الصحة النفسية لا تقل أهمية عن الصحة الجسدية ..والوصمة الاجتماعية تصعب خطوة العلاج
الصحة النفسية بشكل عام تعني القدرة علي التكيف والقدرة علي العمل والحب والعطاء ويستطيع الإنسان مواكبة ضغوط الحياة العادية، ويكون قادر على العمل الإيجابي والمثمر، ويمكنه الإسهام في مجتمعه، وتوفير ركيزة المشاعر والأفكار والانطباعات والمعارف وعلاقات التواصل والسلوكيات الإيجابية ، كلما حظي بصحة نفسية سليمة ، ولكن بعض الناس تعتقد أن الصحة النفسية تعني الخلو من الأمراض النفسية وهذا شىء غير صحيح.
وهناك جزئية مهمة يجب أن تكون علي علم بها ألا وهي أن الصحة النفسية تعني الخلو النسبي من الاضطرابات النفسية ، بمعني أن هناك درجة من درجات الإضطراب النفسي لدي كل الأشخاص لكن لا تصل إلي درجة الإعاقة ، أي لاتمنع الشخص من ممارسة حياتة الطبيعية ، لأن بطبيعة الحياة جميع الأشخاص قد تصاب بنوع من التوتر ، القلق ، الحزن ، التعب ، لكن هذا لا يصل بها لمرحلة الإضطراب النفسي إذًا فإن الصحة النفسية لا تعني أن الإنسان يكون خالي تمامًا من أي عرض من الأعراض النفسية.
أهمية الصحة النفسية
تمثل الصحة النفسية نفس ذات الأهمية للصحة الجسدية ، فلا يستطيع الإنسان الغير صحيح جسديًا العمل بكفاءة ، ولا عيش الحياة باستقرار ، ولا يصعب عليه التكيف مع ظروف الحياة ، فنجد هنا أن الصحة النفسية مثلها مثل الصحة الجسدية بشكل تام ، فكل ما كان الإنسان صحيح نفسيًا وصحيح جسديًا ، سيكون قادر علي العطاء قادر على التكيف والتأقلم ،لذلك يجب أن يتمتع الإنسان بصحة نفسية لأجل أن يستطيع ممارسة حياتة بشكل أفضل ، و أن تكون نوعية حياتة أفضل وأحسن.
الاضطرابات التي قد تصيب الفرد ولكن لا تصل به إلي درجة حدوث خلل في الاتزان النفسي
في البداية لابد من توضيح أن الشخص الذي يصل إلى مرحلة الإضطراب النفسي فهو شخص لا يتمتع بالصحة النفسية الجيدة ، لأن الاضطراب النفسي عبارة عن متلازمات من الأعراض النفسية ، وهذا يعني أن كل اضطراب من الاضطرابات النفسية يتضمن مجموعة من الأعراض ، وطالما أن الشخص وصل لمرحلة التشخيص أنه لدية اضطراب نفسي إذن هو لدية متلازمة من الأعراض ، قد تكون أعراض تتعلق بالقلق أو أعراض متعلقة بالاكتئاب أو الوسواس القهري ، إذًا فالحالة هنا غير صحيحة نفسياً ولايتمتع بالصحة النفسية ، وذلك لأنه وصل لمرحلة الاضطراب النفسي.
الصحة النفسية لا تقتصر أهميتها فقط علي مجرد التمتع بحالة من الهدوء والاسترخاء بينما تلعب دور بارز في الحياة من المرض النفسي .
ما الأمراض النفسية التي قد يصاب بها الفرد في حالة حدوث خلل في الصحة النفسية الخاصة به؟
من أكثر الاضطرابات النفسية التي يتعرض لها الإنسان هي القلق ، يعتبر القلق من الأمراض النفسية الأكثر إزعاجًا لأنه يصل لمرحلة من المراحل الصعبة التي تجعل الإنسان يقلق من كل شىء ويقلق علي كل شىء، فهو يعيش في حالة دائمة من القلق وهذا يحدث مشكلة كبيرة لأن الإنسان لايستطيع التمتع بحياتة.ومن ضمن الاضطرابات النفسية الأكثر شيوعًا هي الاضطرابات الوجدانية ،التي تتعلق بالوجدان والعاطفة والعاطفة ومن أشهرها الاكتئاب ، وهو مرض يكاد يكون قاتل لأنه في بعض الحالات يصل الإنسان للانتحار ، ويتخلص من حياته لأجل التخلص من الألم والمعاناة النفسية التي يعيشها طوال الوقت.
وهناك اضطرابات كثيرة جدًا مثل اضطراب الوسواس القهري والمخاوف المرضية ، هذا بالإضافة أن الاضطرابات الشخصية والاضطرابات العقلية ،من الاضطرابات التي يتعرض لها الإنسان في حالة استمراره تحت ضغوط مستمرة.
ما الذي يحدث عند استمرار الشخص في حالة عدم صحة نفسية ؟
من المؤكد أنه لن يكون سعيد ، ولن يستمتع بأي شىء في حياتة دائمًا سيكون هناك شىء مسبب له الإزعاج ،فعند العيش في حالة دائمة من القلق الدائم والتوتر المستمر أو الشعور بعدم الراحة ، جميع هذه المشاعر سلبية وبالتالي يترتب عليها عدم قدرة الإنسان بالاستمتاع بأي شيء يفعله في الحياة.
نوعية الحياة أو جودة الحياة مرتبطة بأن يكون مستوى الصحة النفسية للإنسان مرتفع، ومن الممكن أن يكون الإنسان صحيح نفسيًا بغض النظر عن ظروفه البيئة ، قد يكون فقير وصحيح نفسيًا ، قد يكون لديه أمراض عضوية وصحيح نفسيًا ، ليس شرط أن الصحة النفسية مرتبطة بأن يكون الإنسان أكثر ثراءً أو أكثر صحة جسدية أكثر تعليمًا أو علمًا ، هذه ليست شروط تتوافر بها الصحة النفسية ، لأنها مرتبطة أكثر بطريقة إدراك الفرد لحياته ولنفسه ولظروف حياتة المختلفة ، فكل ما كان إدراكنا جيد ولدينا درجة من الرضا والسعادة من المؤكد أن تكون الحياة أفضل من الناحية النفسية.
الوصول لمرحلة الصحة النفسية
يجب أن نفهم طبيعة الحياة ومعرفة تقلباتها الكثيرة ، وذلك لأن الحياة بطبيعتها تحتوي علي ضغوطات بها قدر من المعاناة ، قدر من الألم هذا هو الشىء الطبيعي،وذلك لأن المعاناة والألم جزء من طبيعة الحياة فبالتالي يجب أن يكون لدي الإنسان تقبل لما يستعرض له من أحداث صادمة وضاغطة ومقلقلة لأن هذه هي طبيعة الحياة.
وجدير بالذكر أن نقول استمرار الشخص في الألم والمعاناة التي قد يتعرض لها يساعده علي عدم استقرار راحتة النفسية ، لذلك أول خطوة يجب القيام بها تقبل الظروف الحياتية والأحداث الضاغطة التي نمر بها.
التفكير بواقعية وعقلانية
التفكير بواقعية وعقلانية ، يمكن أن يتم معتقداتنا تجاه المشاكل وعدم تكبيرها ، يجب أن نثق أن لكل مش حل وفي نفس الوقت أري المشكلة كما هي في الواقع اي بدون تضخيم ومبالغة وعدم الاعتقاد أنها كارثية ، لأن الشخص إذا اعتبر المشكلة ضخمة وصعبة وأنها تمثل كارثة حقيقية فهذا يعني أن المشكلة غير قابلة للحل ، يجب أن نتعلم كيف نفكر بطريقة عقلانية وإيجابية تجعلك تري كل شىء كما هو في الواقع.
ويجب الإيمان والاقتناع بأن كل ما يحدث فالحياة من صعوبات وضغوطات هو جزء طبيعي من الحياة وفي نفس الوقت يساعدني هذا أن اتعلم كيف يمكن أن أكون أقوي ،وأن اكتسب مهارات وخبرات جديدة في التعامل مع المشاكلات التي اتعرض لها.
ويؤكد اخصائي نفسي أثناء حواره مع«اليوم» :
أن الإنسان له جسم ونفس ، يقيمان فيما بينهم علاقات مركبة ومتنوعة لأجل إنتاج هيئة كاملة ، ومثلما توجد مشاكل في عمل الجسم تمس بالإنسان وتعرقل أداءه الوظيفي ، فهناك اضطرابات أو أمراض نفسية هي الأخري تزعج الإنسان ، هذه الإضطرابات ممكن أن تتسبب من عوامل مختلفة ، بعضها قد تكون لمرة واحدة ويمكنها الزوال ،وهناك اضطرابات تتواصل لمدة طويلة وتحتاج إلى علاج متواصل.
وجدير بالذكر أن ضغوطات الحياة الكثيرة والانشغالات اليومية جعلت الأشخاص يغفلون عن كثير من جوانب الحياة المهمة التي من المفترض أن تكون من أولوياتنا في الحياة ومن ضمن هذه الجوانب هو جانب الصحة النفسية وأهميتها ، وخطوات الفرد تجاه تحقيق الاتزان النفسي.
ويؤكد أن خبراء الصحة النفسية واستعادتها أمر بالغ الأهمية سواء كان علي أساس فردي أو مجتمعي ، فواحد من كل خمسة أفراد تقريبًا يعانون من مشاكل في صحتهم النفسية ، ولا يقدم الكثير علي العلاج ، خوفًا من البقاء تحت مطرقة النقد والحكم عليهم بالجنون.
طرق الوقاية اللازمة للحفاظ علي صحة الفرد
في الحقيقة لايوجد طريقة أكيدة للوقاية من الأمراض النفسية ، ولاكن إذا ذكرنا بعض الطرق للحفاظ علي الصحة النفسية وعدم التعرض للأمراض النفسية فمن المؤكد أن ننصح بالاعتناء بالنفس جيدًا ، مثل النوم الكافي وأخذ قسطًا من الراحة ، الأكل الصحي ، وانتظام التمارين الرياضية ، التفكير الإيجابي والتفاؤل كل هذا مهم جدًا في الوقاية من تدهور الأمراض النفسية.
متي يطلب الشخص الذهاب إلى الأخصائي النفسي؟
حينما يتدخل المرض النفسي والاضطراب في كل أنشطة حياتة اليومية.وحينما يبدأ يؤثر على علاقاته الاجتماعية ،وأدائه المهني والأكاديمي، وعلاقتة بنفسه ، ويؤثر علي كافة حياته في هذه اللحظة يقرر المريض طلب المساعدة العلاجية النفسية.
لماذا خطوة العلاج النفسي صعبة لدي المريض؟
لأن المرض النفسي محاط دائمًا بنوع من الوصمة الاجتماعية السيئة ، إذا ذهب المريض إلي الطبيب يطلق عليه لقب «مجنون» هذا إلي جانب التساؤلات الكثيرة التي تدور في عقلة حول ماذا سيقول المجتمع عني إذا ذهبت إلي العيادة النفسية ،فمن المؤكد أن يكون الأمر صعب عليه .
ما الرسالة التي توجها لمن يعانون اضطراب نفسي ولاكن تمنعهم نظره المجتمع للذهاب إلى الأخصائي؟
ضرورة التعامل مع المرض النفسي بذات المنطق الذي نتعامل به مع المرض الجسدي ، وفي النهاية يعتبر معرقل يمنعك لعيش حياتك بسعادة ، ما الداعي للعيش مع ألم ،علي الرغم من أن العلاج النفسي علاج تعليمي يعلمك مهارات كثيرة جدًا تساعدك تتعايش مع اضطراباتك النفسية ، العلاج النفسي مفيد جدًا وهو علاج من خلال الكلام وبعض الأساليب السلوكية التي ليس لها علاقة بالعقاقير ونتائجه في حالات الاضطراب النفسي.
التراكمات
تعتبر تراكمات الإنسان قادره علي تغير مشاعره تمامًا تجاه كل الأشياء والأشخاص حتى أكثرهم قربًا لقلبه ، وهي سبب من أسباب الاضطرابات النفسية الأساسية للإنسان.
حيث صرحت حالة أثناء حوارها مع «اليوم» رفضت ذكر اسمها طالبة جامعية ، تدرس في كلية الصيدلة جامعة الأزهر ، أن السبب الأساسي في مرضها النفسي هي التراكمات التي أدت إلى أن تنهي حياتها في محاولة انتحار من أعلي السكن الجامعي أثناء تواجدها مع أصدقائها الذين سارعوا في إنقاذ حياتها .
وأضافت من أسباب هذه التراكمات التي أدت للحالة التي وصلت لها ، هي فقد ثقتها في أقرب أصدقائها والبعد عنها والتعامل معها بأسلوب غير لائق أمام الجميع ، و حدوث بعض المشاكل الأسرية التي أثرت بنفسيتها أثناء المرحلة الثانوية ، وعدم دخولها الكلية التي تريدها ، البعد عن أهلها في فترة الجامعة والسفر لمحافظة اخرى والتعرف علي عالم غريب عنها يتصف بالجحود والاستغلال ، عدم تقبلها الكلية والمواد وصعوبة الدراسة مما أدى إلى الكتمان المتراكم لديها ، لتشعر في الرغبة للمعالجة النفسية وتبحث في مواقع التواصل الاجتماعي لتحصل علي ما تريد من خلال وجود صفحة دكتور نفسي وتبعث له رسالة بالمشكلة ليستجيب بالرد عليها وتتوالي الرسائل حتي تقع في مصيدة الجنس وتكتشف أن هذا الشخص ليس بدكتور نفسي ولاكن يحاول إقناعها إنه يستخدم طريقه جديده في العلاج النفسي بإرسال الصور العارية و..وسرعان ما تكتشف هذا ولا تستجيب لكلامه وتقوم بحظره ، و يستمر في ملحقاتها وتحاول التخلص من حياتها ولاكن تفشل المحاولة.
وتأكد أن السبب الرئيسي للبحث عن علاج من خلال تطبيقات التواصل الاجتماعي هي خوفها من نظرة المجتمع ووصفها بالجنون ونظرات الشفقة لمن حولها ، وأن الحل الوحيد هو الذهاب لطبيب نفسي مختص ، حيث قامت بأخذ موعد رسمي لزيارة الطبيب النفسي في العيادة الصحية ، وهو الذي أدي لمساعدتها وعلاجها ومازالت تستمر في العلاج، أيضًا معرفة أهلها بالحقيقة ومساعدتها علي التخطي لعيش حياة أفضل والاستمرار في الدراسة.