بعد سقوط عناصر “حسم”.. خبراء: الأمن المصري يقظ والرد السريع

كتب: حسن أحمد
في مشهد يُجسد الجاهزية الأمنية الكاملة ويؤكد يقظة الدولة في مواجهة التهديدات الإرهابية، نجحت وزارة الداخلية في إحباط تحركات عناصر تابعة لحركة “حسم” الإرهابية بمحافظة الجيزة، وذلك بعد ساعات قليلة من تداول مقاطع فيديو دعائية للحركة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وجاء الرد الأمني سريعًا وحاسمًا، حيث تمكنت الأجهزة الأمنية من تحديد مواقع العناصر الإرهابية والتعامل الفوري معها، مما أسفر عن إحباط مخطط تخريبي كان يستهدف زعزعة الأمن وإثارة الفوضى هذا التحرك السريع يعكس بوضوح أن العيون الساهرة لا تغفل لحظة عن أمن الوطن، وأن كل من تسوّل له نفسه تهديد استقرار البلاد سيواجه ردًا رادعًا لا هوادة فيه.
في البداية يقول اللواء أشرف أمين، مساعد وزير الداخلية الأسبق والخبير الأمني البارز والحاصل على وسام الجمهورية، أن سقوط خلية حركة “حسم” الإرهابية في محافظة الجيزة، ليس مجرد نجاح أمني فقط، بل دليل واضح على أن مصر مستهدفة بأسلوب جديد من الحروب غير التقليدية، يهدف إلى زعزعة الثقة في مؤسسات الدولة، وإرباك المجتمع بطرق متعددة.
وقال “أمين” في تصريحات خاصة لـ”اليوم”: “ما يحدث الآن هو محاولات ممنهجة لإشاعة الفوضى التدريجية، لا يُشترط فيها استخدام عبوة ناسفة، بل قد تكون عبر شائعة، أو حريق مجهول، أو حادث مدبر يُحدث صدمة في الرأي العام، بهدف التشكيك في قدرات الدولة وتعطيل مؤسساتها.”
ما تواجهه مصر من محاولات إرهابية متكررة
وأوضح أن ما تواجهه مصر من محاولات إرهابية متكررة يدخل ضمن الجيل الجديد من الحروب، الذي لا يعتمد فقط على السلاح أو التفجيرات، بل يستهدف الوعي الجمعي للمواطنين، واستقرارهم النفسي والأمني، مضيفًا: “هذا النوع من الحروب يضغط على أعصاب المجتمع بالكامل، عبر أحداث متفرقة لكنها مترابطة في الهدف، مشدداً على ضرورة أن يقرأ المواطن الأحداث كباقة واحدة، لا كوقائع منفصلة، لأن الهدف الأعمق هو خلق بيئة مشوشة ومضطربة تفقد فيها الدولة تماسكها المجتمعي، مؤكدًا أن وعي الشعب المصري وتماسكه مع مؤسساته هو الحصن الأول في مواجهة هذا النوع من الحروب المعقدة.
وأشار إلى أن ما قامت به وزارة الداخلية من رد فوري وسقوط سريع للعناصر الإرهابية يوجه رسالة قوية مفادها أن مصر يقظة، وأجهزتها الأمنية تسبق التهديدات بخطوات، ولن تسمح بتكرار سيناريو الفوضى الذي راهن عليه أعداء الداخل والخارج.
بينما قال اللواء أشرف عبد العزيز، الخبير الأمني، في تصريحات خاصة لـ”اليوم”، إن ضبط الخلية المسلحة يُعد نجاحًا أمنيًا كبيرًا، لكنه في الوقت نفسه يدق ناقوس الخطر حول ما وصفه بـ”السيناريو المدروس لا يمكننا إغفال توقيت هذه الحوادث المتتالية والغريبة، من حرائق بلا فاعل، إلى حوادث طرق كبرى، ثم خلية مسلحة، كلها تشي بأن هناك من يحاول إنهاك مؤسسات الدولة وتشتيت تركيزها.”
وشدد على أن الإرهاب اليوم لم يعد يلبس فقط ثوب السلاح، بل صار يستخدم أدوات الفوضى الذكية، من الشائعات الإلكترونية، إلى تحركات ميدانية تهدف لإرباك الخدمات وتعطيل الثقة، قائلاً: “التحدي لم يعد فقط في مواجهة من يطلق النار بل من يُشعل شرارة الفوضى ويختفي في الظل”.
من جانبها، أكدت الدكتورة إيناس عبد العزيز، أستاذة الإدارة وخبيرة الفكر المجتمعي، أن ما تواجهه الدولة حاليًا هو جيل جديد من الإرهاب المعتمد على إنهاك العقول لا تفجير الأجساد، مضيفة: “الإرهاب لم يعد بحاجة إلى قنابل أو رصاص، بل إلى عقل مُنهك، وفكرة تائهة، وشاب مُحبط وسط مجتمع يُصارع أزمات متلاحقة.”
وحذّرت من أن المنصات الرقمية باتت وسيلة رئيسية لتجنيد العقول، مشيرة إلى أن التطرف أصبح يتسلل عبر المحتوى الإلكتروني لا عبر المساجد فقط، وقالت: “الهاتف الآن أصبح منبرًا مفتوحًا لبث الكراهية والتحريض، وعلينا ألا نترك الساحة للتيارات المتطرفة.”
وقدمت د. إيناس خلال حديثها لـ”اليوم”، ما وصفته بـ روشتة فكرية” لمواجهة الإرهاب المعاصر، شملت: دمج “مضادات فكرية” في المناهج والمحتوى الثقافي، وإنشاء منصات شبابية بديلة تستعيد ثقة الجيل وتنافس على المحتوى الرقمي.
واختتم الخبراء بالتحذير من تجاهل ما أسموه بـ”التسلسل الذكي” للأحداث، متسائلين: “من أشعل السنترال؟ من عطّل الطرق؟ من ينسج سيناريو الفوضى الخفية؟” مؤكدين أن إسقاط الخلايا المسلحة هو خطوة مهمة، لكن المعركة الأهم الآن هي تحصين العقول قبل أن تصل النيران إلى الجدران.