حوادث

قصة جريمة أبو زعبل.. “مايكل” دفع حياته ثمنًا لسرقة التوك توك

كتبت : دينا محمد

كتبت : دينا محمد

في منطقة العكرشة في أبو زعبل، مايكل شاب في مقتبل عمره يتجاوز الخامسة والعشرين من عمره ، لكنه حمل على كتفيه هموماً أثقل من عمره. كان يعمل على “توكتوك” يجوب به الشوارع من أجل لقمة عيش حلال، يساعد بها أسرته ويصون كرامته. لم يكن يعلم أن يوم 23 يوليو 2025 سيكون موعده مع نهاية مأساوية لم يكن يتخيلها أحد.

خرج مايكل من منزله في ذلك اليوم كعادته، متوجهاً للرزق، وقرر زيارة صديق له عند منتصف الليل لاسترداد مبلغ كان قد أقرضه وفي طريق العودة، وأثناء مروره بمنطقة خالية قرب مدرسة التجارة في منطقة الصفا، اعترضه بلطجية ادعوا رغبتهم في توصيلة لكنه فوجئ بهم يهاجمونه بغرض سرقة التوكتوك دافع مايكل عن رزقه، عن تعبه، عن كرامته، لكنه قُتل ذبحًا دون رحمة، وتركوه غارقًا في دمائه، لا هاتفه معهم،  سرقوا وسيلة رزقه، وتركوا في جيبه 600 جنيه… وكسرًا كبيرًا في قلب أسرته، حسب حديث والد الضحية لـ”اليوم”.

فاجعة الأب: “خذوني بداله”

بينما كان والد مايكل في محله بإمبابة، تلقى اتصالًا من زوجته أخبرته بأن مايكل أُصيب في رأسه، فظن أنها إصابة عابرة. لكنه بمجرد أن وصل إلى منطقة الحادث، ورأى ابنه الآخر واقفًا بجوار ضابط، اقترب بخوف فقال له الضابط: “جئنا نحقق العدالة لابنك” سأله الأب بدهشة: “عدالة إيه؟”، فأجابه الضابط بكلمات سقطت كالصاعقة: “ابنك مات”.

انكسر قلب الأب، وانهار جسده تمنى أن يكون هو بدلًا من ابنه، لكنه لم يملك سوى البكاء والدعاء. أمه كذلك، ما إن وصلت حتى ارتطم وجهها بحائط الصدمة.. “ابنك مات”، قالها الأب بصوت مكسور، بينما سقطت الأم مغشيًا عليها من هول المصاب.

 

الصدمة.. والمشهد الأخير

 

أبانوب، الأخ الأصغر، كان أول من شاهد جثة أخيه. تعرف عليه وسط الدماء، وسط البطانية المغطاة بالنمل والتراب، وسط مشهد لا ينسى. لم يستطع هو أو أصدقاؤه حمله إلا بعد سبع ساعات من الواقعة، حملوه إلى الثلاجة، إلى مكان باتت فيه حرارة الجسد ذكرى، والطعنات شهادة.

 

 

 

 

 


 

 

زملاؤه قالوا إنهم وجدوه مغطى بـ”شكائر”، مغروسًا في التراب، متجلطة يده، مطعونًا في رقبته وجانبه، وقد مر على وفاته ساعات طوال. النيابة تواصل التحقيقات، في انتظار تقرير الطب الشرعي، بينما قلب الأسرة يحترق، وروحهم تبحث عن إجابة واحدة: “ليه؟”.

 

مايكل.. الملاك الطيب

 

لم يكن مايكل مجرد شاب يبحث عن رزق، بل كان نموذجًا فريدًا في الأخلاق. مسلمون ومسيحيون بكوه، زملاؤه قالوا عنه “ملاك”، لا يسب، لا يدخن، لا يؤذي أحدًا. كان من الناس الذين يضيئون أي مكان يحلون به. في مباريات الكرة، في جلسات الأصدقاء، في الشارع.. كان دائمًا هو مايكل الصبور، المحبوب.

 

حتى عزاؤه كان مختلفًا.. حضره من عرفه ومن لم يعرفه، من أحبه من كلمة أو من موقف، حتى من مجرد نظرة. والده، أمه، أصدقاؤه، جيرانه.. الكل بكاه، الكل صرخ من أجل العدالة، من أجل “حق مايكل”، من أجل “شهيد لقمة العيش”.

 

نهاية مؤلمة.. وبداية صرخة

 

مايكل لم يكن الأول، لكنه يجب أن يكون الأخير. القلوب التي اعتادت الفقد لا تتحمل المزيد. والطرقات التي أصبحت ساحات للخوف تحتاج إلى أمان. والعدالة التي وُعدت بها الأسرة ما زالت تنتظر التنفيذ.

 

مايكل رحل، لكن صوته باقٍ.. في قلوب أحبته، في دموع والده، في رجاء أمه، في صرخات أصدقائه: “مايكل.. شهيد لقمة العيش.. لن ننساك، ولن نترك حقك يضيع.”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights