أعلنت دار الإفتاء المصرية الانتهاء من استعداداتها النهائية لاستضافة فعاليات المؤتمر العالمي العاشر للإفتاء، الذي تنظمه الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم، والمقرر انعقاده في القاهرة يومي 12 و13 أغسطس المقبل، تحت عنوان: “صناعة المفتي الرشيد في عصر الذكاء الاصطناعي”.
ويُعد هذا المؤتمر تتويجًا لعقدٍ كامل من العمل المؤسسي الذي أسسته الأمانة العامة منذ عام 2014، حيث أصبحت مظلة دولية تضم 111 مؤسسة إفتائية من مختلف قارات العالم.
10 أعوام من الريادة الإفتائية
الأمانة العامة لدور الإفتاء: من التأسيس إلى التحول الرقمي
يتزامن انعقاد هذا المؤتمر مع الذكرى العاشرة لتأسيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم، التي نجحت على مدار عقد كامل في بناء جسور التعاون والتنسيق بين المؤسسات الإفتائية، وتعزيز الأداء الفقهي عبر ممارسات مؤسسية حديثة.
وفي هذا الإطار، قال فضيلة الدكتور نظير عياد، مفتي الجمهورية ورئيس الأمانة العامة:
“المؤتمر هذا العام يعكس إدراكنا العميق للتغيرات التكنولوجية الكبرى التي يمر بها العالم، وضرورة إعداد مفتي مؤهل قادر على التعامل مع هذه التحديات بمهنية شرعية ورؤية عقلانية”.
وأكد فضيلته أن الهدف المحوري من المؤتمر هو صياغة رؤية متكاملة لصناعة مفتي يمتلك المهارة الشرعية والعلمية، إلى جانب أدوات العصر الرقمي والذكاء الاصطناعي، بما يضمن بقاء الفتوى في قلب التحولات المجتمعية والتقنية دون الإخلال بالثوابت الدينية.
الذكاء الاصطناعي والفتوى: تحديات وفرص
جدول أعمال المؤتمر يناقش التكوين العلمي والضوابط الرقمية والمنصات التفاعلية
خلال يومين من المناقشات العلمية والحوارات التخصصية، سيبحث المشاركون في المؤتمر عددًا من المحاور الحيوية، أبرزها:
التكوين العلمي والمهني للمفتي الرشيد في العصر الرقمي.
أدوات الذكاء الاصطناعي في خدمة الفتوى وضوابط استخدامها.
التفاعل بين المؤسسات الإفتائية والمنصات الرقمية العالمية.
عرض تجارب ناجحة لبعض دور الإفتاء في دمج التكنولوجيا بالخدمة الإفتائية.
وأوضح مفتي الجمهورية أن المؤتمر سيحمل بُعدًا تطبيقيًّا، حيث سيتم عرض نماذج عملية ومبادرات رقمية إفتائية، ما يعكس الرغبة في الانتقال من مرحلة التنظير إلى مرحلة التنفيذ.
حضور دولي ومبادرات رقمية نوعية
مفتون ووزراء وخبراء من أكثر من 100 دولة يؤكدون عالمية المؤتمر ومصداقية الرؤية المصرية
من جانبه، أعلن الدكتور إبراهيم نجم، الأمين العام لدور وهيئات الإفتاء في العالم، أن المؤتمر سيشهد مشاركة دولية واسعة النطاق، من كبار المفتين، والعلماء، والوزراء، والخبراء في الشأنين الديني والتكنولوجي، في خطوة تعكس المكانة العالمية التي وصلت إليها دار الإفتاء المصرية.
وأضاف د. نجم:
اختيار عنوان المؤتمر لم يكن اعتباطًا، بل هو ثمرة وعي حقيقي بضرورة إحداث تحول نوعي في تشكيل المفتي العصري، ليكون قادرًا على الجمع بين التراث والتجديد، وبين المنهج الفقهي الرصين والتقنية الحديثة.
وأشار نجم إلى أن المؤتمر سيتضمن إعلان عدد من المبادرات النوعية، من بينها:
إطلاق منصات رقمية إفتائية تفاعلية تستفيد من تقنيات الذكاء الاصطناعي.
توقيع بروتوكولات تعاون مع جهات دولية لدعم التكامل العالمي في المجال الإفتائي.
ورش عمل مصغرة لإعادة بناء منظومة الإفتاء التقليدية بآليات رقمية متقدمة.
نحو مستقبل رقمي للفتوى
دار الإفتاء المصرية تقود التحول الإفتائي العالمي بعقلية علمية منفتحة
لا شك أن مؤتمر هذا العام يمثل نقطة انطلاق جديدة نحو “إفتاء رقمي رشيد”، تتكامل فيه الأصالة الفقهية مع الابتكار التقني ففي ظل الطفرة الرقمية التي يشهدها العالم، لم تعد الفتوى قادرة على ممارسة دورها في التوجيه المجتمعي والتنوير الفكري، إلا إذا ارتكزت على فهم متين لأدوات العصر وأخلاقياته.
إن انخراط دار الإفتاء في هذا المشروع الطموح، ومشاركتها النشطة في صياغة الفضاء الإفتائي الرقمي، يعكس وعيها بالدور الحيوي الذي تلعبه في تصحيح المفاهيم، ومواجهة الفوضى الفقهية، ومخاطر الفتاوى العشوائية المنتشرة عبر الفضاء الإلكتروني.
مصر على خريطة القيادة الدينية العالمية
المؤتمر يؤكد مكانة القاهرة كعاصمة دينية عالمية ذات رؤية مستقبلية
باستضافة القاهرة لهذا الحدث العالمي الفريد، يتأكد مجددًا موقع مصر كمركز إشعاع ديني وعلمي، قادر على بناء مستقبل الإفتاء عالميًّا، ليس فقط عبر خطاب تقليدي، بل من خلال خطاب “رقمي واعٍ”، يعكس فقه العصر ومتطلبات الناس، ويستثمر في الذكاء الاصطناعي دون أن يتخلى عن القيم الثابتة.
