قبل دق الجرس.. ارتفاع أسعار المستلزمات المدرسية يثقل كاهل أولياء الأمور

كتبت- فاطمة الزناتي
مع اقتراب دق جرس العام الدراسي الجديد السبت المقبل، تستعد آلاف الأسر المصرية لإرسال أبنائها إلى المدارس وسط أجواء يسودها القلق بسبب موجة غلاء غير مسبوقة في أسعار المستلزمات المدرسية.
فبين الحقائب والزي المدرسي والكراسات والأدوات المكتبية، وجد أولياء الأمور أنفسهم هذا العام أمام فاتورة مضاعفة أرهقت ميزانياتهم، في وقت تحاول فيه الدولة عبر معارض “أهلاً مدارس” والمبادرات الحكومية التخفيف من حدة الأزمة.
زيادات كبيرة في أسعار الأدوات المدرسية
قال أحمد بدوي، صاحب مكتبة أدوات مدرسية بوسط القاهرة، إن الأسعار ارتفعت بنسبة تصل إلى 30% عن العام الماضي، موضحاً أن الكشكول الذي كان يباع بـ10 جنيهات أصبح يتراوح بين 14 و15 جنيهاً، بينما ارتفعت أسعار الكراسات من 5 إلى 8 جنيهات.
وأضاف بدوي أن الحقائب المدرسية تراوحت بين 350 و900 جنيه، مؤكداً أن الإقبال أقل من الأعوام السابقة، إذ باتت الأسر تشتري الضروريات فقط وتؤجل الكماليات أو تعيد استخدام أدوات قديمة.
أولياء الأمور: تجهيز الطلاب أصبح عبئاً ثقيلاً
أكدت هالة مصطفى، ولي أمر لطالبين بالمرحلة الابتدائية، أن تجهيز أبنائها هذا العام كلفها ضعف ما دفعته في العام الماضي، موضحة أن الزي المدرسي وحده تجاوز 1500 جنيه.
وقالت: “بقينا نشتري الأساسيات بس ونستغنى عن الكماليات. حتى الشنط اخترنا نوع متوسط علشان نقدر نكمل باقي الطلبات”.
من جانبه، أشار محمد عبد الغني، موظف حكومي وولي أمر لطالبة إعدادية، إلى أن دخله الشهري لم يعد يكفي لتغطية التزامات المدارس.
وقال: “المصاريف بتيجي كلها مرة واحدة: مصروفات المدرسة والدروس والكتب والمستلزمات. الضغط كبير جداً على أي أسرة”.
معارض “أهلاً مدارس” لتخفيف الأعباء
في محاولة لدعم الأسر، أطلقت وزارة التموين بالتعاون مع الغرف التجارية معارض “أهلاً مدارس” في مختلف المحافظات، حيث تتراوح نسب التخفيض بين 15 و25%.
وقال مصطفى عبد الرحمن، عضو شعبة الأدوات المكتبية باتحاد الغرف التجارية: “الإقبال السنة دي أكبر من أي سنة فاتت بسبب الظروف الاقتصادية. الأسر بتدور على أي خصم يساعدها، والمعارض بتوفر بدائل أرخص نسبياً، لكن برضه مش كافية لتغطية الطلب الكبير”.
خبراء الاقتصاد: الحل في التصنيع المحلي
أوضح الدكتور السيد خضر ، الخبير الاقتصادي، أن ارتفاع أسعار المستلزمات مرتبط بزيادة تكلفة الاستيراد وسعر الدولار.
وأضاف: “أغلب المنتجات بتيجي من الصين وتركيا، وأسعار الشحن ارتفعت بشكل ملحوظ، وده انعكس مباشرة على السوق المحلي”.
وأكد خضر أن الحل يكمن في دعم التصنيع المحلي للمستلزمات بجودة منافسة وسعر مناسب، بما يقلل فاتورة الاستيراد ويخفف العبء عن الأسر. كما شدد على ضرورة دعم المصانع الصغيرة والمتوسطة وتقديم حوافز ضريبية وتشجيع الابتكار في المنتجات المصرية.
الطلاب متحمسون رغم الأزمة
رغم الأعباء المادية، فإن الطلاب يظلون متحمسين لبدء العام الدراسي. تقول مريم، طالبة بالصف الأول الإعدادي: “مستنية أشوف صحابي وأبدأ نشاط جديد، لكن بابا وماما دايماً بيقولولي حافظي على أدواتك وما تضيعهاش علشان غالية”.
وأشار محمود كمال، معلم بالمرحلة الابتدائية، إلى أن كثيراً من الطلاب يستخدمون أدوات العام الماضي، موضحاً: “الأهالي بقوا حريصين على إعادة استخدام الشنط والكراسات الفاضية، وده أحياناً بيأثر على نفسية الأولاد اللي بيشوفوا زملائهم معاهم حاجات جديدة”.
مطالب بزيادة الدعم الحكومي
طالب الدكتور كمال مغيث، الباحث التربوي، بزيادة تدخل الدولة لدعم الأسر الفقيرة، مقترحاً تقديم قسائم شرائية أو دعم مباشر للزي المدرسي والكتب الخارجية.
وقال: “التعليم حق للجميع، وعلى الدولة أن تضمن توافر الأدوات الأساسية لكل طفل، مهما كانت الظروف الاقتصادية”.
مع انطلاق الدراسة السبت المقبل، يواجه أولياء الأمور معركة اقتصادية حقيقية لتجهيز أبنائهم، وبينما تحاول الحكومة التخفيف عبر المعارض والمبادرات، يبقى الحل طويل المدى مرهوناً بالتصنيع المحلي وضبط الأسواق.
ومع كل هذه التحديات، تظل فرحة الأطفال بالعودة إلى المدارس أكبر من الأزمات، وإن كان ثمنها هذه المرة أثقل على جيوب أولياء الأمور.