عرب-وعالم

الاتحاد الأوروبي يخفف العقوبات على سوريا مع إبقاء الضغط على النظام

في خطوة لافتة، أعلن مجلس الاتحاد الأوروبي، اليوم الإثنين، تعليق بعض العقوبات المفروضة على سوريا، والتي أطلق عليها وصف “الإجراءات التقييدية”. ويهدف هذا القرار إلى تخفيف القيود في قطاعات الطاقة والنقل والمصارف، بما يسمح بتسهيل التعاون مع الشعب السوري والشركات المحلية في مجالات رئيسية، خصوصًا في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تعاني منها البلاد.

دوافع القرار الأوروبي

يأتي هذا القرار بعد مناقشات موسعة داخل الاتحاد الأوروبي حول سبل دعم الاحتياجات الإنسانية والاقتصادية في سوريا، خاصة في ظل تفاقم الأزمة المعيشية وصعوبة وصول المساعدات الدولية إلى السكان. وتعد هذه الخطوة محاولة للتوازن بين استمرار الضغط على النظام السوري وبين التخفيف من حدة الأزمة الاقتصادية التي تؤثر بشكل مباشر على المواطنين السوريين.

أكد الاتحاد الأوروبي أن هذه التعديلات تهدف إلى:

  • تسهيل المعاملات المالية والمصرفية المرتبطة بقطاعي الطاقة والنقل.
  • دعم الأنشطة الإنسانية في سوريا من خلال تحسين وصول المساعدات والإمدادات الأساسية.
  • المساهمة في جهود إعادة الإعمار في بعض المناطق، مع ضمان عدم استفادة النظام السوري مباشرة من هذه التسهيلات.

تفاصيل القرار والتعديلات المشمولة

1. تعليق العقوبات المفروضة على قطاع الطاقة والنقل:

  • رفع القيود المفروضة على قطاعات النفط والغاز والكهرباء، مما يتيح للشركات الأوروبية إمكانية التعامل في هذه المجالات ضمن حدود معينة.
  • إلغاء القيود المفروضة على بعض جوانب قطاع النقل، ما قد يسهم في تحسين عمليات الشحن والتجارة.

2. إزالة بعض الكيانات من قائمة العقوبات المالية:
يشمل القرار رفع العقوبات عن خمسة كيانات مالية سورية رئيسية، وهي:

  • المصرف الصناعي السوري.
  • مصرف التسليف الشعبي.
  • مصرف التوفير.
  • المصرف الزراعي التعاوني.
  • شركة الخطوط الجوية العربية السورية.

كما تم السماح بإتاحة الموارد المالية لمصرف سوريا المركزي، وهو ما قد يسهم في تخفيف الأزمة المالية جزئيًا، رغم استمرار القيود على عمليات التحويلات الدولية الواسعة النطاق.

3. تسهيلات مصرفية جديدة لدعم الاقتصاد والاحتياجات الإنسانية:

  • إدخال استثناءات على الحظر المفروض على العلاقات المصرفية بين البنوك السورية والمؤسسات المالية في الاتحاد الأوروبي.
  • السماح بإجراء المعاملات المالية المتعلقة بقطاعي الطاقة والنقل، إلى جانب المعاملات اللازمة للأغراض الإنسانية وجهود إعادة الإعمار.

4. تمديد الإعفاءات الخاصة بالمساعدات الإنسانية:

  • قرر الاتحاد الأوروبي تمديد الإعفاءات المتعلقة بالمساعدات الإنسانية إلى أجل غير مسمى، وهو ما يسهل تقديم الدعم للمحتاجين والمتضررين في سوريا دون التعرض للعقوبات المالية.

5. استثناء خاص للسلع الفاخرة:

  • رغم استمرار الحظر الأوروبي على تصدير السلع الفاخرة إلى سوريا، فقد تم السماح باستخدامها لأغراض شخصية، وهو استثناء قد يفيد بعض الأفراد داخل البلاد.

ردود الأفعال حول القرار

لقي هذا القرار ردود فعل متباينة بين الأوساط السياسية والاقتصادية. حيث اعتبره بعض المحللين خطوة إيجابية نحو تحسين الوضع المعيشي في سوريا، بينما حذر آخرون من إمكانية استفادة النظام السوري من هذه التسهيلات بطرق غير مباشرة.

  • الولايات المتحدة: رغم عدم تعليقها رسميًا على القرار، فإن واشنطن لا تزال تفرض عقوبات مشددة على سوريا، ومن غير المتوقع أن تخفف من موقفها قريبًا.
  • المعارضة السورية: انتقدت بعض فصائل المعارضة القرار، معتبرةً أنه قد يمنح النظام السوري مجالًا أوسع للتحرك اقتصاديًا.
  • المنظمات الإنسانية: رحبت عدة منظمات دولية بالخطوة، مشيرةً إلى أنها قد تسهم في تحسين الوضع الإنساني وتسهيل وصول المساعدات.

الموقف الأوروبي والمستقبل

أكد الاتحاد الأوروبي أن هذه التعديلات لا تعني تغيير موقفه تجاه النظام السوري، حيث لا تزال العقوبات السياسية والاقتصادية الأساسية قائمة. وأشار إلى أنه سيواصل متابعة الأوضاع في سوريا بشكل مستمر، مع إمكانية تعليق المزيد من العقوبات الاقتصادية أو إعادة فرضها في حال حدوث تطورات جديدة.

يعد هذا القرار خطوة هامة في المشهد السوري، حيث يمكن أن يسهم في تحسين الأوضاع الاقتصادية والإنسانية إلى حد ما، لكنه في الوقت ذاته يثير تساؤلات حول مدى تأثيره على ديناميكيات الصراع المستمر. وبينما تسعى أوروبا لتحقيق توازن بين تقديم الدعم الإنساني والإبقاء على الضغط على النظام، فإن مستقبل هذه التعديلات سيعتمد على تطورات الأوضاع على الأرض والتوجهات السياسية الإقليمية والدولية المقبلة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights