البحوث الإسلامية: اختبارات صارمة لاختيار لجنة مراجعة المصحف الشريف

وسط متابعة ميدانية من قيادات مجمع البحوث الإسلامية، انطلقت فعاليات اختبارات عضوية لجنة مراجعة المصحف الشريف، في خطوة تعكس حرص الأزهر الشريف على ضمان سلامة النص القرآني وفق أعلى معايير الضبط والاتقان.
متابعة ميدانية حثيثة من قيادات المجمع
في أجواء يسودها الالتزام والدقة، قام الأستاذ الدكتور محمد الجندي، الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية، يرافقه الدكتور حسن خليل، الأمين المساعد للثقافة الإسلامية، بجولة تفقدية لمتابعة فعاليات الاختبارات التحريرية الخاصة بالمتقدمين للالتحاق بعضوية لجنة مراجعة المصحف الشريف.
وتُجرى هذه الاختبارات الدقيقة على مدار يومين بمقر مركز الأزهر للمؤتمرات، وتهدف إلى اختيار نخبة من العلماء المتخصصين القادرين على تحمل مسؤولية صون كتاب الله العزيز.
وأوضح الدكتور الجندي خلال جولته أن هذه الخطوة تأتي تنفيذًا لتوجيهات فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، الذي يولي اهتمامًا بالغًا بدعم اللجنة وتزويدها بالكفاءات العلمية المتميزة، بما يضمن استمرار دورها الحيوي في خدمة القرآن الكريم والحفاظ عليه من التحريف أو الخطأ.
برنامج الاختبارات: يوم للقرآن وآخر للقراءات وعلومها
وقد انطلقت فعاليات اليوم الأول باختبار شامل في حفظ القرآن الكريم وتلاوته بجميع رواياته المعتمدة، حيث تم وضع الممتحَنين أمام اختبارات تقيس مدى تمكنهم من النص القرآني وقدرتهم على تجويده بدقة.
أما اليوم الثاني، فيُخصص لاختبار المتقدمين في علوم القراءات، بما في ذلك القراءات العشر المتواترة، وأحكام التجويد، والرسم العثماني، وقواعد الضبط الدقيق.
وشهدت قاعات الاختبار حضورًا لافتًا من المتقدمين الذين أبدوا حرصهم على نيل شرف الانضمام لهذه اللجنة العريقة، مؤكدين أن عضويتها تمثل ذروة التميز العلمي في مجال علوم القرآن الكريم.
لجنة مراجعة المصحف.. أقدم لجنة في العالم العربي والإسلامي
تُعد لجنة مراجعة المصحف الشريف التابعة لمجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف، واحدة من أعرق وأهم اللجان العلمية المتخصصة في العالم الإسلامي. وقد تأسست اللجنة لتتولى مهام مراجعة المصاحف ومراقبة دقة طباعة النص القرآني قبل إصدار أي تصاريح رسمية بالنشر.
وتنحصر مهمة اللجنة في التثبت من سلامة النصوص المعروضة عليها وفقًا لقواعد الرسم العثماني والضبط الإملائي، والتزامها بالأحكام التجويدية الصحيحة، إلى جانب التحقق من مطابقة المصحف للقراءات القرآنية المتواترة، الأمر الذي يتطلب خبرات علمية فائقة في علوم القرآن والقراءات واللغة العربية.
كما أن عضوية اللجنة لا تُمنح إلا للعلماء الذين يتمتعون بكفاءة استثنائية ومعرفة راسخة بجميع فروع علوم القرآن، وهو ما يفرض إجراء اختبارات تحريرية وشفوية صارمة لضمان اختيار العناصر الأنسب.
رسالة الأزهر: صون القرآن من التحريف والخطأ
ويُعد دعم اللجنة بالخبرات الجديدة جزءًا من جهود الأزهر الشريف المستمرة في الحفاظ على قدسية المصحف الشريف، وتوفير أرقى درجات الموثوقية في كل ما يُطبع ويوزع من نسخ المصحف داخل مصر وخارجها.
وقد شدد الدكتور الجندي في تصريحاته على أن الأزهر الشريف لن يتهاون في أي خطأ قد يمس كتاب الله، مشيرًا إلى أن لجنة مراجعة المصحف تمثل خط الدفاع الأول عن قدسية النص القرآني، وهي تظل الجهة المرجعية المعتمدة لإصدار التصاريح وضمان جودة الطباعة.
اختبارات بشفافية تامة ومعايير دقيقة
أكد الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية أن عملية الاختيار تتم وفق معايير علمية دقيقة، وتُجرى في أجواء تتسم بالشفافية والحيادية الكاملة، بما يكفل انتقاء العناصر الجديرة بعضوية اللجنة دون مجاملة أو محاباة.
كما أشار إلى أن هذه الاختبارات ليست مجرد تقييم لقدرة المتقدمين على الحفظ أو التلاوة، بل تشمل أيضًا مدى إلمامهم بالتفاصيل الدقيقة لعلوم القرآن، وفهمهم لآليات الضبط والرسم والقراءات، ما يعكس تعقيد وحساسية المهام التي تضطلع بها اللجنة.
تعزيز دور الأزهر عالميًا في حفظ القرآن الكريم
تأتي هذه الجهود في سياق سعي الأزهر الشريف لتعزيز مكانته العالمية كمرجعية أولى في شؤون القرآن الكريم وعلومه فإلى جانب دوره في نشر الإسلام الوسطي وتعليم اللغة العربية، يُعد الأزهر مؤسسة رائدة في مجال ضبط المصاحف ومراجعتها، وهو ما يجعل لجنة مراجعة المصحف فيه محط أنظار الهيئات والمؤسسات الدينية داخل العالم الإسلامي وخارجه.
ويواصل الأزهر عبر هذه اللجنة أداء رسالته الخالدة في حفظ كتاب الله من كل خطأ أو تحريف، مؤكدًا أن خدمة القرآن تظل شرفًا لا يُضاهى، ومسؤولية لا تقبل التفريط.
تعكس هذه الاختبارات مدى جدية الأزهر ومجمع البحوث الإسلامية في اختيار الأجدر والأكفأ لحمل أمانة مراجعة المصحف الشريف، في تجسيد واضح لحرص المؤسسة الدينية الأعرق في العالم الإسلامي على صون النص القرآني وتقديمه للعالم بأبهى صورة من الدقة والضبط والجمال.