لواء د. رضا فرحات نائب رئيس حزب المؤتمر في حواره لـ«اليوم»: نصر أكتوبر نقطة تحول تاريخية غيرت مسار الأمة

لواء د. رضا فرحات نائب رئيس حزب المؤتمر
النصر عزز مكانة مصر كقوة إقليمية..وأحدث تحولًا استراتيجيا في توازن القوى بالمنطقة»
العمال والفلاحين ساهموا في دعم الجيش..والنساء تبرعن بالدم»
للمحاربين القدامى مكانتهم والدولة تعمل على دعمهم صحيًا واجتماعيًا
حوار ـ إسلام عبدالرحيم:
قال اللواء د. رضا فرحات، نائب رئيس حزب المؤتمر، وأستاذ العلوم السياسية، إن نصر أكتوبر 1973 كان نقطة تحول تاريخية بالنسبة لمصر وشعبها، حيث استعاد المصريون ثقتهم بأنفسهم بعد هزيمة 1967 وشعروا بأن تضحياتهم لم تذهب سدى و أثر هذا النصر بشكل عميق على الحياة العامة في مصر، حيث عزز الوحدة الوطنية والروح المعنوية لدى الشعب والذي كان تجسيدا للإرادة الوطنية والصمود كما كان للجبهة الداخلية دور حاسم، حيث توحد الشعب بمختلف طبقاته خلف الجيش والقيادة السياسية مشيرا إلى أن نصر أكتوبر اليوم سيظل رمزا للفخر الوطني.. وإلى نص الحوار:
ـ برأيك .. ما أثر نصر أكتوبر على الحياة العامة لشعب مصر؟
نصر أكتوبر 1973 كان لحظة فارقة في تاريخ الشعب المصري، حيث شكل تحولا جذريا على مختلف الأصعدة الاجتماعية، الاقتصادية والسياسية فعلى الصعيد الاجتماعي، استعاد المصريون ثقتهم بأنفسهم بعد هزيمة 1967، وشعر المواطن العادي أن التضحيات التي قدمت لم تذهب هباء، وأن الجيش المصري استعاد كرامته الوطنية وكبرياءه، مما ساهم في تعزيز الروح المعنوية لدى جميع فئات المجتمع كما شعرت الأسر المصرية بالفخر بسبب إسهام أبنائها في تحقيق النصر، سواء من كانوا جنودا في الميدان أو مدنيين يدعمون الجبهة من الداخل.
ـ هل أحدث انتصار أكتوبر انفتاحًا على المستوى الاقتصادي؟
من الناحية الاقتصادية، فتح نصر أكتوبر الباب أمام مبادرات اقتصادية جديدة، مثل مشروعات إعادة إعمار قناة السويس بعد إعادة فتحها، وتطور البنية التحتية في سيناء كما أدى هذا النصر إلى جذب الاستثمارات الأجنبية لاحقا، ورفع مستوى الثقة بالاقتصاد المصري وعلى الصعيد السياسي، أعطى النصر للدولة المصرية قدرا كبيرا من الاحترام على الساحة الدولية.
كذلك عززت الحرب مكانة مصر كقوة إقليمية قادرة على التأثير في القرارات المصيرية كما ترك النصر أثرا نفسيا كبيرا على الشعب المصري، الذي شعر بأن التضحيات التي قدمت من أجل استرداد الأرض كانت تجسيدا للإرادة الوطنية وتغيرت النظرة إلى الجيش المصري وأصبح ينظر إليه كحامي الوطن والمدافع عن كرامته، وهذا الشعور أثر بشكل مباشر على حالة التماسك المجتمعي والروح الوطنية التي انتشرت في كل بيت مصري.
ـ ماذا عن دور القيادة السياسية ممثلًا في مفاوضات استعادة الأرض؟
لعبت القيادة السياسية بقيادة الرئيس الراحل أنور السادات، دورا محوريا في تحقيق نصر أكتوبر، فبعد النجاح العسكري الكبير الذي حققه الجيش المصري على الجبهة، وأدرك السادات أن النصر لن يكتمل إلا بمفاوضات سياسية ذكية تستعيد الأرض المصرية بالكامل وكان اختياره للدخول في مفاوضات مع الجانب الإسرائيلي من خلال محادثات السلام، خطوة استثنائية وضرورية لتحقيق أهداف مصر العليا وبدأت المفاوضات بقرار وقف إطلاق النار بعد النصر العسكري.وتوجت باتفاقية “كامب ديفيد” عام 1978، التي بموجبها استعادت مصر سيادتها الكاملة على شبه جزيرة سيناء عام 1982 وكانت هذه المفاوضات عملية صعبة ومعقدة، حيث تطلبت مهارات دبلوماسية عالية، وقدرة على التفاوض في بيئة دولية معقدة ودعم السادات هذه المفاوضات بعمل دبلوماسي، مما أسهم في وضع حلول سلمية للصراع العربي-الإسرائيلي، وكانت هذه الاتفاقية نقطة تحول في تاريخ المنطقة.
ـ ما دور الجبهة الداخلية في دعم الجيش؟
كان دور الجبهة الداخلية في دعم الجيش المصري خلال حرب أكتوبر محوريا وحاسما حيث توحدت كل فئات الشعب المصري خلف القيادة السياسية والعسكرية وساهم العمال والفلاحون في تقديم الدعم اللوجستي للجيش، سواء من خلال توفير المواد الغذائية أو المشاركة في الأنشطة الاقتصادية التي تدعم الجبهة.كما ساهمت النساء في تنظيم حملات التبرع بالدم وتجهيز المستشفيات الميدانية، وكانت هناك روح عالية من التعاون المجتمعي، حيث لم يكن هناك تمييز بين الأغنياء والفقراء أو بين الطبقات الاجتماعية المختلفة، الجميع كانوا يد واحدة في مواجهة العدو بالإضافة إلى ذلك، لعب الإعلام دورا كبيرا في رفع الروح المعنوية، ونقل الصورة الحقيقية لما يحدث في الجبهة للمصريين ، وكان هناك شعور مشترك بين الشعب أن النصر لا يمكن أن يتحقق إلا بتضامن الجميع حتى على مستوى الأطفال، تشكلت روح وطنية جديدة، جعلت الأجيال التالية تتربى على فكرة الاستعداد للتضحية في سبيل الوطن.
ـ ما إيجابيات نصر أكتوبر والدور المصري في المنطقة؟
على الصعيد الإقليمي والدولي، أحدث نصر أكتوبر تحولا استراتيجيا في توازن القوى بالمنطقة، حيث برهن على أن القوة العسكرية العربية، ممثلة في الجيش المصري، قادرة على إحداث تغيير جذري في الصراع مع إسرائيل و أصبح لمصر دور ريادي في قيادة العالم العربي واستعادة الكرامة العربية، حيث كانت هذه الحرب أول انتصار عسكري عربي على إسرائيل منذ قيامها كما أعطى النصر لمصر دورًا محوريًا في العلاقات الدولية، حيث أصبحت شريكا أساسيا في أي محادثات تتعلق بمستقبل المنطقة، وعاد لمصر نفوذها الدبلوماسي في محافل الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية،
ـ ماذا يحتاج قدامى المحاربين .. وكيف يمكن دعمهم؟
تعمل الدولة المصرية على دعم قدامى المحاربين من خلال تقديم بعض الامتيازات والخدمات، مثل تخفيضات على وسائل النقل العامة، والإعفاءات الضريبية، وتوفير فرص إسكان ميسر وكل هذه الجهود تحتاج إلى تعزيز وتطوير لتلبية الاحتياجات المتزايدة لهؤلاء الأبطال، الذين يستحقون حياة كريمة تعبر عن التقدير الحقيقي لتضحياتهم فهم يمثلون فئة مهمة من المجتمع المصري، ويستحقون كل الرعاية والدعم لما قدموه من تضحيات من أجل الوطن ومن أبرز احتياجات قدامى المحاربين استمرار توفير الرعاية الصحية المتكاملة.
وفيما يتعلق بالدعم الصحي والاجتماعي، فإن كثيرًا منهم يواجه مشكلات صحية تتطلب علاجا دوريا ودعما طبيا متخصصا، وتوفير التأمين الصحي الشامل لهم ولأسرهم أمر بالغ الأهمية، بالإضافة إلى تقديم الدعم النفسي والاجتماعي للتعامل مع تبعات الحرب كما يجب أن تكون هناك برامج تدريبية وتأهيلية لمساعدتهم على الاندماج في الحياة العملية بعد التقاعد من الخدمة العسكرية وبعضهم قد يحتاج إلى برامج إعادة تأهيل للتكيف مع الحياة المدنية بعد سنوات من الخدمة العسكرية.
في النهاية؛ يمكن القول: “إن نصر أكتوبر كان لحظة مجيدة في تاريخ مصر، لم يقتصر تأثيره على الجانب العسكري فقط، بل شمل جميع جوانب الحياة العامة وقد أظهرت القيادة السياسية والشعب المصري قوة تماسكهما، مما أسهم في استرجاع الأرض وتحقيق الكرامة الوطنية”.