معارك فكرية واتهام بالإلحاد.. صراعات العميد مع الأدباء والمفكرين

كتب- محمود عرفات
يشكل العميد طه حسين جزءا كبيرا من وجدان المصريين، فهو يعد من أبرز الأدباء والمفكرين في العصر الحديث، وقد تأثر به عدد من الأدباء والمفكرين أمثال نجيب محفوظ، وتوفيق الحكيم وغيرهما، وعلى الرغم من أنه ولد كفيفا إلا أنه صار أنموذجا يحتذى به في السعي الدؤوب نحو العلم، حتى حفر اسنه في قائمة وتاريخ المفكرين العالميين.
وفي هذا الصدد يلقي موقع وجريدة “اليوم” نظرة حول معارك العميد الفكرية، وذلك بعد إلقاء نظرة على الجوانب التي تأثر بها في مسيرته الأدبية، وذلك بمناسبة ذكرى وفاته.
جوانب مؤثرة
لم تخلُ حياة الأدباء من معارك فكرية، نتيجة احتكاكهم بالأدب والفكر، ولكن اطلاع العميد كان واسعا لم يتوقف عن الأدب العربي فحسب، بل تخطاه إلى غيره، فقد كان متأثرا بالثقافة الأوربية واليونانية والفرنسية، وهو ما أقره بذلك في إحدى لقاءاته المرئية حيث قال: “لقد تأثرتُ بكثير زعماء الثقافة القديمة اليونانية واللاتينية والأوربية والفرنسية، ومن زعماء الثقافة العربية.
الثقافة العربية ودور الأزهر
ويكمل: “كان أهم الذين تأثرتُ بهم من زعماء الثقافة العربية، المبرِّد من جهة، والجاحظ من جهة أخرى، إلى جانب الدروس الأدبية التي تعلمتها في الأزهر على يد الأستاذ الشيخ سيد علي المرصفي، والذي قرأ لنا ديوان الحماسة، وقرأ لنا كتاب الكامل للمبرد، وكتاب الأماني لأبي علي القالي، وكل هذا أثر في حياتي تأثيرا أدبيا”.
مآخذ على العميد
كان هناك عدد من المآخذ على العميد، والتي صداها ذا أثر حتى الآن، وذلك يرجع إلى أنه كان يدعو إلى الأوربة، ومما كان له صدى حينما ذكره في أحد كتبه أنه قال بانعدام وجود دليل على وجود النبيين إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام، ذلك فضلا عن زيارتهما الحجاز ورفعهم الكعبة، وفي هذا الصدد يقول في أحد كتاباته: “للتوراة أن تحدثنا عن إبراهيم وإسماعيل، وللقرآن أن يحدثنا عنهما، ولكن هذا لا يكفي لصحة وجودهما التاريخي”.
ومن جملة المآخذ أيضا أنه اُنتقد لمساندته عبد الحميد بخيت إمام الأزهر في فتوى جواز الإفطار في نهار رمضان لمن يجد أدنى مشقة، واتهم آنذاك بالكفر والإلحاد.
ردود الأدباء والمفكرين
قام عدد من الأدباء والمفكرين بالرد على ما أثاره العميد، فقد ألفوا كتبا في هذا الشأن، حيث ألف مصطفى صادق الرافعي كتاب “تحت راية القرآن”، وذلك ردا على كتاب في الشعر الجاهلي، وبعد أن أصدر العميد كتاب مستقبل الثقافة في مصر، رد عليه بكتاب بين القديم والجديد، فقد بلغ عدد الكتّاب والأدباء الذين ردوا على طه حسين إلى الحد الذي دعا الأديب إبراهيم عوض أن يصنف مؤلفًا جمع فيه أقوال النقاد سماه «معركة الشعر الجاهلي بين الرافعي وطه حسين».
وكان من بين مَن رد على العميد الشيخ سيد قطب، والذي بدوره قام بتأليف كتاب أسماه «نقد كتاب مستقبل الثقافة في مصر لطه حسين»، وأنور الجندي أيضا ألف كتابا للرد عليه أسماه «محاكمة فكر طه حسين».
ومن أهم الأبحاث التي تناولت موقف ما يقوله طه حسين من التراث الإسلامي بحث خالد العصيمي «مواقف طه حسين من التراث الإسلامي».
تراجع عن الآراء
رد وائل حافظ على العميد في كتابه أسماه «مجمع البحرين في المحاكمة بين الرافعي وطه حسين»، ونوه في نهايته إلى أن أن طه حسين قد رجع عن رأيه في الشعر الجاهلي بمقالة كتبها، مستدلاً بقول العلامة محمود محمد شاكر في «رسالة في الطريق إلى ثقافتنا: «قد بينّت في بعض مقالاتي أن الدكتور طه قد رجع عن أقواله التي قالها في الشعر الجاهلي، بهذا الذي كتبه، وببعض ما صارحني به بعد ذلك، وصارح به آخرين، من رجوعه عن هذه الأقوال، ولكنه لم يكتب شيئا صريحًا يتبرأ به مما قال أو كتب، وهكذا كانت عادة «الأساتذة الكبار» يخطئون في العلن، ويتبرأون من خطئهم في السر».