مفتي الجمهورية .. التقدم العلمي والتحضر لا يغنيان عن الحاجة إلى الدين

أكد الدكتور نظير عياد، مفتي الديار المصرية، أن التقدم العلمي والتحضر لا يغنيان عن الحاجة إلى الدين، بل إن العلاقة بين العلم والدين تكاملية، حيث جعل الإسلام العلم أساسًا للخلافة في الأرض، مستدلًا بقول الله تعالى: “وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ”، مما يوضح أن العلم هو الفارق الجوهري بين الإنسان والملائكة.
لا تعارض بين العلم والدين
وأوضح الدكتور نظير عياد، خلال لقائه في برنامج “مع المفتي” على قناة الناس، أن البعض يتوهم وجود تعارض بين العلم والدين، في حين أن الإسلام جعل العلم ركيزة أساسية في بناء الحضارة الإنسانية، حيث بدأت الرسالة الإسلامية بالدعوة إلى القراءة: “اقرأ باسم ربك الذي خلق”.
وأكد أن العلم هو السبيل لتحقيق الخلافة في الأرض، كما يظهر في قصة خلق آدم عليه السلام، حيث كان تفوقه على الملائكة بسبب العلم الذي وهبه الله له.
العلم بلا دين يؤدي إلى الاستبداد
وتساءل المفتي: “هل يمكن للتمدن والتحضر تحقيق كل شيء دون الحاجة إلى الدين؟”، مؤكدًا أن العلم بلا دين يؤدي إلى الاستبداد.
وأشار إلى أن كثيرًا من الاكتشافات العلمية الحديثة، عندما ابتعدت عن القيم الدينية والأخلاقية، ظلمت الإنسانية، وخلقت تفاوتًا كبيرًا بين الأمم، حيث حقق العلم الرفاهية لفئات معينة، لكنه تسبب في معاناة أمم أخرى، بل إن بعض الحضارات حوّلت شعوبًا كاملة إلى حقول تجارب، دون مراعاة لكرامة الإنسان.
أخلاقيات المهنة بين الدين والحضارة الحديثة
وأضاف المفتي أن الدين هو الذي يُلزم العالم بالأخلاق المهنية، فمثلًا الطبيب يجب أن يلتزم بأخلاقيات مهنته، فلا يكشف أسرار المرضى ولا يصف أدوية لا تحقق الشفاء، بل يتحلى بالأمانة والإنسانية في تعامله.
وعلى النقيض، أشار إلى أن الحضارة الحديثة، رغم تقدمها، أصبحت قاسية وظالمة ومستبدة، موضحًا أن بعض الأوبئة والفيروسات صُنعت بهدف تقليص عدد سكان العالم إلى ما يسمى بـ”المليار الذهبي”، في تجاهل صارخ لحقوق الإنسان والعدالة.
الإسلام جمع بين العلم والدين لتحقيق الحضارة
وأكد المفتي أن الحضارة العربية الإسلامية تمكنت، في أقل من 100 عام، من الوصول إلى الصين غربًا والأندلس شرقًا، لأنها أدركت العلاقة المتوازنة بين العلم والدين، حيث كان الدين دافعًا وضابطًا وموجهًا للعلم، مما دفع المسلمين إلى البحث والتنقيب وأخذ أسباب التقدم.
السيطرة على موارد الكون مسؤولية إسلامية
وأشار إلى أن المسلم مكلف بالسيطرة على موارد الكون واستغلالها بما يحقق الرفاهية للبشرية، لأن الإسلام يدعو إلى التقدم والتحضر في إطار الحفاظ على الأخلاق والقيم.
وحذر من أن الحضارة المادية الحديثة، التي تركز على المادة فقط، أضرت بالبيئة، واستباحت القيم الإنسانية، بل وصلت إلى تبني أفكار مثل “الموت الرحيم”، التي لا تراعي للإنسانية كرامة.
وختم المفتي حديثه بالتأكيد على أن الإسلام حقق المعادلة المتوازنة بين العلم والدين، بحيث يكون العلم أداة للبناء وليس للهدم، وأن الدين هو الذي يحمي الإنسانية من استبداد العلم المجرد من الأخلاق.