الطفولة هي الفترة الأكثر أهمية في حياة الإنسان، فهي تعتبر الحجر الأساسي الذي يبني شخصية الإنسان وتفاعلاته، والتي تنتج عن التفاعلات الإيجابية أو السلبية التي يتعامل بها الوالدان مع أبنائهم في هذه المرحلة، وهناك مثال يقال ومتداول علي ألسنة الكثير منا وهو العلم في الصغر كالنقش في الحجر والعلم في الكبر كالكتابة على الماء، كذلك فإن التفاعل والتربية في الصغر تنطبع في أذهان الأطفال وتعيش بداخلهم طوال حياتهم وتؤثر في بناء شخصيتهم ومشاعرهم وتفاعلاتهم الاجتماعية، لأن بعض الصدمات قد تترك أثراً عميقاً على الإنسان، مما يجعله هشاً نفسياً وأكثر عرضة للاضطرابات والأمراض النفسية.
الصدمات النفسية
إن التعريف المبسط للصدمة هو حدوث موقف معين يتغير بعده شيء ما بداخل الإنسان ويترتب عليه نتائج سلبية وهي ما تعرف باضطراب ما بعد الصدمة، وذلك لعدم قدرة الفرد على تحمل هذا الحدث مثل فقد أحد المقربين التعرض للعنف الجسدى التعرض إلى الاعتداء الجنسي الخذلان الحرمان الهجر أو الإهمال ويختلف تأثير هذه الصدمات وردت الفعل عليها من شخص إلى آخر.
هناك ثلاثة مراحل للصدمات
الصدمه الحادة: وهي تعرض الفرد لحادث غير متكرر يحدث له مرة واحدة مثل: التعرض لحادث سر العنف الجسدي، العنف الجنسي، الكوارث الطبيعية، الإصابات الخطيرة.
الصدمات المزمنة :وهي تكرار التعرض لحادث صادم لفترة طويلة مثل العنف الأسري مشاهدة الطفل للعنف بين الأب والأم التنمر الحرمان الإهمال الهجر، سوء المعاملة.
الصدمات المعقدة؛ هي حدوث مجموعة من الصدمات في أن واحد مما يؤدي إلى شعور الفرد بفقد الأمان والحصار و الشعور الدائم بالخطر.
صدمات الطفولة : تعد صدمات الطفولة واحده من أنواع الصدمات المعقدة التي يتعرض فيها الطفل إلى مجموعه من الصدمات، والتي تتراكم بداخله مع مرور الوقت وتعرضه إلى المزيد من الصدمات نتيجة الهشاشه النفسيه التي سبيتها له صدماته الأولى ، وتعتبر صدمات الطفولة من الأمور الشائعة والتي قد تؤثر بشكل كبير على حياة الفرد في المستقبل، وعندما يتعرض الطفل لصدمة ما، فإنه يمكن أن يعاني من اضطراب ما بعد الصدمة، وهو اضطراب يحدث نتيجة لتعرض الشخص لحدث شديد الإرهاق على الصعيد النفسي أو الجسدي، وتتضمن الصدمات الطفولية مختلف الأحداث التي يمكن أن تسبب صدمة للطفل، مثل الإساءة الجسدية أو النفسية من قبل الأهل أو الأقران تجربة العنف أو الكوارث الطبيعية، فقدان الأب أو الأم الطلاق التحرش الجنسي، وتؤدي الصدمة إلى الكثير من الآثار النفسية السلبية على الطفل مثل القلق والاكتئاب والخوف والتوتر والغضب والعصبية، بالإضافة إلى العديد من الأمراض الجسدية مثل المشاكل الهضمية والصداع، والأرق.
بداخلك طفل غاضب
تعد فترة الطفولة هي عملية وضع الأساس لكل الأفراد وأي خلل يحدث فيها ينتج عنه أضرار جسيمة على المدى البعيد فهي الفترة التي يتعلم بها الطفل أساسيات الحياة، وتتكون بها شخصيته أو کالأرض التي يغرس بها بذور التنشئة، ويكون ذويهم الغارسون لهذه البذور والمصدر الذي يشرف على طريقة نموها فإن أحسنوا رعايتها ستنتج ثماراً طيبة وإن لم يحسنوا فسيكون نتاجها فرد غير سوى يحمل في طياته الطفل الغاضب العنيد والعنيف الذي لم يحسن والديه التعامل معه، فظل سجيناً بداخله فيجعله هش طارة وقاس طارة أخرى.
من جانبها أوضحت دكتور الطب النفسي بمستشفى أسيوط للطب النفسي في حوار خاص لموقع «اليوم» أن مرحلة الطفولة هي أهم فترة في حياة الإنسان، وهى التي تؤثر على كل ما بعدها لأنها تحدد شخصيته وتفكيره وطريقة تعامله مع الآخرين، فلا يمكن أن نسيء لأطفالنا على أمل أن تصلح ذلك فيما بعد لأن الإنسان تتكون شخصيته في هذه الفترة ويصعب التعديل على ذلك عندما يكبر ولكنه ليس مستحيلا عندما يدرك أنه في حاجة إلى تغير ذلك ورفضه أن يعيش ما تبقى من عمرة في هذه المعاناة.
وفي الغالب لا تظهر صدمات الطفولة وتأثيرها على المريض ولكن يستطيع المعالج التعرف عليها من الجلسات ولكن يكون الإدراك الأكبر للمواقف العصيبه مثل: فقد شخص عزيز، فقد الأموال أو التعرض لحادث ، لا تشخص صدمات الطفوله بمفردها ولاكنها يأتى معها العديد من الاضطرابات و الأمراض مثل: الرهاب، وعدم الثقة بالنفس اضطرابات القلق والهلع الخوف من الدخول في علاقات والشعور الدائم بالذنب، وهنا يتطلب من المعالج الرجوع إلى السبب الحقيقي الخفى وراء هذه الاضطرابات إذا لم يستطع الفرد القيام بما يطلبه منه المعالج أثناء الجلسات، فهذه الصدمات تعيق المريض وتعطل من عملية التعافي ، وهنا يكون من الضروري الرجوع إلى السبب الرئيسي لهذه المشكلة.
كما أوضحت الدكتورة النفسية أثناء الحوار أن بداية العلاج تكمن فالتصالح مع المشكلة، وتقبله فكرة أن الإنسان لا يستطيع تغير من حوله ولكن يستطيع تغير نفسه فقط.
ويجب أن يتعامل على هذا الأساس ولا يصر على تغير الأشخاص فبعض الأشخاص يجب تقبلهم كما هما مثل الأهل، فلا أحد يستطيع اختيار أهله أو تغيرهم أو تبديلهم . ماذا إذا تحول منبع ايمانك إلى مصدر الأذى؟ ليصبح السبب فى ما تمر به من مشكلات واضطرابات هنا يتوجب عليك المواجهه والإفصاح لهم عما يؤذيك وتوضيح حدودك الشخصيه التي يجب عليهم مراعاتها وتوخى الحذر منها فيجب على الابن أن يصرح بما يشعر به من ضيق ناتج عن بعض التصرفات التي يتخذها الأهل في حياته من قرارات ومعامله وأسلوب تربوي واجتماعي، وفي حين فشل هذة المحاولات لحل المشكله فالحل البديل هنا أن تعمل على إصلاح نفسك ولا تكترث بهم فاعمل على نفسك لوجود طريقه تتخلص بها من آثار هذه الآلام.
وتؤكد على أن هناك عدد من المرضي لا يكونوا واعين بوجود صدمات من الطفولة بداخلهم وهنا الفاصل هو مدى تأثير هذه الصدمات على حياة الفرد وهل تسبب له قصور في وظائفه الأساسية أو ترتب عليها مشكلات واضطرابات أخري أم لا، موضحة أن هناك العديد من المرضي يهتمون بالعلاج دون أن يتكرثوا للسبب.
مراحل التعافي
تبدأ مرحلة العلاج أولاً: بتقبل المريض لما حدث، ثانياً: إدراك كيف أثر ذلك عليه ومعرفة السبب وتقبله هي مرحلة قد تكون الأكثر أهمية في مراحل العلاج، لافتة إلى أن الأشخاص اللذين لا يعترفون بوجود المشكلة بأنهم مثل الآباء والأمهات اللذين يقومون بضرب الأبناء اعتقاداً منهم بأن هذه هي طريقة التربية الصحيحة، وأنها لن تؤثر على الأبناء كما لم تؤثر عليهم من قبل، ولكن فالحقيقة هذا ليس صحيحًا، وهم فقط لا يدركون كيف أثرت هذه الأفعال عليهم، وماذا تركت بداخلهم لتجدهم يكررون هذه الأفعال مع أبنائهم ليخلقوا بداخلهم نفس الشعور بالآلام، وهنا لن تتوقف هذه الدائرة إلا إذا قام أحد بكسرها فإن لم يكن الفرد لديه القدرة لتغير والديه فليكن لأبنائه ما لم يجده في والديه ولن يكون الأمر سهلا ولكنه يستحق العناء.
اضطراب ما بعد الصدمة
اضطراب ما بعد الصدمة هو حالة نفسية تظهر بعد تجربة صادمة أو حدث مؤلم، يتضمن اضطراب ما بعد الصدمة تكرار الذكريات المؤلمة والتفكير المستمر في الحدث الصادم والتغيرات في المزاج والنوم، ويمكن أن يؤثر هذا الاضطراب على الحياة اليومية والعلاقات الشخصية، وغالباً ما يحتاج الفرد المتأثر إلى دعم نفسي ويلعب العلاج النفسي دوراً حاسماً في التغلب على هذا الاضطراب، حيث يتضمن العمل مع أخصائي نفسي لتحليل الأحداث وتطوير استراتيجيات التأقلم.
كما تشدد الإخصائية النفسية على ضرورة التوعية المجتمعية حول أهمية دعم الأفراد الذين يعانون من اضطراب ما بعد الصدمة، وتوفير البيئة الملائمة للتعافي النفسي، وتشير الدكتورة أيضاً إلى أن الفهم السليم لطبيعة اضطراب ما بعد الصدمة يسهم في تحسين الدعم الاجتماعي والرعاية النفسية، مما يعزز فرص التعافي للأفراد الذين يعانون من هذا الاضطراب.
مراحل اضطراب ما بعد الصدمة
فهم هذه المراحل والأعراض يمكن أن يكون الخطوة الأولى نحو التعافي، وتؤكد الدكتورة على ضرورة البحث عن دعم نفسي واجتماعي لمن يعانون من هذا النوع من اضطرابات الصدمة الأولية تفاعل شديد وعاطفي فور وقوع الحادث والشعور بالارتباك، وعدم القدرة على تصديق ما حدث ، التفاعل تظهر العديد من الأعراض مثل القلق والغضب يمكن أن يتسبب التفاعل في انعزال اجتماعي ومشاكل في العمل الانتكاس يظهر تفاعل غير مستقر، وقد يكون هناك تحسن طفيف، أو قد يشعر الشخص بالتوازن ولكن مع تكرار الذكريات السلبية ،التأقلم يبدأ الفرد في التكيف مع الحياة بشكل طبيعي يتعلم التعامل مع الصدمة ويستعيد بعض السيطرة على حياته.
أعراض اضطراب ما بعد الصدمة
– فقدان الإهتمام والمتعة في الأنشطة اليومية الأحلام والذكريات المزعجة المتكررة التقلب المزاجي والاكتئاب زيادة في مستويات التوتر والقلق.
اضطراب اجتماعية وعزلة
تؤكد الدكتورة النفسية أثناء حوارها «لليوم »على أنه يمكن لإضطرابات ما بعد الصدمة أن تأتى في شكل نوبات هلع ولكن لكل منهم تشخيص مختلف وأحياناً تصاحب نوبات الهلع أمراض أخري ويمكن أن يكون هناك أكثر من تشخيص لنفس الحاله فمن الممكن أن تصاحب نوبات الهلع مريض الاكتتاب او اضطرابات القلق وتؤثر الصدمات على كلا منهم ومن الصعب تشخيص أي مرض دون وجود أعراض ولكن قابلية وجود اضطرابات ام لا تتوقف على قدرت تحمل الفرد للموقف الذي يمر به وطريقه تعامله معه فتختلف ردود الأفعال لنفس الموقف من شخص إلى آخر ويكمن العلاج في هذه الحاله إلى درجة تطور المرض التي وصل إليها الشخص فمن الممكن أن يكون بحاجه إلى الأدوية الكيميائية وفي الحين الآخر يحتاج إلى جلسات سلوكيه ومخاطبه (الجلسات النفسيه ) أو الاثنين معاً و تظهر أعراض الصدمات على بعض الأطفال في شكل سلوك عدواني، سوء تصرف، انطوائية الحساسية المفرطة للبكاء نوبات غضب أو هلع ظهور أحلام مخيفة ومزعجة لدى الطفل، قد تكون متكررة.
و قد يظهر الطفل تغييراً في السلوك اليومي، مثل فقدان الاهتمام بالأنشطة المفضلة انعزال اجتماعي، حيث يتجنب الأطفال الأماكن أو الأشخاص التي تذكرهم بالحدث المؤلم تغيرات في المزاج العاطفي مثل الغضب المفاجئ أو الحزن العميق زيادة في مستويات القلق والخوف بشكل غير مبرر، وقد يكون ذلك مرتبطاً بالتجربة المؤلمة ، قد يعاني الأطفال من تراجع في الأداء الدراسي نتيجة للتشتت الذهني صعوبة في التكيف مع تغييرات الحياة اليومية بشكل عام.
في ختام هذا التقرير، قد تم سليط الضوء على صدمات الطفولة واضطراب ما بعد الصدمة وأهمية تقديم الدعم والرعاية للأطفال المتأثرين من خلال توفير بيئة داعمة وتوجيه الرعاية النفسية يمكن تحسين فرص تعافيهم وتطويرهم بشكل صحيح، لان الاهتمام بتلك الفئة العمرية يسهم في بناء جيل مستقر وصحي، مما يبرز أهمية تكامل الجهود المجتمعية لدعم الأطفال خلال فترة نموهم ، يمكنك أيضاً الدخول إلى موقع المنصة الوطنية للصحه النفسيه وإجراء استبيان والشروع في أخذ خطوات العلاج.