شهر رمضان المبارك هو أعظم شهور السنة، فيه أنزل القرآن هدىً للناس، وفتحت فيه أبواب الجنة، وغلقت أبواب النار، وصفدت الشياطين. ومن بين أيامه ولياليه، تأتي العشر الأواخر لتحمل في طياتها فضائل عظيمة ونفحات إيمانية ترفع من مقام العابدين، وتزيد من حسناتهم، وتمنحهم فرصة عظيمة لمغفرة الذنوب والنجاة من النار.

فضل العشر الأواخر من رمضان

1. الاجتهاد في العبادة

كان النبي ﷺ إذا دخلت العشر الأواخر اجتهد في العبادة أيّما اجتهاد، فعن عائشة رضي الله عنها قالت:
“كان رسول الله ﷺ إذا دخل العشر شد مئزره، وأحيا ليله، وأيقظ أهله” (رواه البخاري ومسلم).
وهذا يدل على أهمية استغلال هذه الأيام والليالي بالأعمال الصالحة، مثل الصلاة، وقراءة القرآن، والذكر، والاستغفار، والصدقة.

2. ليلة القدر

أعظم ليلة في العشر الأواخر هي ليلة القدر، التي قال الله عنها:
“لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ” (القدر:3).
أي أن العمل فيها خير من العمل في أكثر من 83 سنة. وفيها تنزل الملائكة بالرحمات والبركات، وتكون فرصة لقبول الدعاء ومغفرة الذنوب.

3. مغفرة الذنوب والعتق من النار

في هذه الأيام المباركة، تتضاعف الفرص لنيل المغفرة والنجاة من العذاب، فقد قال النبي ﷺ:
“من قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه” (رواه البخاري ومسلم).
لذلك، ينبغي على المسلم أن يكثر من التوبة والاستغفار، ويتضرع إلى الله بالرجاء.

4. الاعتكاف والاقتراب من الله

كان النبي ﷺ يعتكف في العشر الأواخر من رمضان، أي ينقطع عن الدنيا ويتفرغ للعبادة في المسجد، طلبًا لرضا الله وتحقيقًا للتقوى. يقول ابن القيم: “الاعتكاف هو قطع العلائق عن الخلائق للاتصال بالخالق”.

5. مضاعفة الأجر والثواب

الحسنات في العشر الأواخر تتضاعف، والفرصة فيها عظيمة لاستغلالها بالأعمال الصالحة مثل:

• قراءة القرآن والتدبر في معانيه.
• الإكثار من الذكر والتسبيح والاستغفار.
• الدعاء، خاصة دعاء النبي ﷺ: “اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني”.
• الصدقة وإطعام الفقراء والمساكين.
• صلة الرحم والتسامح ونشر الخير.

كيفية استغلال العشر الأواخر بشكل صحيح

1. تنظيم الوقت بحيث يُخصص وقت للعبادة والطاعة.
2. الاجتهاد في الصلاة وقيام الليل، ولو بركعات يسيرة.
3. تحري ليلة القدر والإكثار من الدعاء.
4. الالتزام بالاعتكاف ولو لبضع ساعات.
5. كثرة الذكر والقرآن ليكون اللسان رطبًا بذكر الله.
6. الصدقة والبذل للفقراء والمحتاجين.
7. الإخلاص في النية حتى يكون العمل مقبولًا.

خاتمة

العشر الأواخر من رمضان هي فرصة العمر لكل مسلم، فهي أيام الرحمة والمغفرة والعتق من النار، وفيها ليلة خير من ألف شهر. فمن أراد الفوز برضا الله، عليه أن يستغلها بالطاعات والقربات، وأن يجعلها فرصة لتجديد العهد مع الله، ورفع الدرجات، ومحو السيئات، حتى يكون من الفائزين يوم القيامة.