📢 أعلن على موقع اليوم الإخباري الآن – واجهتك المثالية للوصول إلى آلاف الزوار يوميًا 🔥 تواصل عبر واتساب +20 100 244 0441   |   أعلن الآن
عرب-وعالم

خاص لـ اليوم.. صحفي بغزة يقرأ صفحات الألم فيها

أين غزة بعد 443 من الحرب؟

📢 أعلن على موقع اليوم الإخباري الآن – واجهتك المثالية للوصول إلى آلاف الزوار يوميًا 🔥 تواصل عبر واتساب +20 100 244 0441   |   أعلن الآن

بعد عام وثلاثة شهور من الحرب تفاقمت الأزمة الإنسانية في قطاع غزة، ولم تترك آلة الحرب شاردة أو واردة فيها إلى طالها ألم مهلك، سُطِرَ على كل ذرة من ترابها فأضحى كتابًا كبيرًا عنوانه “المأساة والمعاناة”… في تغطية خاصة لموقع “اليوم” قررنا ألا نكتفي بالاقتراب من الصورة، وذهبنا لما هو أبعد ننشد أن نلمسها من الداخل، فكان حديثنا الخاص مع “محمود أسعد” أحد أبناء القطاع وشهود العيان على ما يحدث.

“محمود أسعد أبو حصيرة” هو مصور صحفي بقطاع غزة، عمل في الصحافة لأكثر من 12 عامًا، لمؤسسات صحفية مصرية وأجنبية ومحلية، كان متخصصًا في متابعة شؤون الزراعة في القطاع، ومنذ بدء الحرب يعمل على توثيق جرائم الاحتلال في غزة، ويصور يوميا مشاهد معاناة الناس في ظل الأوضاع المأساوية التي يعيشها القطاع.

تحدث من دير البلح في الزوايدة وتحديدا في شارع البحر (الرشيد)، بينما تضج من حوله أصوات صافرات الإسعاف، والضجيج وزحام الأصوات، وتحدث عن عملية الطعن التي نفذها أحد مقاومي القسام في جباليا، الخميس الماضي، مؤكدًا أن أبناءها وصلت إليهم في دير البلح، دون وجود آلية لتحري تفاصيلها.

لكن الأوضاع المعيشية المزرية التي سادت القطاع، كست نبرة صوته بكثير من اليأس، دفعه “للخروج عن المألوف” حسب وصفه، فقال: فيما يتعلق بأهل غزة سواء في الشمال أو الجنوب، جميعهم مستاء جدًا من وضع المقاومة، ويتمنون انتهاء الحرب بأي شكل، بغض النظر عن وجود أي عمليات أو نشاط عسكري في القطاع، وأعلم أن ما أقوله خارج عن النص، لكن الشعب هنا توقف عن الفرحة بأية عمليات للمقاومة، لرغبته في وقف إطلاق النار، ووقف نزيف الدم الفلسطيني المستمر، فالشعب لم يعد لديه قدرة على الاحتمال… “إستوى ع الآخر”- اختتم جملته بهذه الكلمة معبراً بها عن مأساوية الوضع في غزة.

وتابع حديثه: الشعب هنا لا يريد إنجازات للمقاومة، ولا أي شيء هو يريد أن تتوقف الحرب لأن الوضع مأساوي بما يفوق التخيلات، وليس كما يتصور البعض أن الأمور إيجابية، والشعب يسعد بعمليات المقاومة، “الناس استوت”، على الرغم مما يراه العالم من تحركات المقاومة.

وانتقل من وصف الوضع الذي تراه عينيه، ويسجله بالكاميرا كل يوم، إلى المطلب الذي يرجوه الآن، فتحدث باسم شعب غزة جميعهم، قائلًا: دعيني أقول متحدثًا باسم الشعب نحن نطالب بوقف الحرب، لأننا ننتظر منخفض جوي سيعم البلاد، والناس في الخيام لا تستطيع تدبير أمورها، فتموت من البرد والصقيع، وتموت أيضًا من القصف الإسرائيلي، ومن هنا لا يهمهم إنجازات المقاومة، إنما يهمهم إنجاز صفقة تبادل أسرى وإنهاء الحرب في أسرع وقت.

وبرؤية الإنسان الذي يثقله واقع المعاناة، عبر “أسعد” عن انفصال الحاضنة الشعبية عن تحركات المقاومة، ذلك أنه يعيش المعاناة قبل أن ينقلها، وعبر عما يعيش بكلماته حين قال: أنا واحد من الناس أعيش في خيمة وسط البرد والصقيع، ولا أستطيع تغطية أبنائي، كما أنني لا أتمكن من رؤية ابني الموجود في الشمال بينما أنا في الجنوب، ولم أره منذ ١٤ شهرًا، فنحن مشتتين ومنقسمين، كما أنني في الخيمة مساءً يعم صقيع شديد لا يتحمله إنسان، ونحن شعب يريد أن يحيا لذا لا نبحث اليوم عن البطولات.

انتصار مزعوم

إذ يعلن الاحتلال الانتصار على حماس وتدميرها، والقضاء على معظم قوتها وقياداتها، وسار على ذات المنوال وزيرالخارجية الأمريكي “أنتوني بلينكن”، حين تحدث عن مفاوضات وقف الحرب، ناصحًا حكومة “نتنياهو” بإيقاف الحرب والخروج من  غزة، معللًا ذلك بعدم تبقي أسباب لتواجدها بعد تدمير حماس؛ تحدث “أسعد” بكثير من الإحباط الذي يراه أمامه فقال: للأسف انتصار الاحتلال صحيح، فما نراه أن حماس فقدت قدرتها العسكرية، كما فقدت ما بين 70 – 80% من قياداتها الميدانية وعناصرها، وبالمثل فقدت قدرتها السياسية بالقطاع بفعل استهداف قياداتها، كما أن كل من يعلن انتماء لحماس أو تأييدها يتم استهدافه، وليس استهدافه وحده بل هو وعائلته.

وبذات النبرة المصبوغة بالألم، حلل إحدى عمليات القسام في جباليا، التي أجهز فيها أحد المقاومين على ضابط وثلاثة جنود طعنا بالسكين، قبل أن يغتنم أسلحتهم؛ فقال: تحليلي الشخصي أن المقاومة كان مشتبكًا مع قوة مترجلة للاحتلال، حتى نفدت ذخيرته، فاضطر لاستخدام السلاح الأبيض دفاعًا عن نفسه. وبموضوعية المصور الصحفي، لم يجزم بنفاد سلاح المقاومة، مؤكدًا أنه ما من أحد لديه القدرة على ذلك فلا تكتيكات المقاومة وتحركاتها ومخزوناتها من السلاح إلا هي.

الجانب الأخر من المأساة، الذي زاد كاهل “أسعد” ثقلًا، كان تغلغل جيش الاحتلال في مفاصل غزة إلى أقصى حد، فقال بذات الاحباط: جيش الاحتلال متغلغل في عمق القطاع، فيتواجد بجنوده وألياته العسكرية بين المدنيين، ومجموعات المستعربين متواجدة في قلب القطاع، ويعملون في جمع المعلومات الاستخبارية بأسلوب شديد التطور، وعلى الرغم من عدم تمكنهم من الوصول للأسرى لكنهم مازالوا يحاولون.

اتفاق وقف الحرب

كسى الرجاء نبرته مع تلك الصورة المأساوية، بينما يتحدث عن مفاوضات صفقة التبادل، مشجعًا حركة حماس على إبداء كثير من المرونة فيها، ولا بأس من التنازل عن بعض الشروط التي وضعتها في بداية الحرب، وصولا إلى هدف أعلى وأسمى وهو إيقاف سفك الدماء الفلسطينية، فقال: “كفى، كفى… فكل يوم عندنا مجازر، وكل يوم يقتل أطفالنا ونساءنا وشيوخنا وشبابنا”.

وبالطبع كان لابد للمأساة، التي طالت كامل القطاع وكل العائلات والبيوت، أن تطال المصور الصحفي الذي ينقلها بعدسته، ليكتمل الألم الذي قيد صوته بينما يقول: “بالأمس طال الاستهداف عائلتي، وراح ضحيته 5 من أبناء عمومتي، وأول أمس كذلك تم استهداف أقاربي، فقد استشهد من عائلتي ما يربو على 540 شهيدًا من عائلتي منذ بداية الحرب”.

ومن واقع الألم الذي يعيش عاد يرجو حماس بالتنازل عن بعض الشروط وإبداء بعض المرونة، لإنقاذ أهل غزة وحقن الدماء الفلسطينية، معللا ذلك بأن “آلية الاحتلال تزيد وحشيتها وتستعر بسفك المزيد من دماء أبناء شعبنا، فقد خسرنا الكثير ونتمنى انتهاء الحرب حتى لا نخسر أكثر، وحتى يعيش باقي الشعب ويتمكنون من إعادة بناء غزة”.

بإعادة إسرائيل احتلال قطاع غزة، كان الانسحاب منها أحد الشروط التي حازت قدر كبير من الجدل في وسائل الإعلام، لكن على المستوى الإنساني، كان انسحاب الاحتلال من غزة أمنية، عبر عنها “أسعد” بقوله: “نتمنى من الله أن ينسحب الاحتلال من غزة، وعودة الأوضاع لما كانت عليه قبل 2005، لكن للأسف لا يمكن لأحد أن يحدد ما ينتويه جيش الاحتلال وحكومته، وإذا ما كانوا سيعيدون الاستيطان للقطاع، ويبنون مستوطنات به مرة أخرى، فمطلبنا الثالث الذي نتمناه بعد إيقاف الحرب وعودة النازحين أن ينسحب الاحتلال من القطاع، لتعود الحياة ويتم إعادة إعمار القطاع، فقطاع غزة من السلك للسلك معرض للاحتلال بالكامل”.

العودة والإعمار

تعددت صفحات الألم التي ظهرت في صوت المصور الصحفي، مع كل نقطة جديدة ينتقل إليها في حديثه عن الأوضاع في غزة، وبذكر “إعادة الإعمار” فتح صفحة الدمار في القطاع، ليبدأ في قراءتها قائلًا: “قطاع غزة شبه مدمر بالكامل، فما بقي منه سوى 10% تقريبا من بنية الحياة فيه، كما لم يعد فيه مكانًا آمنا حتى في جنوب القطاع، حيث يمكن في أي لحظة يجد أحدنا دبابات الاحتلال أمامه، والموت الذي رآه الشعب في هذه الحرب لن ينسوه طيلة حياتهم”.

ومع رؤيته لضرورة إتمام صفقة تبادل أسرى ووقف الحرب، يرى “أسعد” أن الخطأ الوحيد الذي يمكن أن ترتكبه المقاومة في المفاوضات هو “عدم السماح بعودة المواطنين من الجنوب للشمال، فذلك كان الخطأ الكبير الذي حدث في الصفقة الماضية قبل نحو عام، لأن ذلك كان سيعوق توغل الاحتلال في مدينة غزة والشمال، ومن هنا يكون أكبر خطأ هو تسليم الأسرى دون عودة النازحين على الشمال”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights