تقارير-و-تحقيقات

نجاح أم إخفاق؟.. تقييم البرنامج العلاجي لمحو الأمية في أسيوط

كتب- طارق فتحي عمار

أطلقت وزارة التربية والتعليم في ظل الجهود المستمرة للنهوض بالتعليم في مصر، برنامجًا علاجيًا لتعزيز مهارات القراءة والكتابة لدى التلاميذ الضعاف في المدارس الابتدائية. محافظة أسيوط، التي تُعد من المحافظات الريفية ذات الكثافة السكانية العالية، كانت واحدة من المناطق المستهدفة بهذا البرنامج. لكن بعد فترة من التطبيق، يثار التساؤل: هل حقق البرنامج أهدافه؟

أرض الواقع: ما الذي تم إنجازه؟

بحسب البيانات الرسمية، تم تنفيذ البرنامج العلاجي في العديد من مدارس أسيوط، مستهدفًا التلاميذ الذين يعانون من صعوبات في القراءة والكتابة. تم تدريب المعلمين على أساليب تدريس مكثفة تعتمد على التكرار والتدريبات العملية، مع توفير كتب خاصة تهدف إلى تبسيط المحتوى الدراسي.

أحد المسؤولين في مديرية التربية والتعليم بأسيوط صرح قائلًا:

“لقد سعينا إلى سد الفجوة التعليمية عبر أساليب تدريس تفاعلية تعتمد على مشاركةالتلاميذ وتحفيزهم بدلاً من الطرق التقليدية.

آراء المعلمين: بين التفاؤل والمعوقات

تحدثنا مع عدد من المعلمين الذين طبقوا البرنامج العلاجي داخل الفصول، وكان هناك تفاوت في آرائهم حول مدى نجاحه.

الأستاذة منى عبد الرحمن، معلمة لغة عربية بإحدى المدارس الابتدائية بأسيوط، قالت:

“البرنامج مفيد في الأساس، لكنه يواجه تحديات كبيرة مثل ارتفاع كثافة الفصول، ممايجعل من الصعب تقديم متابعة فردية لكل طالب ضعيف.

في المقابل، يرى بعض المعلمين أن البرنامج بدأ يؤتي ثماره مع الطلاب الذين تلقوا دعماً مستمراً من أسرهم.

الأستاذ محمد حسن، معلم بمدرسة أخرى، أضاف:

“لاحظنا تحسنًا لدى بعض الطلاب، لكن المشكلة الحقيقية أن بعضهم لا يحصل علىالممارسة الكافية في المنزل، مما يجعل تقدمهم بطيئًا.

آراء الموجهين التربويين: تقييم من داخل الميدان

من ناحية أخرى، أكد عدد من الموجهين التربويين أن البرنامج العلاجي يمثل خطوة مهمة لكنه بحاجة إلى تعديلات لضمان فاعليته على نطاق أوسع.

الموجه التربوي أحمد البدري أوضح:

“لا يمكننا القول بأن البرنامج فشل، لكنه يحتاج إلى تطوير مستمر. المشكلة الرئيسيةتكمن في غياب الحوافز لدى بعض المعلمين، بالإضافة إلى ضعف مشاركة أولياء الأمورفي دعم أبنائهم.

أما الموجهة هدى إبراهيم فقد شددت على ضرورة تخفيف المناهج قائلة:

“التلاميذ يعانون بالفعل من صعوبة المناهج، لذلك فإن تخصيص وقت إضافي لبرنامجعلاجي دون تخفيف العبء الأساسي قد يزيد من إرهاقهم.

الطلاب بين التحدي والإنجاز

أحد التلاميذ، أحمد سعيد، في الصف الرابع الابتدائي، قال لنا:

“كنت لا أستطيع قراءة الكلمات جيدًا، لكن بعد التدريب مع المعلم أصبحت أقرأأفضل.

بينما أشارت الطالبة هاجر مصطفى، في الصف الخامس، إلى أنها ما زالت تجد صعوبة في الكتابة لكنها بدأت تتحسن.

التوصيات والمقترحات

من خلال هذا التحقيق، توصلنا إلى مجموعة من التوصيات التي قد تسهم في إنجاح البرنامج العلاجي لمحو الأمية بين تلاميذ المدارس الابتدائية بأسيوط:

1. توفير حصص علاجية إضافية بأعداد أقل من التلاميذ لزيادة التفاعل الفردي.

2. إشراك أولياء الأمور في العملية التعليمية من خلال ورش عمل حول كيفية دعم أبنائهم في المنزل.

3. تقديم حوافز للمعلمين الذين يحققون تحسنًا ملموسًا مع التلاميذ الضعاف.

4. إعادة تقييم المناهج التعليمية بحيث تكون أكثر ملاءمة لقدرات التلاميذ المتأخرين دراسيًا.

5. توسيع البرنامج ليشمل أنشطة لا منهجية تساعد الأطفال على تطوير مهاراتهم اللغوية بطريقة أكثر تحفيزًا.

ختاماً

على الرغم من أن البرنامج العلاجي قد حقق بعض النجاح، إلا أن هناك تحديات تحتاج إلى حلول مبتكرة لضمان حصول كل تلميذ على فرصة عادلة لتعلم القراءة والكتابة. لا تزال الجهود مستمرة في أسيوط، ويبقى السؤال مطروحًا: هل ستشهد الفترة القادمة تحسنًا ملموسًا في مستوى التلاميذ الضعاف أم أن التحديات ستظل تعرقل مسيرة التطوير؟

هذا ما ستكشفه الأيام القادمة!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى