الدكتور كيلاني : الأشهر الحرم رمز للأمن والاستقرار في الإسلام
الأشهر الحرم : دروس من القرآن والسنة في الحفاظ على حرمة الدماء والأعراض

في ظل ما تشهده المجتمعات من تحديات تتعلق بالأمن والاستقرار، تنشر جريدة وموقع اليوم تقريرًا شاملاً عن نعمة الأمن ودورها المحوري في بناء الأوطان وحماية الأرواح والممتلكات.
ويستعرض التقرير رؤية الدكتور كيلاني عبدالرحمن محمد متولي الكناني، مدير عام المساجد بمديرية أوقاف الشرقية، الذي أكد على أهمية الحفاظ على الدماء والأعراض والأموال، خاصة في الأشهر الحرم، مستندًا إلى تعاليم الشريعة الإسلامية التي تدعو إلى البناء والإصلاح والتعايش السلمي.
مكانة الأمن في الإسلام وأهمية
الأمن والاستقرار هما عماد الحياة، وأساس التنمية والبناء. حول هذا الموضوع تحدث الدكتور كيلاني عبدالرحمن محمد متولي الكناني، مدير عام المساجد بمديرية أوقاف الشرقية والحاصل على درجة الدكتوراه في التربية، موضحًا مكانة الأمن في الإسلام وأهمية الحفاظ على الوطن ومقدراته، مستشهدًا بالنصوص الشرعية والتاريخ الإسلامي.
حرمة الأشهر الحرم
بدأ الدكتور الكناني حديثه بشرح مفهوم الأشهر الحرم وأهميتها، مستشهدًا بقوله تعالى:
{إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ۚ ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ ۚ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ…} [التوبة: 36].
وأوضح أن الأشهر الحرم هي ذو القعدة، ذو الحجة، المحرم، ورجب، وهي أشهر عظَّم الإسلام حرمتها، واعتبر الظلم فيها أشد إثمًا.
وأشار الدكتور إلى أن النبي صلى الله عليه وسلم أكد على حرمة هذه الأشهر في خطبة حجة الوداع، حيث قال: “إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السماوات والأرض، السنة اثنا عشر شهرًا منها أربعة حرم: ثلاث متواليات: ذو القعدة، ذو الحجة، والمحرم، ورجب مضر الذي بين جمادى وشعبان”.
قصة القتال في الشهر الحرام
تطرق الدكتور الكناني إلى حادثة عبد الله بن جحش وأصحابه، التي وقعت في الشهر الحرام، وكيف أن النبي صلى الله عليه وسلم أنكر على أصحابه القتال فيه قبل أن ينزل الوحي موضحًا حكم ذلك. واستشهد بالآية الكريمة:
{يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ ۖ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ ۖ وَصَدٌّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ…} [البقرة: 217].
وأكد أن الإسلام يُعظّم حرمة الدماء ويحث على السلام، لكنه أيضًا لا يسمح بالتنازل عن الحق أو السكوت على الظلم.
نعمة الأمن وأثرها على المجتمع
انتقل الدكتور إلى الحديث عن نعمة الأمن، مستشهدًا بقول الله تعالى:
{فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ * الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ} [قريش: 3-4].
وأوضح أن الأمن هو أساس الحياة المستقرة، حيث لا يمكن للإنسان أن يعيش أو يعمل أو يعبد الله دون شعور بالأمان.
وأشار الدكتور إلى دعاء النبي إبراهيم عليه السلام عندما قال:
{رَبِّ اجْعَلْ هَٰذَا بَلَدًا آمِنًا} [البقرة: 126]، مؤكدًا أن الأمن ليس مجرد غياب الخوف، بل يشمل الطمأنينة النفسية والاجتماعية.
أثر الأمن على بناء الأوطان
استعرض الدكتور الكناني حال الأمة الإسلامية في بداية الدعوة، وكيف كانت في حالة من الضعف والخوف، حتى أنعم الله عليها بالأمن والاستقرار بعد الهجرة إلى المدينة المنورة. واستشهد بالآية الكريمة:
{وَاذْكُرُوا إِذْ أَنتُمْ قَلِيلٌ مُّسْتَضْعَفُونَ فِي الْأَرْضِ تَخَافُونَ أَن يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآوَاكُمْ وَأَيَّدَكُم بِنَصْرِهِ…} [الأنفال: 26].
وأكد الدكتور أن الأمن هو اللبنة الأولى لبناء المجتمعات، حيث تزدهر التنمية والتعليم والاقتصاد في ظل الأمن، مستشهدًا بحديث النبي صلى الله عليه وسلم: “من أصبح منكم آمنًا في سربه، معافى في بدنه، عنده قوت يومه، فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها”.
رسالة للمجتمع: التعايش ونبذ الفساد
اختتم الدكتور الكناني حديثه بالتأكيد على دور كل فرد في الحفاظ على أمن المجتمع، محذرًا من الفساد والاعتداء على الممتلكات الخاصة والعامة، مستشهدًا بقوله تعالى:
{وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا} [الأعراف: 85].
ودعا الجميع إلى التعايش بسلام، والتعاون على البر والتقوى، مصداقًا لقوله تعالى:
{وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَىٰ وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} [المائدة: 2].
كما أشار إلى خطبة النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع، حيث قال: “كل المسلم على المسلم حرام: دمه وماله وعرضه”.
وأكد أن ما ننعم به اليوم من أمن واستقرار جاء بفضل الله ثم بفضل جهود المخلصين من رجال الجيش والشرطة الذين ضحوا بأرواحهم من أجل الحفاظ على الوطن، داعيًا الجميع إلى شكر الله على هذه النعمة العظيمة، والعمل على بنائها وتنميتها.
خاتمة
في ختام حديثه، وجه الدكتور كيلاني الكناني رسالة إلى الشباب بضرورة تقدير نعمة الأمن والعمل على الحفاظ عليها، مشيرًا إلى أن الأوطان تبنى بالعمل والإخلاص، لا بالتخريب والإشاعات، وختم بقوله: “إن الأمانة مسؤولية عظيمة، فلنكن جميعًا على قدر هذه المسؤولية”.