محمود عرفات يكتب: «السكوتر الكهربائي» أزمة تتجوَّل على عجلتين

كنت أسير على جانب الطريق بهدوء دون أن يشغلني شيء يجعلني في عُرضة لحادث أو أن أصطدم بشيء أمامي، فعيني تنظر إلى الأمام وأذني تنصت إلى ما هو خلفي حتى لا يحدث شيئا مخالفا، حتى رأيت طفلا صغيرا دون العاشرة عاما يستقل “السكوتر الكهربائي” في طريقه إليّ بسرعة الصاروخ وكأنه طيف لا صوت له، ولولا أني رأيته بجانب عينيّ صدفة لاصطدم بي، وذلك لأن “السكوتر” ذاك مختلف عن كل الدرجات النارية المعروفة بسبب أنه ليس له صوت على الإطلاق، يتجول كأنه يتحسس، تمامًا كمن يمشي على أطراف أصابعه بهدوء ويتقدم نحوك ليطعنك في ظهرك!
الحقيقة أن “السكوتر” أزمة تتجول على عجلتين بالمعنى الحرفي للجملة، وذلك ليس لأنه ليس له صوت فحسب، بل إن مَن يستقلونها أطفال دون العاشرة، وينتج عن ذلك عشوائية مفرطة على الطريق، والتي سرعان ما تُودي بحياة الأطفال نحو الهاوية، ولا أدرى لماذا أولياء الأمور بهذه السلبية مع هذه الأزمة التي توغلت في كل القرى، والعجيب أن هذا الصمت تجاه هذه الكارثة يأتي في ظل وجود حوادث متكررة على الطريق، وكأن أرواح الأطفال بلا قيمة.
نحن لا نحارب الناس في أرزاقهم، لكن حياة الإنسان مقدمة على كل شيء، كان الأولى عند دخول هذه الدرجات السوق أن يتم تقنين الأمر، كأن يتم تخصيص أماكن معينة بعيدة عن الشوارع والكباري وأماكن مرور السيارات واستئجار أوقات معينة للعب الصغار فيها، وذلك تماما كالألعاب التي يتم استخدامها في أماكن الترفيه، أو أن يكون هناك شرط عند استئجارها، وذلك أن يركبها كبار يستطيعون التمييز والهدوء أثناء ركوبهم، لكن أن نمشي ونرى أطفالا في السادسة من عمرهم يتجولون به يمينا ويسارا في أماكنَ تعجُّ بالسيارات هذا طريق ممهد نحو الموت، وإذا لم نعِ الأمر الآن صِدقا سنصحو على كارثة!