هل ينجح قانون الأحوال الجنائية الجديد في حل مشكلة تشابه الأسماء؟

تسعى الحكومة المصرية إلى معالجة مشكلة تشابه الأسماء، التي أرهقت المواطنين لسنوات طويلة، من خلال قانون جديد للأحوال الجنائية.
مشروع القانون الجديد الذي أحيل لمجلس النواب من قبل الحكومة مؤخرًا، يتضمن في بنوده المعاناة التي يعانيها الأشخاص المتضررون من تشابه أسمائهم مع أشخاص مطلوبين للعدالة، أو متورطين في جرائم، ورغم كون بنود المادة 107 بمشروع القانون تهدف إلى إنهاء هذه المعاناة، إلا أن التساؤلات ما تزال قائمة حول مدى فعالية هذا القانون في القضاء على هذه المشكلة بشكل كامل.

تشابه الأسماء في أوامر الضبط والإحضار وأثره على المواطنين
يقول ممدوح عبد الحكيم، محامٍ جنايات في تصريحات خاصة لليوم الإخباري: ” في السابق كانت حالات القبض على أشخاص أبرياء تتكرر بسبب تشابه أسمائهم مع آخرين متهمين في قضايا جنائية، ما يتسبب لهم بضرر نفسي واجتماعي وأحيانًا بخسائر مادية، إذ قد يجد هؤلاء الأشخاص أنفسهم موقوفين دون أن يكونوا متورطين بأي جريمة”.
وأشار عبد الحكيم إلى أن المشكلة لم تكن ناتجة عن تقصير الأجهزة الأمنية بقدر ما هي تحديات تواجه النظام التقليدي المستخدم في تحديد الهوية، والذي يعتمد بشكل رئيسي على الاسم الثلاثي أو الرباعي.

التحديثات الجديدة بمشروع القانون المصري

وافقت لجنة الشئون الدستورية والتشريعية ولجنة حقوق الإنسان بمجلس النواب على تعديل عنوان الفصل السادس بقانون الأحوال الجنائية الجديد، حيث تتضمن المواد المعدلة بالتأكيد على حق النيابة العامة في إصدار أوامر الضبط والإحضار بالإضافة للأمر بالقبض وذلك بالمادتين279 و280 من المشروع.
ويؤكد خبراء القانون الجنائي على إن مشروع قانون الأحوال الجنائية الجديد قفز قفزة كبيرة في هذا المجال، إذ ينص على استخدام الرقم القومي كوسيلة أساسية للتحقق من هوية المواطنين، بجانب اعتماد قاعدة بيانات متقدمة تربط بين الرقم القومي والسجل الجنائي لكل شخص، إضافة إلى ذلك، يتضمن النظام الإلكتروني الحديث بيانات حيوية مثل بصمات الأصابع وبصمة العين، مما يقلل من احتمالات حدوث الخطأ.
اعتماد الرقم القومي كوسيلة للتحقق من هوية المواطنين
ينص القانون الجديد على اعتماد الرقم القومي للمواطنين كمعرّف أساسي لتجنب التشابه في الأسماء، ويعتمد هذا الإجراء على قاعدة بيانات موحدة تربط الرقم القومي بسجل الأحوال الجنائية، بما يضمن التحقق من الهوية بشكل دقيق قبل اتخاذ أي إجراء قانوني.
نظام إلكتروني متكامل
تحدث محمد عبد العزيز، وكيل لجنة لجنة حقوق الإنسان بمجلس النواب عن انتهاء أزمة تشابه الأسماء في قانون الإجراءات الجنائية الجديد،مضيفاً بأنه سيتم إضافة الرقم القومي ورقم الهاتف للمتهم بالمحضر، كما أشار عن تحديث النظام الإلكتروني للسجلات الجنائية بوزارة الداخلية بحيث تتضمن الأسم رباعي مع الرقم القومي، ويتم فحص ومطابقة الهوية باستخدام البيانات الحيوية (بصمات الأصابع والعين) لضمان الدقة في تحديد الأشخاص المطلوبين، وذلك بهدف تسهيل عمليات البحث والتدقيق بشكل أسرع وأكثر كفاءة، وتقليل نسبة الخطأ البشري.
تدريب الكوادر الأمنية
من المقرر قيام وزارة الداخلية بتخصيص برامج تدريبية لرفع كفاءة رجال الشرطة في التعامل مع النظام الجديد، وفهم آلية التحقق من البيانات باستخدام الرقم القومي، وذلك لتجنب أي خطأ قد يؤدي إلى احتجاز شخص بريء.
آليات للطعن والاستئناف
يتيح القانون الجديد للمواطنين المتضررين من أخطاء التشابه تقديم شكاوى للطعن والاستئناف بسرعة وسهولة، عبر وحدات مختصة في مراكز الشرطة، تقوم بفحص الشكوى والتحقق من الهوية على الفور.
ردود فعل إيجابية
من المتوقع أن يسهم القانون الجديد في تخفيف المعاناة عن كثير من المواطنين الذين كانوا يتعرضون لمواقف صعبة بسبب تشابه الأسماء، وأن يسهم في بناء ثقة أكبر بين المواطن والأجهزة الأمنية، كما أنه يحقق طفرة في استخدام التكنولوجيا لتطوير الخدمات القانونية وتحقيق العدالة الناجزة.

ويؤكد خبراء القانون أن هذا التطوير سيسهم في تسهيل حياة المواطنين، ويجنبهم الوقوع ضحية للخطأ، ووفقاً لممدوح عبد الرحيم، المختص في قضايا الجنح والجنايات، فإن القانون خطوة ممتازة، لكنه يرى أن تطبيقه يتطلب تدريب الكوادر بشكل متواصل لضمان استيعابهم للتقنيات الحديثة والتعامل مع البيانات الشخصية بحذر.
من جانبه، يأمل المواطنون بأن يسهم القانون الجديد في إنهاء معاناتهم، حيث يقول محمد كمال، وهو مواطن من محافظة سوهاج، إنه تعرض سابقًا لموقف محرج بسبب تشابه اسمه مع شخص مطلوب للعدالة، ويضيف: “أرجو أن ينهي هذا القانون هذه المعاناة نهائيًا؛ لقد عانيت أنا وعائلتي من سوء الفهم كثيرًا.”
ويبقى السؤال قائماً حول قدرة القانون على تقديم حل جذري لمشكلة تشابه الأسماء في جميع أنحاء مصر، فالخبراء والمواطنون على حد سواء يأملون أن يسهم القانون في تعزيز الثقة بالنظام الجنائي وتحقيق العدالة بأقل نسبة من الأخطاء، لكنهم يعترفون بأن نجاحه يعتمد على تحديث البنية التحتية وإجراء تدريبات متكررة للكوادر الأمنية لتطبيق القانون بفعالية وشفافية.