تقارير-و-تحقيقات

الأزهر الشريف يعزز تعاونه مع معهد زيس الإندونيسي لنشر التعليم الوسطي

تقرير: مصطفى على

في خطوة تعكس رسوخ العلاقات العلمية والثقافية بين الأزهر الشريف والمؤسسات التعليمية في دولة إندونيسيا، استقبل الدكتور محمد الضويني، وكيل الأزهر الشريف، وفدًا رفيع المستوى من معهد “زيس” الإندونيسي، برئاسة مؤسس المعهد جاهشوان هاريو ساسونكو، وذلك لبحث سُبل تعزيز التعاون المشترك في المجالات التعليمية والعلمية، وتوسيع نطاق نشر المنهج الأزهري الوسطي في جنوب شرق آسيا.

يأتي هذا اللقاء في إطار السياسة الثابتة للأزهر الشريف، بقيادة فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، التي تركز على دعم العلاقات العلمية مع مختلف دول العالم الإسلامي، خاصة إندونيسيا، باعتبارها إحدى الدول التي تربطها بالأزهر علاقة تاريخية طويلة ومتميزة، تجسدت في الآلاف من طلابها الذين تلقوا تعليمهم في أروقة الأزهر الشريف.

الضويني: الأزهر يدعم الطلاب الوافدين ويُرحب بالشراكة مع “زيس”

وفي مستهل اللقاء، عبّر الدكتور محمد الضويني عن ترحيب الأزهر الشريف الدائم بأبناء الدول الإسلامية، مشيدًا بالمكانة الخاصة التي تحظى بها إندونيسيا داخل قلب الأزهر، لما لها من امتداد تاريخي عميق في العلاقة مع المؤسسة الأزهرية، مشيرًا إلى أن آلاف الإندونيسيين نهلوا من علوم الأزهر، ليكونوا بعد عودتهم دعاةً للوسطية والتسامح في بلادهم.

وأكد وكيل الأزهر أن فضيلة الإمام الأكبر يولي الطلاب الوافدين اهتمامًا بالغًا، لا سيما من إندونيسيا، ويوجّه دومًا بتوفير سبل الدعم العلمي والتربوي لهم داخل مؤسسات الأزهر التعليمية، إيمانًا بأن هؤلاء الطلاب سيحملون الرسالة الأزهريّة وينشرونها في بلدانهم، بما يسهم في محاربة التطرف، وترسيخ مفاهيم الاعتدال.

كما أبدى الدكتور الضويني ترحيب الأزهر بالتعاون مع معهد “زيس”، مثمنًا رسالته التعليمية، ومؤكدًا استعداد الأزهر لتقديم كافة أشكال الدعم الممكنة للمعهد، سواء من خلال التدريب العلمي، أو دعم المناهج، أو التعاون في تنظيم الدورات والبرامج الأكاديمية المشتركة.

مقترح بإنشاء فرع لمدرسة “الإمام الطيب” لتحفيظ القرآن بإندونيسيا

ومن بين المبادرات التي طُرحت خلال اللقاء، أبدى وكيل الأزهر تأييده لفكرة إنشاء فرع لمدرسة الإمام الطيب لتحفيظ القرآن الكريم داخل معهد “زيس” في إندونيسيا، لما لهذا المشروع من دور مهم في دعم النشء بالعلوم الشرعية الصحيحة، وغرس القيم القرآنية الأصيلة، وفق المنهج الأزهري القائم على التيسير، والبعد عن الغلو أو الانغلاق.

وأشار الضويني إلى أن هذا المشروع سيكون لبنة جديدة في مسيرة تعزيز التعليم الأزهري في الخارج، ويُمكن أن يشكّل نموذجًا يُحتذى في دول أخرى تسعى لتعليم أبنائها القرآن الكريم بمنهجية تجمع بين الحفظ والفهم والتطبيق.

وفد معهد “زيس”: الأزهر هو قبلة العلم للعالم الإسلامي

من جانبه، أعرب وفد معهد “زيس” عن سعادته البالغة بلقاء وكيل الأزهر، ووجّه شكره العميق لفضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر على حرصه المستمر على مد جسور التعاون مع المؤسسات العلمية حول العالم، مشيرًا إلى أن الأزهر الشريف كان ولا يزال “كعبة العلم” التي يتوجه إليها طلاب العلم من كافة أنحاء العالم الإسلامي.

وأكد رئيس الوفد، جاهشوان هاريو ساسونكو، أن مناهج الأزهر الشريف هي المرجعية الأساسية التي يعتمد عليها معهد “زيس” في تدريس العلوم الشرعية واللغوية، لما تحمله من عمق علمي واتزان فكري يُسهم في بناء جيل معتدل الفكر، بعيد عن التطرف، ومؤمن بقيم التسامح والانفتاح.

وأشار ساسونكو إلى أن المعهد، الذي أُسّس عام 2021، يضم حاليًا ما يقرب من ألف طالب وطالبة، ويتطلع إلى تطوير برامجه التعليمية بالشراكة مع الأزهر الشريف، لتوسيع نطاق تأثير المنهج الأزهري الوسطي في المجتمع الإندونيسي.

التعليم الأزهري في إندونيسيا: تاريخ ممتد وتطلعات متجددة

وتُعد إندونيسيا من أكثر الدول التي يرتبط طلابها بالأزهر الشريف منذ قرون، إذ تخرّج من الأزهر العديد من كبار العلماء والدعاة الإندونيسيين الذين ساهموا في ترسيخ القيم الإسلامية السمحة في بلادهم وما زالت هذه العلاقة تشهد نموًا مستمرًا، خاصة مع ازدياد الطلب على التعليم الأزهري في المدارس والمعاهد الإسلامية في إندونيسيا.

ويحظى المنهج الأزهري هناك بقبول واسع، لما يتميز به من اعتدال في الفكر، وانفتاح على الحضارات، وتمسك بجوهر الدين بعيدًا عن الانغلاق، وهو ما يجعل التعاون بين الأزهر ومعهد “زيس” خطوة استراتيجية نحو تعزيز هذا النموذج في شرق آسيا.

 أمل في المستقبل وتأكيد على وحدة الهدف

اختُتم اللقاء بروح من التفاؤل والتفاهم المشترك، حيث شدد الجانبان على ضرورة استمرار التنسيق والتواصل بين الأزهر الشريف ومعهد “زيس”، من أجل تطوير البرامج التعليمية، وتوسيع قاعدة الطلاب المستفيدين من المنهج الأزهري، وتبادل الخبرات بين أعضاء هيئة التدريس والباحثين.

وأكد وكيل الأزهر أن الانفتاح على العالم الإسلامي علميًا وتعليميًا هو جزء من رسالة الأزهر الممتدة، وأن الشراكات المخلصة مع المؤسسات التعليمية مثل “زيس” ستسهم في تحصين المجتمعات المسلمة من الفكر المتطرف، وتعزيز روح الاعتدال التي يتميز بها الإسلام.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights