خبراء لـ”اليوم”: ثلاثة سيناريوهات يخشاها الإسرائيليون بعد “طوفان” المغاربة في أمستردام

شهدت العاصمة الهولندية أمستردام أحداث عنف غير مسبوقة خلال إحدى مبارايات الدوري الأوروبي، التي جمعت بين مكابي تل أبيب وأياكس أمستردام، حيث قام مشجعو مكابي بتمزيق الأعلام الفلسطينية وإطلاق هتافات عدائية، ما أدى إلى حدوث اشتباكات مع مؤيدي فلسطين.
وفي أعقاب هذه الأحداث، حذر الأمن القومي الإسرائيلي من حضور المباريات وعدم إظهار أي علامات تعبر عن الهوية الإسرائيلية، خاصة مع اقتراب مواجهات منتخب “إسرائيل” ضد فرنسا في باريس 14 نوفمبر المقبل، ومباراة بشكتاش في إسطنبول في 28 نوفمبر.
وقبل موقعتي باريس واسطنبول، تناولت جريدة “اليوم” آراء خبراء العلاقات الدولية حول خطورة تصاعد العنف واتساع دائرة الحرب، التي لم تقتصر على غزة بل امتدت إلى شوارع أوروبا.
وناقش هؤلاء الخبراء ما إذا كان هذا الوضع يُمثل إنذارًا لأوروبا بضرورة تدخل المجتمع الدولي لوقف حرب إبادة تُمارَس ضد المدنيين في غزة.
النفسية الصهيونية
الباحث في العلاقات الدولية، أحمد سلطان، يشير إلى أن أحداث أمستردام كانت متوقعة في ظل السياق العام والحالة الحشدية للجماهير الإسرائيلية، التي أظهرت سلوكاً متطرفاً.
وفقًا له، لم يكن الهدف من هذه الجماهير فقط نزع أعلام فلسطين، بل أيضًا تجاهل الضحايا في أحداث السيول في فالنسيا، وهو ما يبرز غياب الاحترام لدى هذه الجماهير.
ويوضح سلطان أن النفسية الصهيونية لها طبيعة متطرفة، حيث ترى العالم برؤية تقسيمية بين صهيوني وغير صهيوني. وهذا النوع من التفكير تجلى في رفض الجماهير الإسرائيلية الوقوف دقيقة حداد على أرواح ضحايا السيول، بالإضافة إلى الهتافات العدائية التي رددوها ضد العرب، رغم أن المباراة التي كانت في سياق هذه الأحداث لم تكن ضد فريق عربي.
ويعتقد سلطان أن مثل هذه الأحداث ستؤدي إلى تشديد الإجراءات الأمنية في الفعاليات الرياضية المستقبلية، حيث ستعزز قوات الأمن وتدخل قوات مكافحة الشغب في مختلف الدول الأوروبية.
كما يرى أن الحكومة الإسرائيلية تتعامل مع هذه الحوادث وكأنها مذبحة، رغم عدم وقوع حالات قتل أو خطف، مما يزيد من توتر الأوضاع.
على الرغم من طلب إسرائيل إرسال قوات عسكرية إلى هولندا لمواجهة هذه الأحداث، إلا أن هولندا رفضت ذلك، مما يدل على توتر العلاقات بين البلدين، حيث تعتبر هولندا دولة ذات سيادة لا تقبل التدخل العسكري الإسرائيلي في أراضيها.
معاداة السامية
وسلطان يشير أيضاً إلى أن الحكومة الإسرائيلية تستغل حالة المظلومية التي تعيشها لصالحها، حيث تستخدم تهمة معاداة السامية لتوجيه الانتقادات لمن يعارض سياساتها أو تصرفاتها، مما يعكس حالة رفض شعبي قد تكون موجودة في جميع الدول، سواء كانت تحتوي على جاليات عربية أو غير عربية.
أما حالة الرفض الشعبي والعربي والإسلامي، فهذا أمر مفروغ منه، حتى وإن مضت الحكومات في مسار التطبيع، مثال على ذلك الجالية المغربية التي كانت لها رد الفعل في الأحداث أمس، هي جالية لواحدة من الدول التي وقعت اتفاقيات إبراهام كما تسمى، وواحدة من الجاليات التي يقوم فيها النظام السياسي بتطبيع العلاقات بشكل كبير.
توقيت حساس
وقال طارق دياب، الباحث في العلاقات الدولية، إن ما قام به المغاربة في أمستردام يوم أمس يُعتبر حدثًا خطيرًا ومهمًا جدًا لأسباب متعددة:
أولاً، إنشاء جبهة إسناد جديدة:
هذا التحرك يفتح بابًا لجبهة إسناد جديدة ومختلفة، حيث يمثل بداية نوع جديد من الدعم لم يُشاهد من قبل، وفقًا لنظرية “الطوفان” التي وضع قواعدها القائد الشهيد يحي السنوار، ويُتوقع أن يتمدد هذا الحدث وينتشر من مكان لآخر، ويعزز روح التضامن بين العرب والمسلمين في جميع أنحاء أوروبا.
ثانيًا، التوقيت الاستراتيجي:
يأتي هذا الحدث في توقيت حساس، حيث يسبق مباراتين للكيان الإسرائيلي في مدينتين تعتبران مركزين حيويين لأوروبا. الأولى في باريس حيث يلتقي منتخب “إسرائيل” مع منتخب فرنسا في 14 نوفمبر المقبل، والثانية في إسطنبول حيث سينافس الفريق الذي شارك في أمستردام بشكتاش في 28 نوفمبر. هذا الوضع قد يُشجع المسلمين في هذه المدن على السير على خطى ما حدث في أمستردام.
ثالثًا، التأكيد على التزام الشعوب بالقضية الفلسطينية:
وأوضح دياب أن هذه الأحداث تؤكد مرة أخرى أن الشعوب، حتى في الدول التي تسعى للتطبيع كالمغرب، لا تزال تحمل قضية فلسطين في قلوبها. يظل الكيان الإسرائيلي كيانًا منبوذًا في محيطه، لذلك قد تؤدي هذه التحركات إلى تكرار مماثل في المستقبل.
ويتوقع دياب أن يتجه الاتحاد الأوروبي للحديث حول ما حدث في أمستردام، بحثًا عن سبل للسيطرة على هذا الزخم قبل أن يتوسع. وإن الأحداث الأخيرة قد تلقي بظلالها على القارة الأوروبية وتجعلها تتذوق عواقب القضايا المتشابكة مع الشرق الأوسط.
حالات استفزازية
يعتبر عمرو الشوبكي، الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، أن ما حدث في أمستردام لا يمكن اعتباره معاداة للسامية، وإنما هو تعبير عن الغضب والاستياء تجاه الجرائم السياسية والإبادة الجماعية التي تُرتكب في غزة. هذه الاشتباكات تعكس رد الفعل الشعبي على ممارسات تتعلق بالظلم والتهجير.
كما أكد الشوبكي على أهمية الحوار والتفاهم بين الثقافات، ودعى إلى معالجة الأسباب الجذرية للنزاعات بدلاً من التركيز على الأعراض السطحية.
وأشار إلى ضرورة الضغط الدولي لوقف الحرب على غزة ، حيث قال:” نرى في هذه الأحداث إنذاراً لأوروبا بضرورة التدخل والضغط بكل السبل المتاحة لوقف الأعمال العدائية وتفادي تفاقم الأوضاع الإنسانية في المنطقة”.
وتابع:”إننا ندرك أن هذه القضايا حساسة ومعقدة، ونشجّع جميع الأطراف على اتخاذ خطوات نحو الحلول السلمية والتفاهم المتبادل”.