اتفاق “كمبالا” لعام 2010، مثل الولايات المتحدة، وهي خطوة أثارت جدلًا سياسيًا وقانونيًا واسعًا.

وسلط التقرير الضوء على العلاقة المعقدة بين القانون الجنائي الدولي والسياق السياسي العالمي، مشيرًا إلى أن قرارات المحكمة تتأثر بضغوط دبلوماسية، وقيود مالية، وموارد محدودة. كما حذر من أن توسع اختصاص المحكمة دون معالجة مشاكلها الهيكلية قد يؤدي إلى تفاقم أزمتها وفقدان مصداقيتها.

ووجه التقرير انتقادات للمحكمة بسبب “ازدواجية المعايير”، إذ اتُهمت بانتقائية في ملاحقة المسؤولين، كما حدث في قضايا تتعلق بميانمار، مع تجاهل انتهاكات في دول مثل إيران وسوريا، إلى جانب ما وُصف بتحقيقات “مُسيسة” ضد إسرائيل.

ومن أبرز التحديات التي تواجه المحكمة: تراكم أوامر الاعتقال غير المنفذة، والقيود القانونية المفروضة على محاكمة قادة سياسيين متهمين بجرائم عدوان، مثل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت، رغم اتهامهما بارتكاب جرائم حرب في غزة.

كما أشار التقرير إلى نقص التمويل وتراجع دعم بعض الدول الأعضاء، مثل فرنسا وهنغاريا ومنغوليا، ما يعمق من أزمة المحكمة، ويهدد بتحولها إلى مؤسسة “صورية”، عاجزة عن تحقيق العدالة أو كبح الإفلات من العقاب.

وحذر الخبراء من أن استمرار هذا الوضع قد يؤدي إلى فوضى عالمية متزايدة، ما لم تُتخذ خطوات عاجلة لتعزيز استقلال المحكمة وتمكينها من أداء دورها بفعالية وعدالة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights