شيخ الأزهر ينعى فتيات كفر السنابسة ويطالب بوقف نزيف الطرق

كتب: مصطفى على
في مشهد مفجع هزّ وجدان المصريين، خيّم الحزن على قرية كفر السنابسة التابعة لمركز منوف بمحافظة المنوفية، بعد أن ودّعت 18 فتاة وسائقًا لقوا حتفهم في حادث سير مأساوي وقع صباح اليوم على الطريق الدائري الإقليمي.
الفاجعة التي خلّفت جراحًا غائرة في قلوب الأهالي والمجتمع المصري، أعادت فتح ملف حوادث الطرق مجددًا، وسط دعوات متصاعدة بضرورة التحرك الحاسم لوضع حد لهذا النزيف المتكرر على الأسفلت.
الإمام الطيب: نعزي أهالي الفتيات وندعو لوقفة مسؤولة أمام هذا النزيف المتكرر
وفي استجابة سريعة ومواساة صادقة، أعرب فضيلة الإمام الأكبر الأستاذ الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، عن بالغ الحزن والأسى لرحيل فتيات القرية في هذا الحادث الأليم، مؤكدًا أن الحادث قد أدمى قلوب الجميع، وأن هذه الخسارة الفادحة ليست مأساة أهل القرية فقط، بل مصابًا أليمًا للأمة كلها.
وقال فضيلته في بيان صادر عن مشيخة الأزهر:
“بقلوبٍ دامية وعيونٍ دامعة ننعى فتيات كفر السنابسة اللائي ارتقين إلى بارئهن في حادثٍ مفجع لا يمكن للعقل أو القلب تحمله، ونسأل الله أن يمنّ عليهن برحمته الواسعة، وأن يربط على قلوب ذويهن بالصبر والإيمان، كما نرفع خالص العزاء لأسرة السائق الذي قضى معهم، وندعو للمصابات بالشفاء العاجل”.
دعوة لوقف نزيف الطرق: الإمام الطيب يطالب بإجراءات حاسمة لمنع تكرار المآسي
لم يكتفِ فضيلة الإمام الأكبر بتقديم العزاء، بل دعا بوضوح إلى ضرورة اتخاذ إجراءات جادة وعاجلة للحيلولة دون تكرار هذه الحوادث المؤلمة، التي تحصد الأرواح دون رحمة، مشددًا على أن الأرواح أمانة، والحفاظ عليها واجب ديني ووطني.
وأشار الطيب إلى أن تكرار حوادث الطرق يستدعي وقفة مسؤولة من جميع الجهات المعنية، سواء في البنية التحتية، أو منظومة النقل، أو توعية السائقين، بما يضمن سلامة المواطن المصري وكرامته على الطريق.
مشهد جنائزي مهيب: قرية كفر السنابسة تتحول إلى مأتم مفتوح
من جهة أخرى، تحوّلت قرية كفر السنابسة منذ ساعات الصباح الأولى إلى مأتم كبير، حيث استقبل الأهالي خبر الحادث بحالة من الذهول والدموع والنحيب، إذ لم يكن يتخيل أحد أن يومًا دراسيًا عاديًا سينقلب إلى كارثة تودي بحياة بنات في عمر الزهور، خرجن طلبًا للعلم فعُدن محمولات على الأكتاف.
وتوالت مشاهد الوداع وسط جنازات مهيبة لفتيات لا تتجاوز أعمارهن العقد الثاني، في مشهد أعاد إلى الأذهان حوادث مماثلة تركت آثارًا لا تُنسى في الوجدان الجمعي للمصريين.
نداءات حقوقية وشعبية: أوقفوا حصد الأرواح على الطرق
تزامنًا مع الحادث، أطلقت منظمات أهلية وحقوقية دعوات موسّعة للحكومة لضرورة تحديث شبكة الطرق، وتكثيف الرقابة المرورية، وتفعيل دور شرطة الطرق السريعة، بالإضافة إلى تطوير آليات نقل الطلاب والطالبات في القرى والمراكز، بما يضمن سلامتهم ويمنع تكرار هذه الكوارث.
كما طالب المواطنون عبر وسائل التواصل الاجتماعي بفتح تحقيق عاجل في ملابسات الحادث، ومعرفة أسبابه بدقة، سواء كانت تتعلق بسوء حالة الطريق أو الإهمال أو سرعة السائق، مؤكدين أن الحزن وحده لا يكفي، بل يجب أن يُترجم إلى سياسات إنقاذ حقيقية.
الأزهر في قلب المأساة: تضامن ديني وإنساني متواصل
جاءت تعزية شيخ الأزهر لتؤكد الدور المحوري الذي تلعبه المؤسسة الدينية في التضامن الإنساني والاجتماعي، إذ لا يقتصر دور الأزهر على الجانب الروحي، بل يمتد إلى دعم القضايا المجتمعية والدعوة إلى حماية حقوق الإنسان وكرامته، وعلى رأسها حقه في الحياة الآمنة.
واختتم فضيلة الإمام الأكبر بيانه بتلاوة قول الله تعالى:
﴿إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ﴾،
مبتهلًا إلى الله أن يتغمّد الضحايا بواسع رحمته، ويصبر قلوب الأهالي، ويحفظ مصر وأبناءها من كل مكروه وسوء.
فاجعة تتطلب يقظة وطن
في ظل تكرار المآسي التي تضرب أبناء القرى والمحافظات على الطرق السريعة، تظل فاجعة كفر السنابسة صرخة جديدة في وجه الإهمال، ودعوة وطنية للتكاتف من أجل إنقاذ الأرواح البريئة ولعل عزاء شيخ الأزهر، بما يحمله من معانٍ دينية وإنسانية، يعكس حجم الفقد، ويؤكد أن الدين والعقل والضمير الإنساني جميعها تُحتّم علينا أن نقف وقفة حقيقية لاجتثاث جذور هذا الألم المتكرر.