مساجد لها تاريخ (3)| موقع اليوم يروي رحلة ألف عام لمسجد الإمام الحسين

تقرير : أحمد فؤاد عثمان
في إطار سلسلة “مساجد لها تاريخ”، ترصد جريدة وموقع “اليوم” في محطتها الثالثة عبق التاريخ وروحانية المكان من قلب القاهرة الفاطمية، حيث يقف مسجد الإمام الحسين شاهدًا على قرون من الإيمان والجمال المعماري، ومقصدًا لزوار ومحبي آل بيت النبي ﷺ من مختلف أنحاء العالم.
مسجد الإمام الحسين درة القاهرة الفاطمية
في قلب القاهرة الفاطمية، على بُعد خطوات من خان الخليلي وجامع الأزهر، يقف مسجد الإمام الحسين شامخًا منذ قرون، شاهدًا على أحداث عظيمة ومكان للروحانيات التي لا تنطفئ.
هنا، تتعانق المآذن مع السماء، وتختلط رائحة البخور بذكر الله، في مشهد يجعل المسجد مقصدًا للمحبين من كل بقاع الأرض.
الرأس الشريف ومكانة لا تضاهى
يحتضن المسجد – وفق الروايات التاريخية – الرأس الشريف للإمام الحسين بن علي رضي الله عنهما، سبط النبي ﷺ وسيد شباب أهل الجنة، والتي نُقلت إلى مصر عام 1154م في عهد الخليفة الفاطمي الفائز.
منذ ذلك الحين، أصبح المسجد مزارًا روحانيًا لا ينقطع عنه الزوار، خاصة في المناسبات الدينية الكبرى مثل ذكرى المولد النبوي وشهر رمضان وليلة النصف من شعبان.
يقول الحاج عبد الله، أحد زواره المنتظمين منذ أكثر من 30 عامًا:
“كلما ضاقت بي الدنيا، جئت إلى هنا. أشعر وكأنني في حضرة النبي ﷺ، فالروح ترتاح والقلب يطمئن.”
تحفة معمارية عبر العصور
شُيّد المسجد لأول مرة عام 1154م على الطراز الفاطمي البسيط، ثم شهد عبر القرون إضافات وزخارف جعلته أيقونة معمارية.
وأيضا مآذنه الرشيقة وقبابه المزخرفة بالخط العربي والنقوش النباتية تحكي تطور الفن الإسلامي في مصر، أما أبوابه الخشبية المطعمة بالنحاس فهي تحفة فنية بحد ذاتها.
مراحل تطور المسجد عبر الزمن
- المرحلة الفاطمية (1154م)
- تأسيس المسجد بأمر من الخليفة الفاطمي الفائز.
- تصميم بسيط من الحجر، بسقف خشبي وزخارف محدودة.
- المرحلة الأيوبية والمملوكية (القرن 13-15)
- ترميمات بسبب عوامل الزمن.
- إضافة مئذنة جديدة وتوسعة ساحة الصلاة.
- المرحلة العثمانية (القرن 16-18)
- إدخال الزخارف العثمانية في بعض الجدران.
- بناء قباب إضافية وتزيين المحراب بالبلاط المزخرف.
- عهد الخديوي إسماعيل (1873م)
- أكبر عملية تطوير في تاريخ المسجد.
- إحلال الرخام الفاخر، إضافة القباب الكبيرة، وتجديد المئذنة الرئيسية.
- وضع القنديل الضخم المذهب الذي ما زال محفوظًا حتى اليوم.
-
التجديدات الحديثة (القرن 20-21)
- ترميم شامل في الستينيات من قبل وزارة الأوقاف.
- مشروع تطوير شامل عام 2022 شمل:
- إعادة تذهيب القباب.
- ترميم المآذن وإصلاح نظام الإضاءة.
- فرش المسجد بسجاد فاخر جديد.
- إنشاء منظومة صوتية متطورة لتلاوة القرآن والخطب.
أجواء روحانية فريدة
عند دخول المسجد، يلفت انتباهك عبق البخور وصوت المصلين يتلون القرآن بخشوع، بينما ترسم أشعة الشمس القادمة من النوافذ الزجاجية الملونة لوحات ضوئية على أرضيته.
وفي الليالي المباركة، تكتسي ساحاته بالأنوار في مشهد يملأ القلب طمأنينة.
أسرار لا يعرفها الكثيرون عن المسجد
- مكان الرأس الشريف محفوظ داخل ضريح خاص تغطيه ستائر خضراء مطرزة بآيات قرآنية.
- البئر القديم تحت المسجد، الذي كان يُستخدم قديمًا للوضوء.
- باب الذهب المزخرف الذي أغلق لحمايته من التلف.
- قنديل الخديوي إسماعيل المذهب، الذي ما زال موجودًا منذ القرن التاسع عشر.
- المكتبة التراثية التي تضم مخطوطات قرآنية على رق الغزال.
خاتمة
يبقى مسجد الإمام الحسين أكثر من مجرد مسجد، فهو سجل تاريخي وملتقى روحي، يجمع بين الجمال المعماري والنفحات الإيمانية.
ومهما تعاقبت القرون، ستظل قبابه ومآذنه تحكي حكاية مكان أحبّه المصريون والمسلمون في كل مكان، واحتضن قلوبهم قبل أن يحتضن صلواتهم.
إليك فقرة قصيرة تشمل مسجد السيدة سكينة مع الرابط المذكور لمتابعة تقارير أخرى:
لمتابعة المزيد من التقارير في سلسلة “مساجد لها تاريخ”، ومنها تقرير خاص عن مسجد السيدة سكينة وما يحمله من تاريخ وروحانية، يمكنكم زيارة موقع اليوم عبر الرابط التالي: https://el-yomnews.com/archives/1357830.